نور تريندز / التقارير الاقتصادية / هل شبح الأزمة العالمية يُخيم على اقتصاد العالم؟
البنوك المركزية ، أسعار الفائدة ، الاقتصاد العالمي
البنوك المركزية ، أسعار الفائدة ، الاقتصاد العالمي

هل شبح الأزمة العالمية يُخيم على اقتصاد العالم؟

تشهد الفترة الحالية تساؤلات عديدة حول مدى إمكانية اتجاه الاقتصاد العالمي نحو حالة من الركود التام في الفترة المقبلة وللمرة اﻷولى منذ اﻷزمة المالية العالمية.

ويشعر متداولو السندات بالقلق بالتأكيد، حيث تحقق سندات قيمتها 14 تريليون دولار عائدات سلبية، وعلى النقيض من ذلك سجل مستثمرو الأسهم ارتفاعا نسبته 14% في مؤشر “إم.إس.سي.أي” العالمي خلال العام الجاري.

وفي الوقت نفسه، قال توم أورليك، كبير الاقتصاديين في وحدة بلومبرج إيكونوميكس، إن العالم بحاجة للسير نحو طرق صحيحة لتفادي التباطؤ الاقتصادي الكبير.

وألقت بلومبرج الضوء على بعض اﻷسباب التي ربما تدعو للقلق من إمكانية الإصابة بركود عالمي في عام 2020، وأسباب أخرى لا تدعو للقلق.

وتضع الحرب التجارية التي شنتها الولايات المتحدة على الصين قبل نحو 18 شهرا النمو الاقتصادي العالمي تحت ضغط بالفعل.

ورغم أن البلدين أحرزا تقدما كبيرا في المفاوضات التجارية قبل أسبوعين، بعدما وقعت بكين لشراء المزيد من المنتجات الزراعية الأمريكية وعلق البيت الأبيض جولة أخرى من التعريفات الجمركية، إلا أن الخلافات الشائكة لا تزال معلقة وتظل بعض التوترات قائمة بين البلدين.

ولا شك في أن الشركات المصنعة كانت أكبر ضحايا الحرب التجارية، وانخفض النشاط العالمي لخمسة أشهر على التوالي، وما يثير القلق بشكل خاص قطاع السيارات المتدهور، الذي يتسبب في آلالام اقتصادات ألمانيا واليابان التي تعتمد على التصدير بشكل كبير.

وانخفضت أنشطة الشركات وانكمش الاستثمار غير السكني في الولايات المتحدة في الربع الثاني للمرة اﻷولي منذ ثلاثة أعوام، ليبقى السؤال يدور حول ما إذا كانت آلام المصانع تؤثر على قطاع الخدمات، مما يعني إضافة عنصر آخر إلى الركود.

وبالإضافة إلى المفاوضات التجارية بين الولايات المتحدة والصين، لم توقع المملكة المتحدة بعد اتفاقية للخروج من الاتحاد اﻷوروبي، كما أن الولايات المتحدة على خلاف مع إيران بعد هجوم بطائرة بدون طيار على حقول البترول السعودية وإشعال ناقلة بترول إيرانية وانفجارها بالقرب من ميناء جدة السعودي، مما قد يؤدي إلى ارتفاع أسعار البترول.

وشهدت العراق مؤخرا احتجاجات عنيفة وقامت تركيا بهجوم في سوريا وهناك أيضا مسيرات احتجاجية في هونج كونج، وهو ما قد يدفع الاقتصاد نحو الركود.

وفي الوقت نفسه، تواجه الأرجنتين أزمة مالية أخرى، وتواجه الإكوادور وبيرو وفنزويلا مشكلات سياسية أيضا، كما يمكن أن تتسبب مساءلة ترامب والحملة الانتخابية المنتظرة في 2020 في تعزيز ترامب لجدول أعماله المناهض للعولمة.

توقف نمو الأرباح العالمية في الربع الثاني من 2019، مما أدى إلى انخفاض الثقة في الأعمال التجارية وبالتالي انخفاض الإنفاق الرأسمالي في جميع أنحاء العالم.

ويأتي ارتفاع أجور العمال والنمو الباهت للإنتاجية والافتقار العام لقوة التسعير ضمن العوامل المؤثرة على انخفاض اﻷرباح، ومع ذلك يكمن الخطر اﻷساسي في إمكانية اتخاذ الشركات التي تعاني بالفعل من تعثر الأرباح خطوات تتعلق بالقوى العاملة لديها، ما قد يؤثر على ثقة المستهلك والإنفاق.

ربما تكون السياسة النقدية أسهل مما كانت عليه في بداية العام، ولكن البنوك المركزية تفتقر إلى الذخيرة اللازمة لتعزيز النمو الاقتصادي وربما تكون في بعض الحالات بطيئة للغاية في التصرف واتخاذ القرار.

خفض البنك الاحتياطي الفيدرالي سعر الفائدة القياسي بمقدار 500 نقطة أساس تقريبا في فترات الركود الثلاثة التي مر بها الاقتصاد اﻷمريكي منذ بداية التسعينيات، كما أن البنك المركزي الأوروبي والبنك المركزي الياباني يديران بالفعل أسعار فائدة سلبية وسط شكوك حول ما يمكنهما فعله.

يأتي صندوق النقد الدولي ضمن المنظمات التي تحث الحكومات على خفض موازنتها، ولكن هناك علامات تشير إلى أن السياسة المالية ستكون تفاعلية وليست نشطة.

ورغم أن بنك مورجان ستانلي يقدر ارتفاع العجز المالي الرئيسي إلى 3.5% من الناتج المحلي الإجمالي في الاقتصادات الكبرى من 2.4% في العام الماضي، وبنسبة 3.6% في العام المقبل.

تعتقد بلومبرج إيكونوميكس أن احتمالية وقوع الولايات المتحدة في ركود اقتصادي في العام الحالى تقدر بـ 25% فقط، وبالتالي إذا كان أكبر اقتصاد في العالم بإمكانه النمو بشكل ثابت فهذا من شأنه أن يساعد في تعويض المشاكل التي تشهدها مناطق أخرى في العالم.

ويعتبر الاقتصاد اﻷمريكي أكثر انغلاقا من غيره من الاقتصادات اﻷخرى، مما يعني أنه قادرا على الاستمرار في التوسع حتى وسط التوترات التجارية العالمية.

ظل المستهلك الأمريكي أحد الركائز الهامة في النمو الاقتصادي ويرجع اﻷمر في ذلك بشكل جزئي إلى انخفاض معدلات البطالة في الولايات المتحدة إلى أدنى مستوياتها في خمسة عقود، فعلى الرغم من أن سوق العمل اﻷمريكي أظهر بعض العلامات على التراجع، إلا أنه لا يزال مستمرا في دعم الإنفاق الأسري.

وفي الوقت نفسه، تساعد عمليات التوظيف التي تشهدها أماكن أخرى في العالم في دعم الإنفاق اﻷسري، كما أن مؤشر ثقة المستهلك العالمي لا يزال قريبا من أعلى مستوياته القياسية.

وخفض البنك الاحتياطي الفيدرالي أسعار الفائدة اﻷمريكية مرتين هذا العام وربما يفعل ذلك مرة أخرى خلال أكتوبر الحالي، بينما دفع البنك المركزي الأوروبي أسعار الفائدة على الودائع إلى ما دون الصفر وأعاد إطلاق برنامج شراء السندات.

ويدرس بنك اليابان أيضا بذل جهودا إضافية لتيسير السياسات النقدية، ولكنه ليس وحده فقد جاءت البنوك المركزية في الهند وأستراليا وكوريا الجنوبية وجنوب أفريقيا والبرازيل أيضا ضمن البنوك التي خفضت أسعار الفائدة لديها.

ومع ذلك، تحتاج السياسة النقدية بعض الوقت حتى تظهر نتائجها، ولكن مع ضرورة توفير بعض الدعم.

ربما تكون الصين بطيئة هذه المرة للتصدي للركود على عكس ما كان عليه الوضع في حالات الركود السابقة، ويرجع ذلك إلى شعورها بالقلق من إمكانية ارتفاع مستويات الديون نتيجة القيام بذلك، ولكنها لا تزال قادرة على التحرك واتخاذ خطوات سريعة ضد الركود إذا لزم الأمر.

خفضت الصين بالفعل مقدار النقد الذي يجب أن تحتفظ به البنوك كاحتياطي إلى أدنى مستوياته منذ عام 2007، ويتوقع أيضا ارتفاع إنفاق الحكومات المحلية على البنية التحتية، كما يمكن أن يرتفع الاستثمار الحكومي بشكل مفاجئ.

كان الانخفاض السابق مدفوعا بتصحيح التجاوزات، مثل ارتفاع التضخم في الثمانينات أو انفجار الفقاعة التكنولوجية في الولايات المتحدة في بداية القرن الحالي أو انهيار سوق الإسكان بعد عقد من الزمن، ولكن هذه المرة سيكون التضخم ضعيفا بشكل عام، كما أن اﻷسهم لم تدخل في نطاق الفقاعات رغم ارتفاع أسعارها.

تحقق أيضا

الذهب

ملخص الأسبوع: الذهب والتوترات الجيوساسية في قلب الحدث داخل الأسواق

الذهب كان نجم الحفل أثناء تعاملات الأسبوع الماضي