انتهت تعاملات أسواق المال العالمية الأسبوع الماضي بتفاؤل يشوبه الحذر بعد حالة من انعدام اليقين أثارها إجمالي الأحداث التي وقعت على مدار تلك الفترة وما خلفته من آثار على حركة سعر الأصول المتداولة.
وكانت تصريحات جيروم باول، رئيس مجلس محافظي بنك الاحتياطي الفيدرالي، في الصدارة بين المؤثرات في أسواق المال على مدار الأسبوع المنتهي في العاشر من فبراير الجاري.
كما ظهرت دفعات من البيانات الاقتصادية كان لها أثر إيجابي في مجملها على أسواق المال على مستوى مؤشرات قطاع المستهلك وسوق العمل في الولايات المتحدة.
وكانت تلك التصريحات قد بعثت برسائل متناقضة إلى الأسواق أدت إلى سيطرة انعدام اليقين على المستثمرين فيما يتعلق بتوقعات المسار المستقبلي للفائدة.
ورغم انعدام اليقين، انتهت تعاملات الأسهم الأمريكية في الاتجاه الصاعد بدفعة من ميل لمسه المتداولون في تصريحات رئيس الفيدرالي التي أكد خلالها على أغلب ما جاء في تصريحاته في المؤتمر الصحفي الذي انعقد عقب اجتماع الفيدرالي الذي شهد رفعا للفائدة بـ 25 نقطة أساس.
تصريحات باول
قال جيروم باول، رئيس مجلس محافظي بنك الاحتياطي الفيدرالي، الثلاثاء الماضي: “لم نكن نتوقع أن تأتي بيانات التوظيف بهذا الشكل
هذه المرة”.
وأضاف: “سوق العمل قوي بشكل غير عادي. وأحيانا ما تصلني البيانات قبل نشرها بليلة واحدة، لكني لا أطلع عليها أحدا”.
وتابع: “الرسالة التي بعثت بها لجنة السوق الفيدرالية المفتوحة إلى الأسواق الأسبوع الماضي أشارت إلى أن عملية تراجع التضخم بدأت، لكن لا يزال أمامها طريق طويل عليها أن تقطعه”.
وشدد على أن “الاستمرار في رفع الفائدة سوف يكون مناسبا في الفترة المقبلة لأننا لم نصل بعد إلى مستوى التشديد الكافي”.
وأشار إلى أن تصويت لجنة السوق الفيدرالية المفتوحة على قرارات السياسة النقدية يكون في الظهيرة من اليوم الثاني لاجتماع الفيدرالي.
وتوقع أن الأمر قد يستغرق هذا العام والعام المقبل حتى يتمكن الفيدرالي من خفض التضخم إلى 2.00%، مؤكدا أن سوق العمل الأمريكي وصل إلى الحد الأقصى من التوظيف على الأقل.
ورجح أن الولايات المتحدة لا تعاني من عجز في العمالة، وأن أي مشكلة على هذا الصعيد قد تكون نتيجة “لأسباب هيكلية”.
وأكد أن “التحدي الأكبر الذي يواجهه الفيدرالي في الوقت الراهن هو استكمال المسيرة في الطريق إلى إعادة التضخم إلى مستوى هدف البنك المركزي المحدد بـ2.00%.
قال جيروم بأول، رئيس مجلس محافظي بنك الاحتياطي الفيدرالي: “لا نرى تراجعا في أسعار الخدمات الأساسية، وهوما يحتاج إلى الإبقاء على معدلات فائدة مرتفعة”، مؤكدا أنه لا يزال يتوقع تراجعا في أوضاع سوق العمل.
وأكد رئيس الفيدرالي على الحقيقة التي ذكرها بيان الفائدة الصادر من الفيدرالي الأسبوع الماضي التي تتضمن أن البنك المركزي سوف يتصرف وفقا لما تمليه عليه البيانات الاقتصادية.
وكرر ما صرح به في المؤتمر الصحفي الذي انعقد بعد إعلان رفع الفائدة الفيدرالية الأربعاء الماضي من أن “إذا جاءت البيانات أقوى من توقعات الأسواق، فسوف نرفع الفائدة إلى مستويات أعلى مما تشير إليه التوقعات”، وذلك في الكلمة التي أدلى بها أمام نادي واشنطن الاقتصادي.
البيانات الاقتصادية
ارتفعت القراءة الأولية لثقة المستهلك الأمريكي في فبراير الجاري، وفقا للمؤشر الصادر الجمعة عن جامعة ميتشيجان.
وارتفعت القراءة إلى 66.4 نقطة مقابل القراءة السابقة التي سجلت 64.9 نقطة، وهو ما داء أعلى من التوقعات التي أشارت إلى 65 نقطة، وفقا للقراءة الصادر الجمعة الماضية.
وتشير القراءة فوق مستوى 50 لهذا المؤشر إلى منطقة النمو في ثقة المستهلكين في الولايات المتحدة بينما تشير القراءة أدنى من هذا المستوى إلى انكماش في الثقة.
وهذه القراءة أولية قابلة للمراجعة إلى هبوط أو ارتفاع وقت إصدار القراءة النهائية التي تصدر في وقت لاحق.
وارتفعت مطالبات إعانات البطالة الأسبوعية في الولايات المتحدة إلى 196 ألف مطالبة في الأسبوع المنتهي في الثالث من فبراير الماضي مقابل القراءة السابقة التي سجلت 183 ألف مطالبة، وهو ما جاء دون توقعات الأسواق التي أشارت إلى 190 ألف مطالبة.
كما ارتفع إجمالي عدد المستفيدين من إعانات البطالة الأمريكية إلى 1.688 مليون مستفيدا في الأسبوع المنتهي في 27 يناير الماضي مقابل القراءة السابقة التي سجلت 1.650 مليون مستفيدا، وهو ما جاء أعلى من توقعات الأسواق التي أشارت إلى 1.658 مليون مستفيدا، وفقا للبيانات الصادرة الخميس الماضي.
ويُعد تدهور أوضاع سوق العمل في الولايات المتحدة من أهم العوامل التي تستفيد منها الأسهم الأمريكية في الفترة الأخيرة نظرا لما أكد عليه رئيس الفيدرالي جيروم باول في أكثر من مناسبة من أن قوة البيانات سوف تدفع إلى المزيد من رفع الفائدة بينما يدفع تدهور البيانات إلى التوقف عن رفع الفائدة.
العملات الأوروبية
ختم اليورو تعاملات الأسبوع الماضي في الاتجاه الهابط بعد بيانات سلبية ظهرت على مستوى الإنتاج الصناعي.
وتراجع مؤشر الإنتاج الصناعي الألماني بـ 3.9-% في ديسمبر الماضي مقابل قراءة نفس الشهر من العام الماضي التي سجلت 0.5-%، وفقا للقراءة السنوية التي ألقت الضوء على تدهور على نطاق واسع في القطاع الذي يتمتع بأهمية كبيرة في أكبر اقتصادات المنطقة.
كما هبطت القراءة الشهرية للمؤشر أيضا في ديسمبر الماضي بـ 3.1-% مقابل قراءة الشهر السابق التي سجلت ارتفاعا بـ 0.4%.
وجاءت الخسائر الأسبوعية لليورو مدفوعة بالتصريحات السلبية التي خرجت من أروقة المركزي الأوروبي ألقت بظلال سلبية على التقديرات المستقبلية للنمو والتضخم في منطقة اليورو.
وكشفت البيانات الصادرة عن مكتب الإحصاء الألماني أن المؤشر المنسق لأسعار المستهلك (HICP) انخفض إلى 9.2% على أساس سنوي في يناير من 9.6% في ديسمبر، وهو ما جاء أقل بكثير من توقعات السوق عند 10%، وهي الإيجابية التي لم تتمكن العملة الأوروبية الموحدة الاستفادة منها.
على النقيض من ذلك، تمكن الإسترليني من استغلال ضعف الدولار الأمريكي في تحقيق مكاسب أسبوعية. كما كان تفادي الاقتصاد البريطاني الركود في الربع الأخير من 2022 من أسباب تعافي العملة.
تقارير الأرباح وتطورات الأسبوع المقبل
أعلنت عدة شركات مدرجة بمؤشرات البورصات العالمية نتائجها المالية التي أشارت في مجملها إلى تحسن في الأرباح والإيرادات والأداء المالي بصفة عامة في الربع الأخير من 2022 مقارنة بالتوقعات ومستويات هذه العناصر المالية المسجلة العام السابق.
وكانت شركات بيبسي، وتيثر، وليفت، وأوبر من أبرز الشركات التي أعلنت عن تقدم في الأداء المالي، وفقا لتقارير الأرباح الصادرة عن أداء الربع الأخير من العام الماضي.
وتظل تقارير الأرباح واحدا من أهم المحاور التي تؤثر في حركة السعر في أسواق المال العالمية على مدار الأسبوع الجديد. وتعلن شركات هامة حول العالم نتائجها المالية في تلك الفترة، أبرزها كوكاكولا، وسيسكو، وأير بي إن بي، وديفون إنرجي، وفرست إنرجي.
لكن من المرجح أن يكون المكان الأكبر من الأهمية للبيانات الاقتصادية التي تظهر الأسبوع المقبل، إذ تحتوي على بيانات التضخم التي تظهر الثلاثاء المقبل.
وتأتي بيانات التضخم وسط توقعات بتراجع أسعار المستهلك الأمريكي التي هبطت على أساس سنوي في ديسمبر الماضي بواقع 6.2% مقابل القراءة المسجلة في نفس الشهر من العام السابق عند 6.5%، وهو ما يُعد تراجعا كبيرا مقارنة بأعلى المستويات في 40 سنة الذي سجل 9.1% في يونيو الماضي.
كما تظهر بيانات تضخم أسعار المنتجين الأمريكيين الخميس المقبل لتحدد أوضاع التضخم في يناير الماضي. وهبطت القراءة السنوية لأسعار المنتجين الأمريكيين بواقع 5.4% في ديسمبر الماضي مقابل القراءة المسجلة في نفس الشهر من العام السابق التي سجلت ارتفاعا بـ6.2%.
وتصدر أيضا مبيعات التجزئة الأمريكية التي تلقي الضوء على أوضاع إنفاق المستهلك في الولايات المتحدة الجمعة المقبلة.
ولا تزال جهود البحث والإنقاذ في تركيا وسوريا مستمرة وسط تقارير عن استمرار العثور على أحياء تحت أنقاض المباني التي انهارت جراء أعنف زلزال يضرب المنطقة منذ عام 1939.