يواصل الذهب الصعود منذ مستهل التعاملات اليومية الاثنين مستفيدًا من التصريحات التي خرجت من أروقة بنك الاحتياطي الفيدرالي – التي جاءت على لسان رئيس مجلس محافظي البنك المركزي، ملقيةً الضوء على المسار المستقبلي للفائدة.
كما تلقى المعدن النفيس دعما إضافيًا من بيانات التضخم الأمريكية التي عكست تراجعًا في الأسعار، وفقا لقراءات سلسلة مؤشرات نفقات الاستهلاك الشخصي في الولايات المتحدة التي يعتبرها الفيدرالي الأكثر مصداقية واعتمادية في التعبير عن واقع أسعار المستهلك في البلاد.
وجاء صعود الذهب مدفوعًا بتصريحات رئيس الفيدرالي جيروم باول التي رجح خلالها أن الفيدرالي “ليس في عجلة من أمره لخفض الفائدة، إذ لا يزال النمو قويًا بينما يستمر معدل التضخم في تجاوز هدف البنك المركزي”.
شهدت الأسواق ظهور دفعة من البيانات الأمريكية التي ألقت الضوء على تحسن في أداء الاقتصاد الأمريكي في الفترة الأخيرة، وهي التي عززت تصريحات باول الذي أشار إلى أنه لا داعي للتعجل في رفع الفائدة طالما يستمر النشاط الاقتصادي في الولايات المتحدة في إظهار المزيد من القوة.
وارتفع مؤشر مديري المشتريات التصنيعي الصادر عن المعهد الأمريكي لدراسات الإمدادات (ISM) إلى 50.3 نقطة في مارس الجاري مقابل قراءة الشهر السابق التي سجلت 47.8 نقطة، وهو ما تجاوز توقعات السوق التي أشارت إلى 48.4 نقطة.
وسجل مكون التوظيف في مؤشر مديري المشتريات التصنيعي الصادر عن المعهد الأمريكي لدراسات الإمدادات (ISM) ارتفاعًا إلى 47.4 نقطة في مارس الجاري مقابل قراءة الشهر السابق التي سجلت 45.9 نقطة.
وارتفع مكون الطلبات الجديدة في مؤشر مديري المشتريات التصنيعي الصادر عن المعهد الأمريكي لدراسات الإمدادات (ISM) إلى 51.4 نقطة في مارس الجاري مقابل قراءة الشهر السابق التي سجلت 49.4 نقطة.
تقدم في معركة التضخم
رغم تحسن الدفعة الأحسن على الإطلاق من البيانات الأمريكية، لم تتمكن تلك المؤشرات من إقناع الأسواق بأن الفيدرالي قد يؤجل خفض الفائدة إلى ما بعد يونيو المقبل، وذلك نظرا لقوة الدفعة السابقة من البيانات التي ألقت الضوء على تقدم الفيدرالي في معركته ضد التضخم.
وسجلت قراءة مؤشر نفقات الاستهلاك الشخصي ارتفاعًا بـ0.3% فقط في فبراير الماضي مقابل القراءة السابقة والتوقعات التي أشارت إلى 0.4% والتوقعات التي أشارت إلى نفس الرقم، وذلك وفقا للقراءة الشهرية.
كما سجلت قراءة مؤشر نفقات الاستهلاك الشخصي ارتفاعًا بـ2.5% فقط في فبراير الماضي مقابل قراءة نصف الشهر من العام الماضي التي سجلت ارتفاعًا إلى 2.4%، وهو ما جاء متوافق وتوقعات الأسواق التي أشارت إلى 2.5%.
وارتفعت القراءة الشهرية مؤشر نفقات الاستهلاك الشخصي باستثناء أسعار الغذاء والطاقة بـ 0.3% الشهر الماضي مقابل القراءة السابقة التي سجلت ارتفاعًا بـ0.5%، وهو ما توافق مع توقعات السوق التي أشارت إلى نفس الرقم.
لكن قراءة مؤشر نفقات الاستهلاك الشخصي باستثناء أسعار الغذاء والطاقة سجلت ارتفاعًا بـ2.8% في فبراير الماضي مقابل قراءة نفس الشهر من العام الماضي التي سجلت ارتفاعا أكبر بـ2.9%.
الفيدرالي وباول
سواء في بيان الفائدة أو في تصريحات جيروم باول، رئيس مجلس محافظي بنك الاحتياطي الفيدرالي – جاء الخطاب الرسمي عن المسار المستقبلي للسياسة النقدية في الولايات المتحدة معززًا لتوقعات في الأسواق بأن البنك المركزي قد يخفض الفائدة بـ75 نقطة أساس على الأقل في 2024، وهو ما يشير إلى تعافي الذهب بعد استيعاب الأسواق لما جاء في بيان الفائدة وتصريحات باول والتخلص من الأثر السلبي الذي عانى منه المعدن النفيس بسبب البيانات الأمريكية الإيجابية التي ظهرت الجمعة الماضية. أشارت التوقعات الرسمية للفائدة إلى أن أغلب أعضاء اللجنة الفيدرالية للسوق المفتوحة يرون أن الفيدرالي قد يخفض الفائدة ثلاث مرات على مدار 2024، لكن تلك التوقعات لم تحدد توقيت هذه القرارات المحتملة.
وأشار بيان الفائدة إلى أن أعضاء اللجنة الفيدرالية للسوق المفتوحة يتوقعون خفض الفائدة ثلاث مرات – بواقع 25 نقطة أساس في كل مرة – في 2023، وهو ما يشير إلى إمكانية أن نشاهد الخفض الأول لمعدل الفائدة الفيدرالية منذ مارس 2022.
وارتفعت العقود الفورية للذهب إلى 2176 دولار للأونصة مقابل الإغلاق اليومي المسجل الجمعة الماضية عند 2164 دولار للأونصة. وهبطت أسعار المعدن النفيس إلى أدنى مستوى لها في مستهل التعاملات الأسبوعية عند 2163 دولار مقابل أعلى المستويات الذي سجل 2181 دولار.
عقد جيروم باول، رئيس اللجنة الفيدرالية للسوق المفتوحة، مؤتمرًا صحفيًا الأربعاء الماضي عقب إعلان الفيدرالي الإبقاء على معدل الفائدة دون تغيير في نهاية اجتماع مارس الجاري أدلى خلاله بتصريحات كان لها بالغ الأثر في حركة السعر في أسواق المال العالمية الأربعاء.
وظهر جليًا في تصريحات باول ميل إلى استعراض إنجازات البنك المركزي في الفترة الماضية على صعيد خفض التضخم من أعلى المستويات في حوالي 40 سنة، وذلك في إطار الجهود التي يبذلها منذ مارس 2022 لمكافحة التضخم.
وقال جيروم باول، في المؤتمر الصحفي الذي انعقد عقب إعلان قرار الإبقاء الفائدة دون تغيير الأربعاء: “تراجع التضخم إلى حدٍ كبيرٍ في الفترة الأخيرة، لكنه لا يزال مرتفعًا للغاية”، مؤكدا أن المسار المستقبلي للأسعار لا يزال مغلفا بانعدام اليقين
أضاف أن : “الاقتصاد حقق تقدمًا كبيرًا، مما يدفع المخاطر بقوة إلى منطقة توازن”، مشيرًا إلى أن قطاع الإسكان الأمريكي كان يشهدا تدهورًا ملحوظًا العام الماضي.
واستمر: “تلقى أداء الناتج المحلي الإجمالي دعما من زيادة طلب المستهلك إضافة إلى الدعم الذي تلقاه من إصلاح اختناقات المعروض”، متوقعًا أن يظل التضخم مستقرا بشكل جيد على المدى الطويل.
وقال رئيس الفيدرالي إن التضخم يتراجع بشكل ملحوظ، قائلا: “يبدو أننا قد نخفض الفائدة في وقت ما هذا العام”.
قال جيروم باول: “نستمر في إحراز تقدم جيد في خفض معدل التضخم، ولا زلنا ملتزمين بشدة بخفض التضخم إلى 2.00% بمرور الوقت، لكننا نؤكد على أنه ’بمرور الوقت‘”.
وأضاف: “سوف نشاهد انخفاضًا في تضخم السلع والخدمات، مما يؤدي إلى انخفاض التضخم بصفة عامة إلى 2.00% بصفة مستدامة”، مؤكدا أن المخاطر التي تحيط بالاقتصاد الأمريكي لا تزال تسير في الاتجاهين.
وأشار إلى أن مؤشرات نفقات الاستهلاك الشخصي أسعار المستهلك الصادرة في يناير الماضي تدفع الفيدرالي إلى أن يتوقع إمكانية مراجعة تلك القراءات لاحقًا.
وقال: “عندما نجمع بين القراءات (قراءات التضخم) التي ظهرت في يناير وفبراير الماضييْن، لا أعتقد أن الطريق قد يكون وعرًا بل أرى أن إشارات أوضح باتت تظهر إلى انخفاض التضخم”.
لكنه أضاف: “لا أعتقد أن هذه الأرقام قد تضيف إلى ثقتنا في أن التضخم يتراجع، كما لا أعتقد أن معدلات التضخم قد تكون أعلى على المدى الطويل”.
وتابع: “نبحث عن بيانات من شأنها أن تؤكد أن ما شاهدناه العام الماضي سوف يعطينا المزيد من الثقة في أن التضخم يهبط في اتجاه 2.00%”، مضيفًا: “لا يزال يبدو لنا أن الأغلبية العظمى تتوقع أن نقدم على خفض الفائدة هذا العام، لكن ذلك لا يزال يعتمد على البيانات الاقتصادية”.
وأشارت التوقعات الرسمية للفائدة إلى أن أغلب أعضاء اللجنة الفيدرالية للسوق المفتوحة يرون أن الفيدرالي قد يخفض الفائدة ثلاث مرات على مدار 2024، لكن تلك التوقعات لم تحدد توقيت هذه القرارات المحتملة.
وأكد بيان الفائدة أن أعضاء اللجنة الفيدرالية للسوق المفتوحة يتوقعون خفض الفائدة ثلاث مرات – بواقع 25 نقطة أساس في كل مرة – في 2023، وهو ما يشير إلى إمكانية أن نشاهد الخفض الأول لمعدل الفائدة الفيدرالية منذ مارس 2022. .