انتهت تعاملات الأسبوع الماضي في أسواق المال بأداء متباين للعملات الرئيسية وباقي الأصول المتداولة في الأسواق بسبب حالة من الشد والجذب بين توقعات بتوقف الفيدرالي عن رفع الفائدة من قبل بنك الاحتياطي الفيدرالي في يونيو الجاري وتكهنات باستئناف البنك المركزي الفائدة في يوليو المقبل.
وجاء الصراع بين هذه التوقعات وتلك التكهنات قبل أيام قليلة من قرار الفيدرالي الذي يصدر الأربعاء المقبل بعد عشرة اجتماعات على التوالي اتخذ فيها البنك المركزي القرار برفع الفائدة.
وكانت الغلبة لصالح أصول المخاطرة في نهاية أسبوع التداول الماضي، إذ ختمت الأسهم الأمريكية تعاملات الأسبوع المنتهي في التاسع من يونيو الجاري في الاتجاه الصاعد بدفعة من تصاعد توقعات برفع الفائدة من قبل بنك الاحتياطي الفيدرالي الأربعاء المقبل.
وظهرت تلك التوقعات وتصاعدت إلى حدٍ كبير بعد تصريحات خرجت من أروقة الفيدرالي في الفترة الأخيرة من أكثر من عضو في لجنة السوق الفيدرالية المفتوحة رجحت كفة التوقف عن رفع الفائدة في الاجتماع المقبل للبنك المركزي.
كما جاءت بيانات التوظيف الأمريكية لتعكس بعض التدهور في أوضاع سوق العمل في الشهر الماضي في صورة تراجع في نمو الأجور وارتفاع في معدل البطالة الأمريكية.
وتصاعدت أيضا تلك التوقعات بسبب قرار رفع الفائدة من بنك الاحتياطي الأسترالي وبنك كندا الأسبوع الماضي، خاصة بنك كندا الذي عاد إلى رفع الفائدة بعد عدة أشهر من التوقف عن سياسة التشديد الكمي.
وأنهى داو جونز الصناعي تعاملات الأسبوع الماضي بارتفاع تجاوز 200 نقطة مع مكاسب لستنادردز آند بورس500 بحوالي 15 نقطة وارتفاع ناسداك للصناعات التكنولوجية الثقيلة بنقاط قليلة مقارنة بالإغلاق الأسبوعي الماضي.
الدولار في مواجهة الذهب
كانت مجريات الأمور الأسبوع الماضي سلبية في مجملة بالنسبة لأداء الدولار الأمريكي الذي ختم التعاملات الجمعة الماضية بخسائر أسبوعية. وارتفع مؤشر الدولار، الذي يقيس أداء العملة الأمريكية مقابل سلة العملات الرئيسية، إلى 103.56 نقطة مقابل الإغلاق الأسبوعي الذي سجل 104.22. نقطة.
وارتفع المؤشر إلى أعلى مستوى له في أسبوع التداول الماضي عند 104.31 نقطة مقابل أدنى المستويات الذي سجل 103.30 نقطة.
أنهى الذهب تعاملات الأسبوع الماضي في الاتجاه الصاعد بدفعة من الهبوط الذي تعرض له الدولار الأمريكي عقب سيطرة توقعات على السوق بأن الفيدرالي قد يتوقف عن رفع الفائدة في اجتماع يونيو الجاري.
وارتفعت العقود الآجلة لذهب إلى 1960 دولار للأونصة مقابل الإغلاق الأسبوعي الماضي الذي سجل 1947 دولار للأونصة. وهبطت عقود الذهب إلى أدنى مستوى لها الأسبوع الماضي عند 1938 دولار مقابل أعلى المستويات الذي سجل 1973 دولار، وهو ما يشير إلى استفادته من توقعات التوقف عن رفع الفائدة مقابل الضرر الذي حل بتعاملات الدولار الأمريكي في نفس الفترة ولنفس الأسباب.
واستفادت عائدات سندات الخزانة الأمريكية من تصاعد في توقعات رفع الفائدة في الاجتماعات التي تلي اجتماع يونيو الجاري بعد توقفها المحتمل في اجتماع الشهر الجاري، وهي التوقعات التي ظهرت في منتصف الأسبوع الماضي عقب رفع بنك الاحتياطي الأسترالي الفائدة في اجتماع يونيو الجاري وعودة بنك كندا إلى رفع الفائدة في اجتماع السياسة النقدية الأسبوع الماضي.
وارتفعت عائدات سندات الخزانة الأمريكية لأدل عشر سنوات إلى 3.738% مقابل الإغلاق الأسبوعي الماضي الذي سجل 3.724%. وهبطت العائدات إلى أدنى مستوى لها في أسبوع التداول الماضي عند 3.717% مقابل أعلى المستويات الذي سجل 3.777%.
للنفط قصة مختلفة
أنهى النفط تعاملات الأسبوع الماضي بخسائر رغم توافر الكثير من العوامل الإيجابية التي لعبت لصالح الخام الأسود على مدار الأسبوع المنتهي في التاسع من يونيو الجاري.
وأعادت زيارة أنتوني بلينكن، وزير الخارجية الأمريكية، للرياض في المملكة العربية السعودية إلى الأذهان الخفض الطوعي للإنتاج الذي اتخذته السعودية القرار نهاية الأسبوع السابق، والذي كان من أهم العوامل التي عززت أسعار النفط العالية، إذ جاءت الزيارة بعد أيام قليلة من قرار السعودية الذي جاء على هامش اجتماع أوبك+ الذي أسفر عن تمديد العمل بالسياسة الإنتاجية التي تعتمد على خفض الإنتاج من أجل تعزيز الأسعار.
وألقت توقعات بارتفاع الطلب وتراجع المعروض النفطي العالمي بظلال إيجابية على الأسعار، وهي التوقعات التي صدرت عن إدارة معلومات الطاقة وأيدتها توقعات من مسؤولين في شركات كبرى في قطاع الطاقة في الولايات المتحدة.
كما تراجعت حدة توقعات رفع الفائدة الفيدرالية في يونيو الجاري، مما أسهم في تحسن شهية المخاطرة في الأسواق ليشهد النفط المزيد من الصعود.
رغم كا هذه الإيجابية، أطاح عامل استجد في المشهد الحالي في أسواق النفط العالمية بكل الإيجابية التي أثارتها تلك العوامل؛ وهو إمكانية توصل الولايات المتحدة وإيران إلى اتفاق على رفع المزيد من العقوبات الاقتصادية على طهران مقابل خفض معدلات تخصيب اليورانيوم الإيرانية الحالية.
ونشر موقع ميدل إيست آي تقريرا أشار إلى اقتراب الولايات المتحدة وإيران من اتفاق مؤقت يقضي بأن تلغي واشنطن بعض العقوبات التي تفرضها على إيران في حين تخفض الأخيرة درجة تخصيب اليورانيوم.
نفت بعثة إيران في الأمم المتحدة بحث إبرام اتفاق مؤقت مع الولايات المتحدة بدلاً من الاتفاق النووي، الجمعة، بعدما كانت واشنطن نفت وجود أي محادثات من هذا القبيل.
وقالت البعثة الدبلوماسية الإيرانية الدائمة لدى الأمم المتحدة: “لا يوجد أي اتفاق مؤقت بدلاً من الاتفاق النووي وهو ليس على جدول الأعمال”.
وذكرت وكالة الأنباء الإيرانية (إرنا) أن تصريحات البعثة جاءت رداً على تقارير تفيد بأن طهران وواشنطن على وشك التوصل إلى اتفاق مؤقت لرفع بعض العقوبات المفروضة على إيران مقابل تجميد بعض أنشطتها في مجال تخصيب اليورانيوم.
وفي وقت سابق، رفض البيت الأبيض التقارير التي تفيد بأن الولايات المتحدة وإيران على وشك التوصل إلى اتفاق مؤقت تحد بموجبه طهران من برنامجها النووي مقابل رفع العقوبات.
وقال متحدث باسم مجلس الأمن القومي بالبيت الأبيض لوسائل الإعلام، الخميس، رداً على تلك التقارير: “كل تقرير عن الاتفاق المؤقت مع إيران كاذب”.
أسبوع قاسي على العملات المشفرة
شهد الأسبوع الماضي تطورات سلبية جاءت ضد ما تشتهيه أسواق العملات المشفرة بعد بدء الإدارة الأمريكية حملة على قطاع الأصول الرقمية ممثلة في هيئة الأوراق المالية والبورصات الأمريكية (SEC).
رفعت هيئة الأوراق المالية والبورصات الأمريكية دعوى قضائية ضد الرئيس التنفيذي للشركة الأسبوع الماضي تتضمن اتهامات بالتقاعس عن التسجيل لدى هيئات الرقابة المالية الأمريكية واتهامات أخرى.
كما تضمنت لائحة الاتهامات الموجهة إلى باينانس ورئيسها التنفيذي تشانجبينج زاو الخلط بين الأصول المملوكة لجميع العملاء، والعمل في الولايات المتحدة بدون ترخيص، وإصدار سندات غير مسجلة لدى هيئة الأوراق المالية والسندات الأمريكية.
وأعلنت الهيئة الأسبوع الماضي أيضا أنها بدأت إجراءات تقاضي ضد شركة كوينبايز العملاقة للعملات المشفرة الثلاثاء، وفقا لصحيفة الفاينناشال تايمز البريطانية.
ورفعت الهيئة الأمريكية دعوتين قضائيتين ضد الشركة التي تسيطر على أكثر من نصف تعاملات الأصول الرقمية حول العالم، وهي الدعاوى التي اتهمت كوينبايز بمخالفة القوانين الأمريكية بعد أن تقاعست عن تسجيل نفسها كشركة وساطة مالية في الولايات المتحدة.
وسحب متداولون عملات مشفرة من حساباتهم على منصة التداول باينانس بقيمة 800 مليون دولار في الأربع وعشرين ساعة الماضية، وفقا لتقارير صدرت الثلاثاء.
الأسبوع المقبل
تنتظر الأسواق الأربعاء المقبل قرار الفائدة من قبل بنك الاحتياطي الفيدرالي وسط توقعات متضاربة لما يمكن أن يتخذه البنك المركزي من قرارا على صعيد السياسة النقدية.
ورفع الفيدرالي الفائدة في الاجتماعات العشرة الأخيرة على التوالي دون توقف في محاولة في إطار مساعي لخفض التضخم الذي يواصل الارتفاع إلى مستويات بعيدة عن هدف البنك المركزي المحدد بـ2.00%.
ويتوقع على نطاق واسع أن يتوقف الفيدرالي عن رفع الفائدة في اجتماع الأسبوع المقبل للمرة الأولى منذ بداية الدورة الحالية من التشديد الكمي ليستقر معدل الفائدة الرئيسي عند 5.00%-5.25%، وفقا لمؤشر فيدووتش الصادر عن بورصة شيكاجو.
وقبل يومين من قرار الفيدرالي تصدر بيانات التضخم الأمريكية على مستوى أسعار المستهلكين والمنتجين، والتي تنتظرها الأسواق للتعرف على أوضاع الأسعار في البلاد، ومن ثم محاولة قراءة المسار المستقبلي للسياسة النقدية للفيدرالي.
وتظهر أيضا مبيعات التجزئة الأمريكية التي تتمتع بأهمية كبيرة أيضا نظرا لما تلقيه من ضوء على أوضاع إنفاق المستهلك في الولايات المتحدة.