تثير الضربات الإيرانية الأخيرة وتداعياتها الاقتصادية نقاشًا حاميًا حول استقرار الأسواق العالمية وأمن الطاقة. انخفضت أسعار النفط بنسبة تزيد عن 7% بينما ارتفعت الأسهم، ما يعكس تفاؤلًا مفاجئًا بأن الصراع لن يتصاعد أكثر. ويرجح أن انتعاش الأسواق السريع يعكس تهاونا خطيرًا بشأن تصاعد توترات الشرق الأوسط، ويرجح كذلك أنه من العقلانية أن يحرص المستثمرون وصناع القرار على إمعان النظر في المخاطر الكامنة وما يجب فعله لضمان الاستقرار.
تفاعل الأسواق مع الأحداث: آمال أم أوهام؟
هوى سعر خام غرب تكساس الوسيط إلى حوالي 68 دولارًا للبرميل، وتبعه خام برنت بانخفاض مماثل بعد هجوم إيران على قاعدة عسكرية أمريكية في قطر. الهجوم، الذي سبقه تحذير إيراني لتقليل الخسائر البشرية، أثار توقعات بتهدئة التصعيد. لم تسجل إصابات أمريكية في قاعدة العديد، ما عزز هذا الرأي. في الوقت نفسه، قفز مؤشر S&P 500 بنحو 1%، مدعومًا بانخفاض أسعار النفط وتلميحات من مسؤولي الاحتياطي الفيدرالي، بما في ذلك نائبة رئيس الإشراف ميشيل بومان، عن خفض محتمل للفائدة في يوليو.
لكن هذا التفاؤل يبدو هشًا. إذ أن الأسواق تفترض أن الأسوأ قد انتهى، لكن التاريخ يظهر أن صراعات الشرق الأوسط قد تشتعل فجأة. وثمة مضيق هرمز، ممر حيوي لـ20% من إمدادات النفط العالمية—حوالي 20 مليون برميل يوميًا—لا يزال عرضة للخطر. أي تعطل قد يشل اقتصادات مثل اليابان وتايوان، اللتين تعتمدان بشكل كبير على نفط الشرق الأوسط، أو يضرب الصين، أكبر مشتري النفط الإيراني.
مخاطر التهوين
تاريخيًا، تجاوزت الأسواق أعمال العنف في الشرق الأوسط بسرعة، إذ أن الطاقة الاحتياطية لدى المصدرين خففت الصدمات، مما سمح للأسعار بالاستقرار عندما تتلاشى المخاطر. لكن الاعتماد على هذا النمط يتجاهل المخاطر الكبيرة. أي خطأ في مضيق هرمز قد يرفع أسعار النفط بشكل صاروخي، ما يهدد النمو العالمي. مقارنة بالأزمات السابقة، أسواق الطاقة اليوم أكثر توترًا والانقسامات الجيوسياسية تقلل من هامش الخطأ.
خطوات نحو الاستقرار
للخروج من هذا المأزق، ثلاث خطوات ضرورية. أولًا، تنويع مصادر الطاقة—دول مثل اليابان يجب أن تقلل اعتمادها على نفط الشرق الأوسط عبر الطاقة المتجددة أو موردين بديلين. ثانيًا، تعزيز القنوات الدبلوماسية لمنع التصعيد العرضي في المناطق المتوترة. ثالثًا، تعزيز احتياطيات النفط الاستراتيجية لامتصاص الصدمات المفاجئة. هذه الخطوات لن تقضي على المخاطر، لكنها تخفف وطأتها.
انتعاش الأسواق السريع قد يبدو مطمئنًا، لكنه لا يخلو من مقامرة. كما أن تجاهل هشاشة تدفقات الطاقة العالمية قد ينتج عنه خسائر للمتداولين، لذا فإن التحرك الاستباقي الآن يمكن أن يمنع حسابًا أكثر تكلفة لاحقًا.

النفط