من المتوقع أن يتمسك البنك المركزي الأوروبي بالنهج التدريجي الذي يتبعه في التعامل مع السياسة النقدية في الفترة المقبلة، إذ يرجح المستثمرون في الأسواق أن البنك المركزي قد يخفض الفائدة في اجتماعه الذي ينعقد الخميس المقبل.
وتستمر السلطات النقدية في أوروبا في خفض معدلات الفائدة الرئيسية منذ يونيو 2024 وسط توقعات بأن يحافظ البنك المركزي على نفس الوتيرة التي يسير عليها منذ ذلك الوقت على مدار العام الجاري.
وأكد كريستين لاجارد، رئيسة مجلس محافظي البنك المركزي الأوروبي، على تمسكها بذلك النهج التدريجي في تصريحات أدلت بها أمام منتدى دافوس الاقتصادي الأسبوع الماضي. وتشير التوقعات السائدة في الأسواق إلى أن الفائدة الأوروبية قد تتعرض للخفض بواقع 25 نقطة أساس.
لكن توقعات أخرى، يتبناها فريق أصغر من المستثمرين، بأن المركزي الأوروبي قد يخفض الفائدة 50 نقطة، وهي التوقعات التي يستبعد أن تتحقق على أرض الواقع في ضوء استمرار ارتفاع التضخم في القطاع الخدمي في منطقة اليورو, ولا يزال التضخم في أسعار الخدمات في المنطقة عند 4.00%.
كما تتوافر بعض العوامل على الأرض، من بينها المزيد من البيانات الاقتصادية، التي تجعل خفضًا أكبر حجمًا للفائدة الأوروبية من الأمور الضارة بالاقتصاد، أبرها ارتفاع نمو الأجور الأوروبية إلى أعلى المستويات في حوالي 30 سنة في الربع الثالث من العام الماضي.
النمو والمشهد السياسي
تقف عوامل أخرى وراء ضرورة اتباع نهج تدريجي في التعامل مع ملف خفض الفائدة الأوروبية، أبرزها معدلات النمو في منطقة اليورو. كما ينبغي الوضع في الاعتبار أيضًا الاضطرابات السياسية في ألمانيا، أكبر اقتصادات منطقة اليورو، وفرنسا، ثاني أكبر اقتصادات المنطقة.
وهناك مخاوف أيضًا حيال إمكانية زيادة الضغوط التي تتعرض لها صادرات منطقة اليورو نتيجة للتباطؤ الذي يتعرض له الاقتصاد الصيني، ثاني أكبر اقتصادات العالم، علاوة المخاطر التي تنطوي عليها التعريفة الجمركية الأمريكية المحتملة التي تدرسها إدارة ترامب فرضها على الواردات من أوروبا.
على الرغم من ذلك، حتى الآن لم تتعرض النظرة المستقبلية للاقتصاد الأوروبي لقدر من التدهور يكفي لاتخاذ القرار بخفض كبير لمعدل الفائدة، إذ ينطوي هذا التحرك على مخاطرة كبيرة تتمثل في إحداث صدمة لاقتصاد المنطقة.
فمعدل الفائدة الأوروبية منخفض بالفعل في ضوء ما يتوافر من بيانات اقتصادية. على ذلك، قد يكون الخيار الأفضل للاجارد هو خفض الفائدة بـ25 نقطة أساس، وهو ما تثمنه الأسواق بالفعل. لكن تبقى أنظار المستثمرين معلقة برئيسة مجلس محافظي المركزي الأوروبي في حديثها في المؤتمر الصحفي الذي ينعقد عقب إعلان قرارات السياسة النقدية، وذلك التماسًا لأي إشارات إلى المسار المستقبلي للسياسة النقدية.
العملة الأوروبية الموحدة
يمن المرجح ألا يتحرك اليورو بقوة عقب إعلان قرارا الفائدة، الخفض 25 نقطة أساس، لأن الأسواق تثمن ذلك إلى حدٍ بعيدٍ. كما يتوقع على نطاق واسع أن يكون خطاب كريستين لاجارد هادئًا إلى حدٍ ما، لكن خال عدم تأكيدها على أن البنك المركزي الأوروبي لن يقدم على خفض عنيف لمعدلات الفائدة في الفترة المقبلة، سوف يتأثر اليورو سلبًا إلى حدٍ كبيرٍ.