أنهت أسواق المال العالمية تعاملات الأسبوع الماضي بانتصار أصول المخاطرة – في مقدمتها الأسهم الأمريكية – بعد ظهور بيانات التوظيف الأمريكية الجمعة الماضية، ملقية الضوء على ترادع في أوضاع سوق العمل في الولايات المتحدة.
ويسمح التراجع في نمو الوظائف ونمو الأجور في الولايات المتحدة للفيدرالي بقدر من المرونة أثناء التحركات على صعيد معدل الفائدة في الفترة المقبلة، إذ يستهدف البنك المركزي تراجعا في أوضاع سوق العمل يساعده على السيطرة على التضخم في البلاد.
وعلى مدار الأسبوع أيضا، ظهرت بعض تقارير الأرباح الهامة التي كان لها دورا كبيرا في رسم ملامح حركة السعر في أسواق المال العالمية. وكانت أبرز تقارير الأرباح التي ظهرت في الأسبوع الماضي لأبل وأمازون.
كما تعرض الدولار الأمريكي لصدمة من تقارير أشارت إلى خفض التصنيف الائتماني لسندات الخزانة الأمريكية، وهو التحديث الذي أصدرته وكالة التصنيف الائتماني فيتش.
الدولار الأمريكي والتصنيف الائتماني
وحقق مؤشر الدولار، الذي يقيس أداء العملة الأمريكية مقابل سلة العملات الرئيسية، ارتفاعا هامشيا إلى 102.02 نقطة في الأسبوع المنتهي في الرابع من أغسطس الجاري مقابل الإغلاق المسجل الأسبوع السابق عند 101.87.
وحققت العملة الأمريكية هذا الارتفاع بدفعة من تدهور شهية المخاطرة في الأسواق عقب إصدار فيتش تحديثا يتضمن خفض التصنيف الائتماني لسندات الخزانة الأمريكية.
وأعلنت وكالة فيتش للتصنيف الائتماني الأربعاء الماضي خفض التصنيف الائتماني خفض تصنيف عدد من فئات سندات الخزانة الأمريكية، وهو ما قد يتبعه قرارات بخفض التصنيف الائتماني لأصول أمريكية من قبل وكالات أخرى مثل موديز التي لا تزال تحتفظ بالتصنيف AAA للسندات السيادية الأمريكية.
وتعليقا على هذا التحديث، قالت جانيت يلين، وزيرة الخزانة الأمريكية، إن “خفض التصنيف الائتماني لسندات الخزانة الأمريكية يبدو محيرًا في ضوء القوة التي يظهرها أداء الاقتصاد في الفترة الأخيرة”.
ووصفت يلين إعلان خفض التصنيف من قبل وكالة فيتش للتصنيف الائتماني بأنه “معيب”، مرجحة أن هذا الخفض “يستند إلى بيانات عفا عليها الزمن، وفشل في أن يعكس التحسن في أنشطة إدارة الدولة تحت قيادة بايدن”.
وفي سياق منفصل، أشارت وزيرة الخزانة الأمريكية إلى أن “اتفاق سقف الدين يتضمن أكثر من تريلون دولار تخصص لتقليص العجز المالي على مدار عشر سنوات”.
وأكدت أن “اقتصاد الولايات المتحدة سوف يبقى الاقتصاد الأكبر والأكثر مرونة على مستوى العالم”.
وول ستريت وبيانات التوظيف
لكن العملة تراجعت بعد تحسن بيانات التوظيف الأمريكية وتقارير أرباح أمازون، إذ أدت تلك العوامل إلى تحسن في شهية المخاطرة في الأسواق نظرا لتوافق البيانات مع الاتجاه المفضل للفيدرالي علاوة على تحسن أرباح أمازون، وهو ما أدى أيضا إلى تحسن أداء أسهم وول ستريت وأًول المخاطرة في أسواق المال العالمية.
وسجل مؤشر التغير في توظيف القطاعات غير الزراعية في الولايات المتحدة الصادر عن مكتب إحصاء العمل الأمريكي ارتفاعا بواقع 187 ألف وظيفة الشهر الماضي مقابل 209 ألف وظيفها أضافها الاقتصاد الأمريكي الشهر السابق، وهو ما جاء دون التوقعات التي أشارت إلى 200 وظيفة.
وتراجع معدل البطالة الأمريكية إلى 3.5% في يوليو الماضي مقارنة بالشهر السابق عندما سجل ارتفاعا إلى 3.6%.
ولم يشهد نمو الأجور في يوليو الماضي أي تغيير على أساس شهري وسنوي، إذ سجلت القراءة السنوية لمؤشر متوسط الكسب في الساعة في الولايات المتحدة الشهر الماضي ارتفاعا بـ0.4% مقابل القراءة السابقة التي سجلت نفس الرقم وأعلى من التوقعات التي أشارت إلى هبوط إلى 0.3%.
ولم تشهد القراءة السنوية للمؤشر أي تغيير أيضا في يوليو الماضي، إذ ثبتت عند 4.4، وهو ما جاء أعلى من توقعات السوق التي أشارت إلى 4.4%. مقابل القراءة المسجلة في نفس الشهر من العام الماضي التي سجلت نموا بـ4.4%، وفقا للقراءة السنوية.
اليوان الصيني وتحركات جديدة
وسط محاولات للسيطرة على هبوط العملة الصينية من خلال عمليات السوق المفتوحة – التي تنفذها بنوك صينية مملوكة للدولة نيابة عن بنك الصين الشعبية. – تمكن اليوان الصيني من تحقيق ارتفاع مقابل الدولار الأمريكي.
وقالت تقارير إن جهات مالية حكومية في الصين أصدرت تعليمات غير رسمية تتضمن تكليف بعض البنوك التجارية بالتوقف عن شراء الدولار الأمريكي مقابل اليوان الصيني، مما أدى إلى ارتفاع الأخير.
وقالت الهيئة الصينية لسعر الصرف إن “توقعات سعر الصرف مستقرة، مما أدى إلى تحول معنويات الشركات والمؤسسات المالية إلى حالة حيادية أثناء إجراء التعاملات على العملة الصينية”.
وكان اليوان الصيني قد فقد حوالي 3.6% من قيمته مقابل العملة الأمريكية منذ بداية العام الجاري، كما هبط إلى أدنى المستويات في ثمانية أِشهر في يوليو الماضي.
الأسبوع المقبل
تشهد أسواق المال العالمية الأسبوع المقبل أحداثا هامة، في مقدمتها بيانات أمريكية هامة وتقارير أرباح شركات كبرى مدرجة في مؤشرات الأسهم العالمية.
وينتظر المستثمرين في الأسواق بيانات التضخم في أسعار المستهلكين، وأسعار المنتجين، وثقة المستهلكين في الولايات المتحدة الأمريكية، والتي من شأنها أن تلقي المزيد من الضوء على المسار المستقبلي للفائدة من قبل بنك الاحتياطي الفيدرالي.
وتصدر الأسبوع المقبل بيانات التضخم، والتجارة، واستثمارات الدخل الثابت في الصين. وتعلن أيضا قراءات أسعار المستهلك في ألمانيا.
كما ينتظرون تقارير أرباح ديزني، وهوندا، ويو بي إس، وعلي بابا، وإلي ليلي، وجلوبال فاوندريز، وصن لايف فيننشال، ولي أوتو، وباريك جولد، وريفيان أوتوموتيف بين شركات أخرى مردجة في مؤشرات بورصة نيويورك.