أبقى بنك الاحتياطي الفيدرالي على معدل الفائدة دون تغيير في نهاية اجتماع سبتمبر الجاري الأربعاء، وهو ما جاء متوافقا مع التوقعات التي انتشرت في الأسواق على مدار الفترة الأخيرة.
بذلك يكون البنك المركزي قد رفع الفائدة 12 مرة منذ مارس 2022 وصولا بالمعدلات الرئيسية إلى أعلى المستويات في 22 سنة، وهو أيضا ما جاء ليؤيد توقعات الأسواق.
لكن بعض التطورات التي ذكرها البنك المركزي في بيان الفائدة، والتوقعات الفيدرالية للفائدة الصادرة عن لجنة السوق الفيدرالية المفتوحة كان لها دورًا كبيرًا إحداث أثر على خلاف ما اعتادت الأسواق عليه بعد قرار الإبقاء على معدل الفائدة دون تغيير.
وسجل معدل الفائدة الفيدرالي ارتفاعا إلى أعلى المستويات في 22 شهرا منذ اجتماع يوليو الماضي عندما رفعه الفيدرالي إلى 5.25% – 5.50% على الإيداعات والإقراض على الترتيب.
وتوقع بنك الاحتياطي الفيدرالي، في بيان الفائدة الصادر تزامنا مع إعلان قرار تثبيت المعدلات، إن يكون هناك رفع للفائدة لمرة واحدة على الأقل قبل نهاية العام الجاري.
كما رجح البيان أن يكون هناك خفض للفائدة عدة مرات العام المقبل، لكن بمقدار أقل مما كان متوقعا. وحال اتخاذ البنك المركزي القرار بهذا الرفع تكون هذه هي المرة الثانية عشر منذ مارس 2022.
توقعات المسار المستقبلي للفائدة
وبينما كانت الأسواق تثمن قرار الفيدرالي، أظهرت نتيجة تصويت أعضاء لجنة السوق الفيدرالية المفتوحة، أو ما يعرف بتوقعات الفيدرالي للمسار المستقبلي للفائدة (dot-plot)، رفع الفائدة لمرة واحدة هذا العام ثم خفضها مرتين في 2024 بقيمة أقل ما كان متوقعا في اجتماع يونيو الماضي، وهو ما قد يصل بمعدل الفائدة إلى 5.1%.
وتسمح هذه التوقعات الرسمية لأعضاء اللجنة بإعلان توقعاتهم للمسار المستقبلي للفائدة دون الإعلان عن أسمائهم.
ورجح 12 عضوا من المشاركين في التصويت على المسار المستقبلي للفائدة الفيدرالية أن يتم الرفع الإضافي قبل نهاية هذا العام بينما صوت السبعة الباقين ضد توقع رفع الفائدة مرة واحدة قبل نهاية 2023. وأشارت نتيجة هذا التصويت إلى أن عدد المصوتين ضد الرفع المحتمل في سبتمبر جاء أكثر بصوت واحد مما كان عليه في اجتماع يونيو الماضي.
كما أشارت النتائج أيضا إلى ارتفاع توقعات الفائدة لعام 2025 ليكون متوسط هذه التوقعات 3.9%، مقارنة بـ 3.4% أشارت إليها توقعات يونيو الماضي.
تصريحات جيروم باول
قال رئيس مجلس محافظي بنك الاحتياطي الفيدرالي جيروم باول، في المؤتمر الصحفي الذي عقده عقب إعلان قرار الفائدة، إن البنك المركزي “يركز بشدة على تنفيذ مهمته الأساسية التي تتكون من جزئين”، في إشارة إلى تحقيق الحد الأقصى من التوظيف وإرساء استقرار الأسعار.
وأضاف: “قطع الفيدرالي مسافة طويلة وصولا إلى الكثير من الحقائق التي لم تنعكس على الأوضاع الاقتصادية ولم يشعر بها أحد بعد”، مشددا على ضرورة انتهاج الحرص في جميع التحركات المقبلة أثناء استمرار البنك المركزي في اتخاذ إجراءاته في المستقبل.
وأشار إلى أن النمو الأمريكي فاق توقعات الأسواق وسط استمرار إظهار إنفاق المستهلك المزيد من القوة وتحسن ملحوظ في أوضاع سوق الإسكان.
وأكد أن “سوق العمل لا يزال يظهر المزيد من القوة وسط تحسن في التوازن بين قوى العرض والطلب رغم تجاوز الطلب المعروض من العمالة في الأسواق”.
هدف التضخم
قال جيروم باول، رئيس مجلس محافظي بنك الاحتياطي الفيدرالي، إن “التضخم لا يزال بعيدا جدا عن هدف البنك المركزي، ولابد أن نعي أن علينا أن نقطع طريقًا طويلًا حتى نحقق هدف التضخم المحدد بـ2.00%. لكن التوقعات طويلة الأجل للتضخم تبدو مستقرة إلى حدٍ كبيرٍ”.
وشدد على أن الفيدرالي ملتزم بشدة بتحقيق هدف التضخم عند 2.00%، مؤكدا أن “الموقف الحالي للسياسة النقدية الحالية تشديدية إلى حدٍ يضع ضغوطا حادة على النشاط الاقتصادي، والتوظيف، والتضخم”.
وقال باول: “ملتزمون باتباع سياسة نقدية تشديدية بما فيه الكفاية للمساعدة في خفض معدلات التضخم والاستمرار في تطبيقها حتى نعيد التضخم إلى 2.00%”.
وأضاف: “الفيدرالي سوف يتخذ قراراته وفقا للظروف التي تتوافر قبيل كل اجتماع، مدركا ما يمكن أن ينتج عن جميع مصادر انعدام اليقين في الأسواق. وسوف نبقي على سياسة التشديد الكمي حتى نضمن أن التضخم على المسار الصحيح إلى 2.00%”.
سوق العمل الأمريكي
رجح رئيس الفيدرالي أن خفض التضخم يحتاج إلى فترة يتراجع فيها النمو عن اتجاهه الصاعد الحالي علاوة على تراجع في أوضاع سوق العمل الأمريكي.
وأكد أن الفيدرالي سوف يفعل كل ما في وسعه حتى يحقق أهدافه، مرجحا أن استعادة استقرار الأسعار يُعد من أهم العوامل التي من شأنها أن تدفع في اتجاه تحقيق الحد الأقصى من النمو.
وتوقع رئيس لجنة السوق الفيدرالية المفتوحة أن تظهر أوضاع سوق العمل الأمريكي بعض التدهور في الفترة المقبلة مع إمكانية أن يعود الاتزان بين العرض والطلب، مما من شأنه أن يخفف من الضغوط التي تولد المزيد من التضخم.
وقال باول: “من الجيد أن نشاهد سوق العمل وهو يستعيد التوازن بين العرض والطلب دون ارتفاعات كبيرة في معدل التضخم”، لكنه توقع أن يشهد سوق العمل بعض التدهور في الفترة المقبلة.
وحذر رئيس مجلس محافظي بنك الاحتياطي من أن “الهبوط المرن في سوق العمل ليس مضمونًا”، في إشارة إلى صهوبة حدوث تراجع في معدلات التوظيف والأجور دون ارتفاع معدل البطالة.
بدأ الدولار الأمريكي يسترد عافيته رغم إعلان بنك الاحتياطي الفيدرالي الإبقاء على معدل الفائدة دون تغيير في نهاية اجتماع سبتمبر الجاري، وفقا للبيان الصادر عن البنك المركزي الأربعاء.
وارتفع مؤشر الدولار، الذي يقيس أداء العملة الأمريكية مقابل سلة العملات الرئيسية، إلى 105.22 نقطة مقابل الإغلاق اليومي الماضي الذي سجل 105.20 نقطة. وهبط المؤشر إلى أعلى المستويات على مدار جلسة الأربعاء عند 104.67 نقطة مقابل أعلى المستويات الذي سجل 105.26 نقطة.
وتحولت الأسهم الأمريكية إلى اللون الأحمر في ختام جلسة الأربعاء عقب إعلان بنك الاحتياطي الفيدرالي تثبت الفائدة في نهاية اجتماع سبتمبر الجاري.
وهبط مؤشر داو جونز الصناعي إلى 3461 نقطة بعد أن فقد حوالي 45 نقطة مع هبوط ستاندردز آند بورس500 إلى 4408 نقطة بعد خسائر بحوالي 34 نقطة أو 0.8%. وتراجع ناسداك للصناعات التكنولوجية الثقيلة أيضا إلى 13501 نقطة بعد خسائر بحوالي 174 نقطة أو 1.3%.