نور تريندز / التقارير الاقتصادية / هل ستنجح الشركات الرقمية الأمريكية في دعم الاقتصاد العالمي؟
الاقتصاد العالمي، كورونا، الركود

هل ستنجح الشركات الرقمية الأمريكية في دعم الاقتصاد العالمي؟

تظهر البيانات الأمريكية الأخيرة ارتفاع طلبات الحصول على أرقام تعريف صاحب العمل اللازمة لبدء أعمال تجارية جديدة بنسبة 18.5% في عام 2020 مقارنة بعام 2019.

وبالطبع، ستفشل العديد من هذه الشركات الجديدة، فمعظمها سيعاني الفشل.. لكن إذا استمرت الاتجاهات التاريخية، فإن هذا التدمير الإبداعي لرؤية الاقتصادي جوزيف شومبيتر ، سيترك المشهد الاقتصادي مختلفا تماما بعد كوفيد-19.

ويمكن النظر أولا إلى الأعمال الجديدة، التي لم يظهر أي إحصاء رسمي لنوعية أعمالها بعد، لكن من العدل أن يكون العديد منها رقمي بدرجة كبيرة، وفقا لما ذكرته الكاتبة رنا فروهر، في مقال نشرته صحيفة “فاينانشيال تايمز” البريطانية.

ومن المحتمل أن تحتفظ تلك المؤسسات بجزء كبير من القيمة في الأصول غير الملموسة، مثل البحث والتطوير أو العلامات التجارية أو المحتوى أو البيانات أو براءات الاختراع أو رأس المال البشري، بدلا من الأصول المادية، مثل الآلات الصناعية أو المصانع أو المكاتب.

فقد أظهر تحليل أجرته مجموعة “كارلايل” العالمية لإدارة الأصول ارتفاع حصة الأصول غير الملموسة كنسبة من إجمالي الإنفاق الاستثماري الثابت بنسبة 7.5% بين عامي 2007 و2009.

ويتوقع تقرير “كارلايل”، الذي ينظر في تداعيات كوفيد-19 على نماذج الأعمال، إمكانية ارتفاع الإنفاق على الأصول غير الملموسة بنسبة 11% خلال العامين المقبلين، حيث يؤدي العمل من المنزل إلى الحد من أهمية الأصول المادية.

حتى الآن يعتبر هذا الأمر جيدا جدا، خصوصاً بالنسبة لأصحاب المهارة المعرفية أو أولئك الذين يمتلكون أعمالا تجارية ذات أصول رأسمالية أقل نسبيا مقارنة بقيمة عملياتها، كما أن الأصول المادية غير الملموسة مرتبطة أيضا بعمليات التعافي من البطالة.

وخلال العشرين عاما الماضية، سمح التحول من الاقتصاد الملموس إلى الاقتصاد غير الملموس، بكل بساطة، لأرباب العمل والشركات القيام بالمزيد مع عدد أقل من العمال.

وذكرت الكاتبة فروهر، أنه إذا كانت مستويات التعليم في الولايات المتحدة أعلى، فقد يكون العمال المسرحون من وظائفهم خلال فترة تفشي هذا الوباء أكثر قدرة على التكيف مع المشهد الجديد واستخدام التقنيات الجديدة لتعزيز إنتاجيتهم وإمكانية توظيفهم، لكن التدريب ليس حلا سريعا.

كتبت مجموعة “كارلايل”: “كانت الزيادات السابقة في الحصة غير الملموسة من نفقات الشركات مرتبطة بتباطؤ الانتعاش في التوظيف، وإذا استمرت هذه العلاقة فقد تكون العودة إلى التوظيف الكامل في الولايات المتحدة أبعد بكثير من الانتعاش في الناتج المحلي الإجمالي في نهاية عام 2021 أو 2022”.

وأوضح المقال أن الارتفاع المستمر في الأصول غير الملموسة له آثار أيضا على المستثمرين.

فغالبا ما تستخدم نظم القياس شائعة الاستخدام مثل “القيمة الدفترية”، وهي نسبة سعر السهم إلى الأصول الإنتاجية للشركة، لتقييم الشركات التي قد تكون مبالغ فيها أو أقل من قيمتها.

وتجدر الإشارة إلى أن قواعد المحاسبة الحالية لا تسمح بتسجيل الأصول غير الملموسة المنشآة داخليا في الميزانيات العمومية كرأس مال، مما يعني أن هذا المقياس فقد الكثير من معناه أو أنه تغير كثيرا.

أما اليوم، ربما تشير نسبة السعر إلى القيمة الدفترية المرتفعة إلى أنه ليس سهما مبالغا فيه، بل إنه يحتوي على الكثير من نوع الملكية الفكرية والبرامج التي احتفظت بقيمتها وسط الجائحة.

وفي ظل تفشي الوباء، من الأفضل امتلاك شركة مبنية على بيانات العملاء بدلا من شركة ذات منافذ بيع بالتجزئة، وفي الواقع ربما يكون من الأفضل امتلاك شركات غنية بالأصول غير الملموسة في أي قطاع بدلا من المراهنة على شركات التكنولوجيا الكبيرة التي كانت تقود مؤشر “ستاندرد آند بورز 500″، وسيكون الأمر إيجابيا بشكل خاص إذا بدأ المنظمون في انتقاء نماذج الأعمال الخاصة بشركات مثل “فيسبوك” و”جوجل”.

أخيرا، ربما تتسبب التحولات الرقمية المتعلقة بفيروس كورونا في فرض ضغوط هبوطية على قوة التسعير أكثر مما كان متوقعا، وفقا لما يعتقده روبرت كابلان، رئيس بنك الاحتياطي الفيدرالي في دالاس.

وفي مقال حديث حول الظروف الاقتصادية والسياسة النقدية الأمريكية عقب الوباء ، أشار كابلان إلى كيفية تغير عادات عمل الناس والتسوق، فهم أصبحوا يقومون بمزيد من الأمور عبر شبكات الإنترنت، مما يسمح للمنصات الرقمية بالنمو بشكل أكبر، وبالتالي إضعاف قوة تسعير الأعمال.

وتابع: “للاستجابة لهذا الاتجاه، تستثمر الشركات بشكل كبير في التكنولوجيا لاستبدال الأشخاص وخفض تكاليفهم وتحسين قدرتهم التنافسية”.

وأوضح أن هذا الأمر قد يغير بدوره طريقة التفكير في السياسة النقدية، موضحا اعتراضه على القرار الأخير للاحتياطي الفيدرالي بإبقاء معدل الفائدة دون تغيير عند صفر إلى 0.25%، فهو يعتقد أن الأثر الانكماشي للثورة الرقمية قد يعوض الأثر التضخمي الدوري لسوق العمل المتشدد.

ويمكن تفسير ذلك بأنه حتى بعد التعافي نهائيا من تداعيات كوفيد-19، فإن الطبيعة المتغيرة لاقتصادنا الرقمي ربما تعني أننا ببساطة لا نحصل على قدر كبير من التضخم كما نعتقد.

ويعتقد بعض الناس أن هذه حجة لإبقاء الأسعار عند الصفر أو حتى أقل لفترة أطول، إذا لم نكن معرضين لخطر الإنهاك، فلماذا القلق؟

ورغم رأيه بأن تسريع الاقتصاد الرقمي سيكون له بعض التأثير الخافت على القوى التضخمية، فإن كابلان يشعر بالقلق من أن طول فترة معدلات الفائدة الصفرية قد يشجع على الإفراط في المخاطرة.

خلاصة القول، فإن علاج اقتصاد فيروس كورونا، يحمل مخاطر جديدة خاصة به.

تحقق أيضا

إسرائيل

كيف يمكن أن تستجيب الأسواق للصراع بين إيران وإسرائيل؟

الصراع بين إيران و