تتفاوض الدولة المفلسة مع صندوق النقد الدولى، الذى يجب أن يقرر مقدار الديون التى يمكن للدولة سدادها ومقدار التقشف الذى يجب تحمله، وتطلب دول العالم تسهيلات من الحكومات الأخرى التى تدين لها بالمال.
وتسعى مختلف الدول إلى إجراء صفقات مع مقرضى القطاع الخاص، فبعد تعثر الأرجنتين فى مايو الماضى، على سبيل المثال، فشل صندوق النقد الدولى فى لعب دوره المعتاد فى الحلقة الأولى، إذ لم يستطع توفير إشراف وتمويل جديدين، نظراً لأن البلاد كانت لاتزال تعانى من فشل خطة الإنقاذ السابقة لصندوق النقد الدولى، بالإضافة إلى ذلك، عانت بعض الدول من غياب بعض المؤدين، فقد أصبحت الصين، فى العقد الماضى، مقرضاً أكبر بكثير للدول الفقيرة، مقارنة بالحكومات الأخرى مجتمعة، لكنها ليست عضواً فى نادى باريس، الذى كان يميل إلى الإشراف على عمليات إعادة التفاوض على الديون بين الدول ودائنيها الرسميين.
وعندما تفشت أزمة ديون أمريكا اللاتينية فى بداية الثمانينيات، استغرق الأمر من المقرضين التجاريين وحكوماتهم نحو 7 أعوام لإيجاد حل دائم.
وذكرت مجلة «ذى إيكونوميست» البريطانية، أن كثيرين يخشون من إمكانية اقتراب سلسلة أخرى من حالات التخلف عن السداد.
ففى 13 نوفمبر الحالى، أصبحت زامبيا سادس دولة تتخلف عن سداد سنداتها هذا العام، مشيرة إلى أن الإيرادات الحكومية وعائدات الصادرات تراجعت فى عدة دول فقيرة، رغم أن الجهود التى يبذلها البنك الاحتياطى الفيدرالى لتهدئة الذعر المالى خفضت تكلفة اقتراضهم.
وتمنح وكالة التصنيف الائتمانى «فيتش»، 38 دولة تصنيفاً ائتمانياً «B+» أو أسوأ، إذ يشير الحرف «B» إلى خطر جوهرى بالتخلف عن السداد، وتتوقع الوكالة إمكانية تفوق عدد الحكومات ذات الوضع «غير مرغوب فيه»- أى BB+ أو أسوأ- قريباً لعدد الحكومات المصنفة فى الدرجة الاستثمارية.
وتعتبر الدول الفقيرة تدين بمجموعة متنوعة من الالتزامات لمجموعة أوسع من الدائنين، وتفوقت السندات على القروض المصرفية فى العديد من الاقتصادات الناشئة.
حتى أن القروض نفسها بعيدة عن أن تكون متماثلة، فبعضها مؤمن مقابل أصول الدولة، مثل حصة فى مؤسسة عامة أو عائدات البترول، وبالتالى ربما يفضل الدائنون الاستيلاء على الضمان بدلاً من شطب الدين، فى حين يتشارك العديد من البنوك فى مجموعة أخرى من القروض، مما يعنى أنه لا يمكن لدائن واحد أن يتنازل عن القرض وفقًا لتقديره الخاص.
وأوضحت «ذى إيكونوميست»، أن هذا المزيج المثير للاشمئزاز من الأدوات تقابله مجموعة متشابكة من الدائنين، فى القطاعين العام والخاص وكل شيء بينهما.
وفى أبريل الماضى، على سبيل المثال، دعت مجموعة العشرين، الحكومات الأعضاء لمنح أفقر دول العالم عطلة سداد للقروض، لكن الصين لم تكن سعيدة، نظراً لعدم مشاركة دائنى القطاع الخاص فى تلك الجهود، فى حين اشتكى آخرون من عدم مشاركة بنك التنمية الصينى، الذى تملكه وتديره الدولة، ولكن لا يمكن اعتباره مرادفاً للحكومة الصينية.
ومع ذلك، كان ثمة تقدم أيضاً، فقد وقع قادة مجموعة العشرين، يومى 21 و22 نوفمبر، على إطار عمل مشترك لإعادة التفاوض بشأن الديون مع أفقر دول العالم، ويعمل إطار العمل سارى المفعول على توسيع نطاق مبادئ نادى باريس بالنسبة لأعضاء مجموعة العشرين غير المنضمين إليه بالفعل، مما يوسع الحلقة الثانية من السيرك، التى تنطبق فقط على الدول ذات الديون غير المستدامة، كما أن أى مقترض يحصل على إعفاء من مجموعة العشرين يتعين عليه السعى للحصول على صفقة مماثلة من الدائنين الآخرين.
وكان هناك تقدم فى العقود وكذلك الأندية، فبعد أن تخلفت الأرجنتين عن سداد ديونها عام 2001، عرضت استبدال سنداتها غير المسددة بأوراق مالية جديدة بشروط أسهل، لكن بعض حاملى السندات رفضوا الصفقة ليسعوا بدلاً من ذلك إلى تحقيق السداد الكامل فى محاكم نيويورك، وزاد هذا الأمر من صعوبة الحياة لكل من الأرجنتين ودائنيها الآخرين.
ومنذ عام 2003، احتوت معظم السندات الصادرة بموجب قانون نيويورك، على «بنود العمل الجماعي»، التى تُلزم جميع حاملى السندات بالموافقة على أى صفقة تقبلها الأغلبية.
وأشار كلاى لورى، من معهد التمويل الدولى، إلى أن مثل هذه البنود ساعدت الإكوادور على حل مشكلة تخلفها عن السداد هذا العام، بالإضافة إلى ذلك، ساعدت هذه البنود، الأرجنتين فى التوصل إلى اتفاق مع حاملى سنداتها الرئيسيين فى أغسطس الماضى، وإن كان ذلك مع قدر لا بأس به من التذمر.
وبحثت مراجعة هيكل حل الديون السيادية، التى نشرها صندوق النقد الدولى فى سبتمبر، عن ابتكارات تعاقدية أخرى من شأنها تسهيل إعادة الهيكلة فى المستقبل. كما يولى الصندوق اهتماماً متجدداً لأدوات الدين الطارئة الأكثر حساسية للتقلبات الصعودية والهبوطية التى تصيب الدول الفقيرة، فقد أصدرت باربادوس، على سبيل المثال، سندات تُسدد بقيمة أقل فى حالة حدوث زلزال أو إعصار.