قفزت أسعار النفط بوتيرة لم تشهدها الأسواق في تاريخها، بعد الهجوم الإرهابي الذي استهدف منشآت نفطية تابعة لشركة أرامكو السعودية، السبت الماضي.
وتعكس هذه القفزة في أسعار النفط، بشكل واضح، الدور المحوري الذي تلعبه السعودية في أسواق النفط العالمية، وتأثيرها المباشر فيه.
وقالت شركة أرامكو السعودية، إنها علقت إنتاج حوالى 5.7 مليون برميل يوميًا، ولكن العمل جار لاستعادة الإنتاج وسيتم تقديم تحديث مرحلى فى غضون 48 ساعة، وذكرت وكالة أنباء بلومبرج، أن هذه الهجمات أثرت على نصف إنتاج المملكة العربية السعودية من البترول.
فيما أعلن وزير الطاقة بالمملكة عبدالعزيز بن سلمان، أن انتاج الغاز تعطل أيضا، إذ توقف الانتاج اليومى بمقدار 2 مليار قدم مكعب، أى نحو نصف الإنتاج من الغاز الطبيعى، مؤكداً توقف العمليات في محافظتى بقيق، وخريص، فى الوقت الحالى.
وقال روجر ديوان، وهو مراقب فى منظمة أوبك فى شركة آى إتش إس ماركت، إن موقع بقيق، هو قلب النظام وقد تعرض للتو لأزمة قلبية.
وأوضحت الوكالة الأمريكية أن الهجمات تعد الأكبر على البنية التحتية النفطية في المملكة العربية السعودية منذ إطلاق صدام حسين، صواريخ سكود على المملكة خلال حرب الخليج الأولى، وأضافت أن غارة الطائرات دون طيار، تبرز مدى ضعف شبكة الحقول وخطوط الأنابيب والموانئ التي توفر 10% من البترول الخام في العالم.
وانقطاع التيار لفترة طويلة فى بقيق، التى يتم فيها معالجة الخام من أكبر الحقول في البلاد قبل أن يتم شحنها إلى محطات التصدير، من شأنه أن يهز أسواق الطاقة العالمية.
وتعرضت المنشآت النفطية في بقيق، وخريص، لهجمات بعد أن ضربت الطائرات بدون طيار موقع أرامكو.
وقال بوب ماكنالي، رئيس مجموعة رابيد إنيرجى فى واشنطن، بالنسبة لسوق البترول إن لم يكن للاقتصاد العالمي ككل فإن بقيق، هي المنطقة الأكثر قيمة على كوكب الأرض.
وتعمل أرامكو على تعويض العملاء عن بعض النقص في احتياطياتها ، إذ ستتمكن أرامكو السعودية التي ضخت حوالي 9.8 مليون برميل يوميا في أغسطس الماضي، من تزويد العملاء بالموارد لعدة أسابيع من خلال السحب على شبكة تخزين عالمية.
ويحمل السعوديون ملايين البراميل في خزانات فى المملكة نفسها، بالإضافة إلى 3 مواقع استراتيجية حول العالم، هى روتردام في هولندا، وأوكيناوا فى اليابان، وسيدى كرير على ساحل البحر الأبيض المتوسط فى مصر، وقالت وزارة الطاقة الأمريكية، إنها مستعدة للجوء إلى احتياطيات البترول الاستراتيجية إذا لزم الأمر لتعويض أى اضطراب فى السوق.
وقالت وكالة الطاقة الدولية، المسئولة عن إدارة احتياطيات البترول فى الاقتصادات الصناعية فى العالم، إنها تراقب الوضع، لكن العالم مزود بشكل جيد بالمخزونات التجارية.
وتأتى الهجمات في الوقت الذي تسرع فيه أرامكو الاستعدادات لطرح عام أولى، وقال أشخاص مطلعون على الأمر، إن شركة الطاقة العملاقة، إذ اختارت بنوك إدارة عملية الطرح وقد تدرجها فى نوفمبر المقبل.
وتستحوذ السعودية على 10 في المئة من الإنتاج العالمي للنفط البالغ 99 مليون برميل يوميا، وفق بيانات شهر أغسطس المنصرم، وتحتل بذلك السعودية المرتبة الثالثة عالميا في سوق النفط، بعد الولايات المتحدة التي تأتي في المرتبة الأولى بإنتاج يشكل 12 في المئة، في حين تحتل روسيا المرتبة الثانية بحوالي 11 في المئة.
وتعد السعودية موردا عالميا أساسيا للنفط، الذي تقارب مستويات استهلاكه هذا العام 100 مليون برميل يوميا، وتصدر للأسواق الرئيسية، سواء الولايات المتحدة التي يشكل استهلاكها من النفط العالمي 21 في المئة، أو الصين التي تستحوذ على 13 في المئة، بالإضافة إلى الهند.
من جهة أخرى قال جولدمان ساكس في مذكرة بحثية صدرت اليوم إن توقفا في الإنتاج لمدة تتجاوز ستة أسابيع بسبب الهجوم بطائرات مسيرة على منشأتي نفط سعوديتين مطلع الأسبوع الحالي قد يجعل سعر خام برنت يتجاوز 75 دولارا للبرميل، رغم أن مدى تأثير الهجوم لم يتحدد بعد.
وارتفعت أسعار النفط اليوم الاثنين إذ سجل خام القياس العالمي مزيج برنت أكبر زيادة بالنسبة المئوية خلال اليوم منذ حرب الخليج عام 1991 بسبب الهجمات التي اقتطعت أكثر من خمسة في المئة من الإمدادات العالمية.
وقال البنك إنه من المرجح أن يتسبب توقف تام لنحو أربعة ملايين برميل يوميا لمدة تزيد على ثلاثة أشهر في رفع الأسعار إلى ما يزيد على 75 دولارا للبرميل.
فيما قال بنك باركليز البريطاني إن الهجمات لن تخفض على الأرجح صادرات النفط السعودية بنسبة كبيرة لوجود مخزون كبير من النفط الخام والمنتجات البترولية لدى السعودية.
من جانبها قالت وكالة موديز للتصنيف الائتماني يوم الاثنين إن الهجمات التي حدثت على معامل شركة أرامكو يوم السبت لها تأثير سلبي على التصنيف الائتماني للشركة ولكن لن تترك أثر طويل المدى على موقفها المالي بسبب ميزانيتها واحتياطاتها القوية ، بحسب بيان صحفي من موديز.
وقال ستيف وود المدير العام للوكالة إن الهجوم يظهر تأثير المخاطر الجيوسياسية على أسعار النفط، وأضافت الوكالة أن حجم تعطل الإنتاج كبير.
وحول ردود الأفعال على الهجوم على شركة أرامكو قال وزير الخارجية الأمريكى، مايكل بومبيو، فى تغريدة إنه لا يوجد دليل على أن الهجمات جاءت من اليمن، لكنه ألقى باللوم على إيران مباشرة دون تقديم أدلة على هذا الاستنتاج، وأجرى الرئيس الأمريكى دونالد ترامب، مكالمة مع ولى العهد السعودي الأمير محمد بن سلمان، عبر الهاتف لكنه لم يعلق بشكل مباشر على هذه الحادثة.
فيما اتهم وزير الطاقة الأميركي، ريك بيري، الاثنين، إيران بالضلوع في الهجوم على منشآت النفط السعودية، مؤكدا أن الهجوم على منشأتي أرامكو يستهدف الاقتصاد وسوق الطاقة العالمي.
وأشار إلى أن الرئيس دونالد ترامب سمح بالإفراج عن احتياطيات النفط الاستراتيجية في حال احتاجت الولايات المتحدة إليها، وأن “وزارته مستعدة” لتنفيذ ذلك إذا لزم الأمر.
وقال الرئيس الأمريكي دونالد ترامب سنساعد حلفاءنا في الشرق الأوسط رغم أننا لسنا بحاجة إلى نفط المنطقة، ووصف المتحدث باسم رئيس الوزراء البريطاني الهجوم على منشآت النفط السعودية خرق للقانون الدولي، ووصفت الخارجية الألمانية الهجوم على منشأت النفط السعودية قد يؤدي إلى زيادة التصعيد في المنطقة، كما أدانت روسيا بشدة الهجوم على منشأتي النفط التابعتين لشركة أرامكو في السعودية.