في مواجهة أزمة اقتصادية يمكن أن تكون أكثر ضررًا من الأزمة المالية العالمية التى نشبت عام 2008، يحث القادة الأوروبيون على تقديم استجابة مالية قوية ومنسقة لحماية الشركات والأسر من تأثير تفشي الفيروس التاجي كورونا.
لكن حتى الآن، افتقرت مقترحات الاتحاد الأوروبي والسلطات الوطنية، الاستجابة للمرض مقارنة بحجم برنامج الإنفاق البالغ 200 مليار يورو الذي تم تنسيقه من قبل بروكسل والدول الأعضاء في الاتحاد الأوروبي بعد أزمة عام 2008، والتي كانت تساوي 1.5% من الناتج المحلي الإجمالي للكتلة الموحدة.
وبدلاً من ذلك، ركزت الحكومات على مزيج من تعليق الضرائب وتمديدات الدفع على الرسوم الاجتماعية وضمانات القروض وإعانات الأجور للعمال الذين لا يستطيعون العمل أو الانتقال إلى العمل بدوام جزئي.
وجاءت الخطوة الأكثر جرأة حتى الآن، من السويد والتي تسمح للشركات بتأجيل مدفوعات الضرائب لمدة تصل إلى عام بتكلفة تزيد على 27.5 مليار يورو للخزينة أو 6% من الناتج المحلي الإجمالي.
ذكرت صحيفة “فاينانشيال تايمز” أن المفوضية الأوروبية، تخطط لضخ 37 مليار يورو في إطار برامج التمويل الإقليمية لمكافحة تأثير الوباء الجديد.
وأعلنت المفوضية الأوروبية، أيضا أن دول الاتحاد الأوروبي ستمنح “مرونة كاملة” في قواعدها المالية للسماح لها بزيادة الإنفاق.
لكن بعض الاقتصاديين ما زالوا قلقين بشأن عواقب حزم الإنفاق الضخمة على البلدان الأكثر مديونية، مثل اليونان وإيطاليا.
وعلى الجانب الآخر قامت دول أخرى بضخ المال إلى سكانها مثل خطة هونج كونج لدفع 10 آلاف دولار محلي، لكل مواطن.
لكن يعتقد بعض الاقتصاديين أن هذه هي اللحظة المناسبة لحافز مالي كبير في أوروبا، بالنظر إلى أن العديد من دول الاتحاد الأوروبي مغلقة، في ظل عدم قدرة ملايين الأشخاص على الخروج والإنفاق.
وأقدمت العديد من دول منطقة العملة الموحدة، على العديد من الإجراءات للتصدى لهذا الوباء الجديد.
ففى ألمانيا تقدم الحكومة ما يصل إلى 500 مليار يورو من القروض المتاحة للشركات المتضررة من وباء فيروس “كورونا” المميت.
وسيتم توفير معظم هذه الخدمات عن طريق بنك التنمية الألمانى، وستكون القروض متاحة لجميع الشركات من الشركات الصغيرة والمتوسطة إلى الشركات الممتازة المدرجة في البورصة الألمانية.
وقال وزير المالية أولاف شولتز، إن برلين توسع برنامجها لائتمانات التصدير والضمانات الأخرى لمساعدة الشركات في الأزمات.
وتعهدت أيضا بأن الشركات المتضررة من الفيروس المستجد يمكنها تأجيل مليارات اليورو في مدفوعات الضرائب.
يأتى ذلك فى الوقت الذى تقوم فيه الإدارة الألمانية، بتوسيع مخطط مدعوم من الحكومة لتعويض العمال الذين أرسلهم أصحاب العمل إلى بلادهم أثناء أزمة اقتصادية.
وفى فرنسا تعهد الرئيس إيمانويل ماكرون، ووزير ماليته بتقديم دعم غير محدود للميزانية للشركات والموظفين المتضررين من وباء فيروس كورونا، وهي استراتيجية مالية متعددة الجوانب ستبلغ تكلفتها عشرات المليارات من اليورو.
يأتى ذلك فى الوقت الذى أطلق فيه ماكرون، آلية استثنائية وضخمة لدفع أجور العمال الذين تم تسريحهم مؤقتًا من قبل الشركات التي تعاني من الأزمات.
ومن المتوقع أن تكون زيادة الدعم هى العنصر الأكثر تكلفة في مجموعة التدابير في فرنسا.
وتشمل التحركات الأخرى، ضمانات قروض محسنة للشركات المتضررة والإنقاذ المحتمل للشركات التي تمتلك أسهمًا حكومية مثل اير فرانس، وتأجيل ضرائب الشركة ومدفوعات الضمان الاجتماعي ومدفوعات الإجازات للبقاء في المنزل والعناية بالأطفال لأن المدارس مغلقة.
وفى إيطاليا التى أصبحت بين عشية وضحاها بؤرة انتشار الفيروس فى أوروبا، وعد وزير الاقتصاد روبرتو جوالتيري، بأنه لن يُترك أحد بمفرده، حيث تبدأ روما في توزيع الأموال من حزمة الإنقاذ المالي التي تصل إلى 25 مليار يورو.
وتتمثل الإجراءات الرئيسية في توفير 1.15 مليار يورو للنظام الصحي الإيطالي، و1.5 مليار يورو لوكالة الحماية المدنية التابعة لها والمسئولة عن تنظيم استجابة البلاد للفيروسات التاجية.
ومن المتوقع أن تشمل التدابير الأخرى، مدفوعات لمرة واحدة بقيمة 500 يورو لكل شخص يعمل لحسابه الخاص، ودعم حكومي للشركات التي تدفع مبالغ زائدة لموظفيها، ومكافأة نقدية للإيطاليين الذين لا يزالون يعملون أثناء فترة الإغلاق.
ومن المتوقع أن تتضمن الحزمة أيضًا، ضمانات قروض للشركات التي تضررت من الأزمة، ووقف مدفوعات القروض والرهن العقاري.. لكن التفاصيل الدقيقة لكيفية الهيكلة هذه لم يتم الإعلان عنها بعد.
وأشارت الصحيفة البريطانية إلى أنه سيكون هناك أيضًا دعم مالي للعائلات الإيطالية التي لديها أطفال في المنزل، ولسائقي سيارات الأجرة والبريد، الذين يواصلون العمل لتقديم الخدمات العاجلة أثناء تفشي المرض.
وفى إسبانيا أعلنت الحكومة المركزية أنها ستتحمل مسئولية ضمان إمدادات الغذاء والطعام والطاقة.
وتضمنت الحزمة الأولية من الإجراءات التي تم تحديدها الأسبوع الماضي، قبل الإغلاق الوطني، إنفاقًا صحيًا إضافيًا بقيمة 4 مليارات يورو، و14 مليار يورو تقريبًا في الإعفاء الضريبي للشركات الصغيرة والمتوسطة والعاملين لحسابهم الخاص على مدى 6 أشهر.
وأدخلت مدريد خط ائتمان بقيمة 400 مليون يورو للمساعدة في تلبية احتياجات السيولة في قطاع السياحة وتمديد إعانات الضمان الاجتماعي للعمالة الموسمية.