نور تريندز / التقارير الاقتصادية / لماذا أبقى بنك إنجلترا على معدلات الفائدة دون تغيير؟
بنك إنجلترا
بنك إنجلترا

لماذا أبقى بنك إنجلترا على معدلات الفائدة دون تغيير؟

أبقى بنك إنجلترا على معدل الفائدة دون تغيير في نهاية اجتماعه الخميس ليستقر المعدل الأساسي عند 4.5%، وهو القرار الذي استند إلى تصويت أعضاء لجنة السياسة النقدية لصالح القرار بنتيجة سجلت 8- 1 صوت.

وجاء القرار متوافقًا مع توقعات الأسواق التي كانت تشير إلى نفس الأرقام. واستند البنك المركزي في قراره إلى مواجهة الاقتصاد البريطاني لقدر كبير من انعدام اليقين حيال التجارة العالمية، مما قد يؤدي إلى تراجع كبير في النمو بعد قراءة الشهر الماضي للناتج المحلي الإجمالي التي ألقت الضوء على انكماش الاقتصاد في المملكة المتحدة في فبراير الماضي.

 وأكد بيان الفائدة أنه “منذ الاجتماع الماضي للجنة السياسة النقدية، يتزايد انعدام اليقين حيال أوضاع التجارة العالمية، إذ فرضت الولايات المتحدة تعريفة جمركية على وارداتها من مجموعة من الدول، والتي استجابت لها حكومات تلك الدول بإجراءات مضادة”.

وأضاف البيان: “هناك أيضًا مصادر جيوسياسية لانعدام اليقين علاوة على ارتفاع متزايد لمؤشرات التذبذب في أسواق المال العالمية”.

وكانت المرة الأخيرة التي دعم فيها أعضاء لجنة السياسة النقدية البريطانية تثبيت الفائدة في اجتماع ديسمبر الماضي، لكن ثلاثة من أعضاء اللجنة صوتوا في ذلك الاجتماع لصالح خفض الفائدة مقارنة باجتماع مارس الذي أشارت نتيجة التصويت فيه إلى أن عضو واحد فقط هو الذي يدعم الخفض. ويكشف ذلك عن اتجاه متزايد إلى التمسك بموقف تشديدي للسياسة النقدية.

معاناة في الداخل والخارج

يأتي قرارا الفائدة، الذي تضمن الحفاظ على معدلات الفائدة الحالية، في وقت يواجه فيه اقتصاد المملكة المتحدة تحديات على كثير من التحديات الداخلية والخارجية. فعلى المستوى الدولي، لا تزال الاقتصادات العالمية بلا استثناء تواجه الكثير من انعدام اليقين حيال مستقبل التجارة العالمية بعد الإجراءات الحمائية التي بدأت إدارة ترامب اتخاذها في الفترة الأخيرة ضد الشركاء التجاريين.

ومن المتوقع أن يضع بنك إنجلترا في حساباته السلوك غير المتوقع للرئيس الأمريكي دونالد ترامب، الذي انعكس جليًا في الفترة الأخيرة في شكل إجراءات، في مقدمتها فرض تعريفة جمركية على واردات الولايات المتحدة من عدة دول، قبل أن يتخذ أي قرار على صعيد السياسة النقدية حتى يقف على كيفية تأثر التضخم البريطاني بتلك الإجراءات.

وانعقد الاجتماع الماضي للجنة السياسة النقدية أيضًا وسط تصاعد مخاوف المزيد من التوترات الجارية وتزايد انعدام اليقين الذي يحاصر المشهد على صعيد الاقتصاد العالمي بسبب التعريفة الجمركية الأمريكية. ورغم عدم فرض أي تعريفة جمركية على الواردات التي تصل الولايات المتحدة من بريطانيا، هناك مخاوف من أن تكون المملكة المتحدة تنتظر دورها في طابور طويل من الدول التي قد يفرض عليها ترامب تعريفة جمركية.

ومن المعروف أن إضافة أي تعريفة جمركية على الواردات البريطانية من شأنه أن يعمل على ارتفاع الأسعار، ليس فقط داخل الولايات المتحدة فقط، لكن – بصفتها أكبر اقتصادات العالم – يتوقع أيضًا أن ينعكس ارتفاع الأسعار في الداخل الأمريكي سلبًا على التضخم على مستوى العالم في شكل ارتفاع جديد.

مخاطر الانكماش

على الصعيد الداخلي، يواجه اقتصاد البريطاني مخاطر من أكثر من مصدر، إذ يواجه خطر داخلي عكسته البيانات التي ظهرت في الفترة الأخيرة. وألقت تلك البيانات الضوء على توقف الاقتصاد في المملكة المتحدة عن النمو. وتعرض الاقتصاد البريطاني لانكماش بواقع 0.1% في يناير الماضي على أساس شهري، وفقًا للبيانات الصادرة الجمعة الماضية.

كما دخلت التغييرات الضريبية البريطانية حيز التنفيذ، وهي التغييرات التي لم تحظ بشعبية لدى الشركات التي ترى أن زيادة الضرائب المستحقة عليها قد تحد من نموها، واستثماراتها، قدرتها على التوظيف.

وحذر بنك إنجلترا في اجتماع فبراير الماضي من أنه سوف يتبع نهجًا حذرًا أثناء التعامل مع السياسة النقدية، مخفضًا تقديرات النمو لهذا العام مع رفع تقديرات التضخم إلى 3.7%، أي أعلى من هدف التضخم المحدد من قبل البنك المركزي بـ2.00%. أشارت السلطات النقدية إلى أن هذه التوقعات تستند إلى ارتفاع أسعار الطاقة.

كما حذر أندرو بايلي، محافظ بنك إنجلترا، في وقتٍ سابقٍ من هذا الشهر من أن الرسوم الجمركية قد تشكل تهديدًا جديدًا للنمو الاقتصادي. كما وجه حديثه للمشرعين البريطانيين قائلًا: “المخاطر التي تواجه الاقتصاد البريطاني – والاقتصادي العالمي بصفة عامة – مستمرة”.

وحذر أيضًا من أن “المواطنين البريطانيين سيتوافر لديهم سيولة أقل في جيوبهم نتيجة للتعريفة الجمركية”.

وهناك مخاطر أخرى على صعيد السياسة المالية للملكة المتحدة، إذ إذ تستعرض وزيرة المالية البريطانية راشيل ريفز أحدث المستجدات على صعيد خططها المستقبلية للاقتصاد البريطاني.

وتواجه الوزيرة ضغوطًا في اتجاه خفض الإنفاق الحكومي، وزيادة الضرائب أن الرضوخ للقواعد المالية التي تفرضها الحكومة وسط تكلفة اقتراض مرتفعة وارتفاع عائدات السندات الحكومية البريطانية.

وطرحت وزارة المالية البريطانية فكر خفض الإنفاق على مدفوعات الرعاية الاجتماعية، لكن هذه الفكرة أثارت الكثير من الجدل بين المشرعين البريطانيين في الحكومة التي تنتمي إلى تيار يمين الوسط.

ويصدر “إعلان وزارة المالية لفصل الربيع” تزامنًا مع تقديرات اقتصادية تصدر عن مكتب مسؤولية الموازنة، وهو هيئة مستقلة تصدر تقديرات اقتصادية ومالية، والتي من شأنها أن تلقي الضوء على أثر الخطط الضريبية وخطط الإنفاق على المواطنين.

رغم كل هذه المخاطر، أكد البنك المركزي أنه سوف يتبع “نهجًا تدريجيًا وحذرًا أثناء التراجع عن تشديد السياسة النقدية”، وهو ما يفتح الباب أمام توقعات بالمزيد من خفض الفائدة في المستقبل، إذ علق البنك المركزي قرارات الخفض المحتملة على ما يستجد من بيانات اقتصادية.

تحقق أيضا

اليورو

اليورو يتراجع بعد تصريحات لاجارد

تراجع اليورو أثناء تعاملات الخميس متأثرًا بارتفاع الدولار الأمريكي علاوة على تراجع الضغوط التضخمية في …