عبر شاشة تلفزيون دبي، تناول محمد حشاد، رئيس قسم الأبحاث والتطوير في نور كابيتال وعضو الجمعية الأمريكية للمحللين الفنيين، بالتعليق والتحليل أبرز الأحداث التي شهدتها الأسواق المالية مؤخرًا، وفي بداية حديثه، سلط حشاد الضوء على تصريحات رئيس مجلس الاحتياطي الفيدرالي، جيروم باول، التي أشعلت اهتمام المستثمرين وألهبت الأسواق، وتحدث حشاد عن رأيه ما إذا كانت تصريحات باول بمثابة إشارة فعلية لخفض معدلات الفائدة الأمريكية أم إنها إشارة إلى أن الطريق إلى خفض الفائدة لا يزال طويلاً.
شهادة جيروم باول
وأوضح محمد حشاد أنه على مدار يومين على التوالي استقبلت الأسواق والمستثمرون وصناع السياسة النقدية شهادة جيروم باول أمام لجنة الشؤون المصرفية بمجلس النواب الأمريكية، مضيفًا: “من وجهة نظري الشخصية أنها كانت واحدة من أهم شهادات جيروم باول على الإطلاق، وكانت كاشفة لحقائق مثيرة حول الوضع الحالي للاقتصاد الأمريكي”.
وتابع حشاد: “لم تصدر عن جيروم باول أي إشارة بشكل مباشرة إلى خفض معدلات الفائدة ولكنه حاول أن يسبط الضوء على أهمية تحقيق التوازن، ومن ثم الاستقرار، بين ثلاثة عوامل أو ثلاثة محاور ذات أهمية بالغة وهي: سوق العمل والتوظيف والتضخم والاستقرار المالي لمنظومة الاقتصاد الأمريكي بشكل عام، وجاءت شهادة جيروم باول مختلفة في هذه المرة، وترجمتها الأسواق بطرق مختلفة، إلا أن الثابت هو أنها جاءت منهجية وعلمية للغاية، وتابع حشاد: “بعد تحليل شخصي للشهادة التي استمرت على مدار يومين، يمكن أن نستنتج منها عدة محاور ولكن الأهم على الإطلاق برزت ديناميكيات التفاعل بين التوظيف والتضخم.
وأوضح حشاد أنه يمكن على مدار التاريخ الطويل لوضع وإعادة ضبط السياسة النقدية كان اهتمام مجلس الاحتياطي الفيدرالي بنصب الأساس وفي المقام الأول على أرقام ومستهدفات التضخم ولكن حشاد يعتقد أن الأن ثمة منظور مختلف يتبناه المركزي الأمريكي.
أما المحور الثاني، فقد تركز في تحول الأولويات من خلال منهج علمي يؤيده جيروم باول وفي الأثناء، يحاول الفيدرالي تحقيق التوازن الدقيق بين صحة سوق العمل والتضخم.
ويعتقد حشاد أنه اعتبارًا من شهادة باول، بات من الواضح أن التضخم لم يعد هو البطل المطلق الرئيسي في سيناريو السياسة النقدية، ولكن يشاركه في الأهمية ودور البطولة سوق العمل لأنه يوفر الدليل الإيجابي الذي لا سبيل للتشكيك فيه على التعافي الاقتصادي.
وأوضح حشاد أن المحور الثالث الأكثر أهمية هو حرص الاحتياطي الفيدرالي على تحقيق الاستقرار ما بين التمويل والإقراض، ومبدأ كفاية رأس المال الذي أوضح جيروم باول كم أنه مهم للغاية؛ فهو يريد ويحاول رفع كفاءة رأس مال البنوك الأمريكية، ولكن يقابل ذلك قواعد صارمة تحمي الاستقرار المالي، وبالتالي تفاعلت الأسواق مع تصريحات جيروم باول بشكل مختلف، وتابع حشاد: “أرى أن أكثر المستفيدين من شهادة جيروم باول هو أسواق الأسهم على الإطلاق، وليس أسواق الأسهم الأمريكية فقط”.
أسعار الذهب
وفي ظل هذه تصريحات جيروم باول، تفاعلت الأسواق، واسعار الذهب بشكل واضح، وردًا على سؤال ما إذا كان يعتقد أن الذهب سيتجه للمستويات التي تحدث عنها الكثير من المحللين، أي بلوغ مستوى الألفين وخمسمائة دولار للأونصة على ضوء هذه المعطيات، رجح حشاد أنه ليس من المستبعد أن تشاهد أسواق تداول السلع المهمة أونصة الذهب عند ألفين وخمسمائة دولار، وبات المعدن الثمين يحوم بالقرب من ألفين وأربعمائة الآن، وهناك متغيرات ومعطيات متجددة بشكل يومي في الأسواق وعلى رأسها التوترات الجيو سياسية ولكن الأسواق سعرت بشكل مبكر أن الفيدرالي قد يقوم بخفض الفائدة في شهر سبتمبر وبالتالي قد تكون هناك فرصة جيدة لاستمرار ارتفاع الذهب. ولكن اليوم ننتظر أيضا بيانات التضخم، أي قراءة مؤشر أسعار المستهلكين، وأضاف أنه يعتقد أنه في حالة إذا تباطأ التضخم وجاءت القراءة الفعلية أقل من السابق وأقل من المتوقع ستعطينا إشارة أن خفض الفائدة ودورة التيسير قد تبدأ وينتهي التشديد النقدي في سبتمبر، ويرى حشاد، من وجهة نظره الشخصية وفي تقديره، أن خفض معدلات الفائدة الأمريكية قد يبدأ في في ديسمبر وليس سبتمبر.
أداء النفط
وفي ضوء بيانات الاقتصاد الأمريكي التي لا تزال ايجابية نوعا ما، ووسط توقعات جيدة لمنظمة أوبك فيما يتعلق بالطلب على النفط تقابلها توقعات سلبية نوعا ما على مستوى وكالة الطاقة الدولية، وردًا على سؤال حول كيفية قراءة التباين بين الرأيين فيما تعلق بالطلب على النفط، أوضح محمد حشاد أنه يعتقد عدم وجود تباين بالمعنى الكامل للكلمة، بل هي مسائل تتعلق بطريقة إدارة منظمة أوبك لأسواق الطاقة، فالمنظمة دائما ما تسعى إلى حفظ التوازن أو الحفاظ على الاستقرار في أسعار النفط بينما وكالة الطاقة الدولية ممكن في تقرير شهري حديث تشير إلى نمو الطلب العالمي إلى سبعمائة وتسعين ألف برميل خلال عام 2024، وعلى الجانب الأخر يناقضه أن المعروض النفطي سيبقى عند مستوى مائة وثلاثة ألف برميل، ومن وجهة نظره، يرى حشادج أن تلك العوامل ليست المؤثر الرئيسي في أسعار النفط، ولكن ما يؤثر على أسعار النفط في الواقع هو قراءات النشاط الصيني أو التعافي الاقتصادي الصيني والتوترات الجيوسياسية الموجودة حاليًا في منطقة الشرق الأوسط.
الاسترليني
وفيما يتعلق بأسواق العملات، لفت حشاد إلى أن أسواق التداول لاحظت أن الجنيه الاسترليني سجل قفزة في تعاملاته اليوم، وردًا على سؤال عما إذا كان هذا الأداء يتعارض مع جهود بريطانيا في مكافحة التضخم وما إذا كان من المحتمل أن يعيق جهود مكافحة التضخم، أجاب حشاد: ” إن المستوى الذي سجله الاسترليني هو أعلى مستوى له أمام الدولار منذ أربعة شهور وهذا يعد رد فعل طبيعي لفوز حزب العمال بنتيجة ساحقة في الانتخابات الأخيرة التي شهدتها المملكة المتحدة، وهي الانتخابات التي أنهت حقبة حكم حزب المحافظين بعد أن أمضى في السلطة أربعة عشر عاما.
ويعتقد حشاد أن الجنيه الإسترليني تفاعل مع فوز حزب العمال على أساس أن السياسة الجديدة القادمة سوف تعمل على وضع أسس جديدة للتعليم والصحة وتوفير المزيد من الوظائف، فتمنع زيادة الضريبة على الدخل كما ستقرر خطط الإنفاق بشكل جاد، وبالتالي ارتفع الجنيه أمام الدولار وأمام الين الياباني ولكن لا يتعارض هذا الأداء مع احتمالات أن يقوم بنك انجلترا بخفض الفائدة في اجتماع أغسطس القادم.
الأسهم
وأخيرا فيما يتعلق بمؤشر نيكي الذي قفز لأكثر من اثنين وأربعين ألف نقطة، وردًا على سؤال عما إذا كان من الوارد أن يتعرض لانخفاض في أعقاب هذه الارتفاعات، أوضح حشاد أن بعض التراجعات باتت متوقعة نتيجة عمليات جني أرباح وللمرة الأولى فوق اثنين وأربعين ألف يحاول المؤشر اللحاق بركاب الأسهم الأمريكية، مستفيدًا بشكل كبير من أسهم قطاع التكنولوجيا واستفاد من البيانات الإيجابية التي ظهرت من اليابان بخصوص الإنتاج التصنيعي التي تدل على تعافي الاقتصاد الياباني.