نور تريندز / التقارير الاقتصادية / كيف تهدد صدمات أسعار النفط العالمية الاقتصاد الأمريكي؟
أسعار النفط تحظى باستقرار مؤقت قبيل نتائج الانتخابات الأمريكية

كيف تهدد صدمات أسعار النفط العالمية الاقتصاد الأمريكي؟

في حقيقةً الأمر، ليس هناك أي وقت مناسب على الإطلاق لتضرب صدمة أسعار النفط العالمية الاقتصاد الأمريكي. ومع ذلك، فإن الوقت الحالي هو أسوأ وقت لحدوث مثل هذه الصدمة حيث يصل التضخم إلى أعلى مستوياته منذ 40 عامًا، ويتم تشديد السياسة النقدية والموازنة، فضلا عن تراجع سوق الأسهم، والاقتصاد العالمي يتباطأ.

فإن هذه الظروف تزيد فقط من فرص بقاء التضخم مرتفعاً خلال الأشهر القليلة المقبلة وحدوث ركود اقتصادي حقيقي قبل نهاية العام. وبالطبع، أولئك الذين يشككون في تعرض الاقتصاد الأمريكي لصدمة أسعار النفط لم يملأوا سيارتهم البنزين مؤخرًا. 

كما أنهم لم يعروا اهتمامًا كبيرًا للغزو الروسي الأوكراني والعقوبات الاقتصادية التي فرضها الغرب على روسيا ردًا على ذلك، حيث إن هذه الأحداث تتسبب في نقص إمدادات النفط العالمية.

يذكر أن أسعار البنزين كانت تبلغ حوالي 3 دولارات للغالون قبل عام واحد. أما اليوم، فقد وصل سعرها إلى 4.71 دولارًا للغالون بل والاسعار في ارتفاع. 

كما كانت أسعار النفط في حدود 80 دولارًا للبرميل مؤخرًا في شهر يناير. واليوم يصل سعرها إلى 115 دولارًا للبرميل. مع عدم وجود نهاية تلوح في الأفق للحرب الروسية، ومع رفض أوبك ضخ المزيد من النفط لتعويض نقص الإمدادات الروسية، هناك احتمال ضئيل لأي انخفاض قريب المدى في أسعار النفط العالمية.

تأثير أسعار النفط على المستهلكين الأمريكيين

تعمل أسعار النفط المرتفعة بمثابة ضريبة على دخول الأسرة؛ إذ يضطرون إلى دفع 4.70 دولارًا للغالون في كل مرة يملأون سياراتهم، مما يترك للأسر أموالًا أقل لشراء سلع أخرى. 

لذلك، فلا عجب في أن ثقة المستهلك تنخفض بسرعة كبيرة، في حين أن التضخم يفوق زيادات الأجور وسوق الأسهم يتعرض للانخفاض الحاد.

كما أن ارتفاع أسعار النفط له تأثير في الحفاظ على معدل التضخم الرئيسي مرتفعًا. ومع ارتفاع تضخم أسعار المستهلكين بالفعل إلى أكثر من 8٪، فإن ارتفاع أسعار البنزين يترك لمجلس الاحتياطي الفيدرالي خيارًا ضئيلًا سوى الضغط على مكابح السياسة النقدية لمنع التوقعات التضخمية من السيطرة.

علاوة على ذلك، تؤدي أسعار النفط المرتفعة إلى إضعاف قدرة بنك الاحتياطي الفيدرالي على إنقاذ سوق الأسهم المتعثرة عن طريق خفض أسعار الفائدة وزيادة السيولة في السوق.

وعلى صعيد آخر، تعتمد الدول الأوروبية اعتمادًا كبيرا بشكل عام، وألمانيا وإيطاليا بشكل خاص، على النفط والغاز الطبيعي الروسي لتلبية احتياجاتها الإجمالية من الطاقة. وعليه، يجب عليهم أن يتعاملوا مع أزمة أسعار طاقة بمعدل أعلى بكثير مما يفعله الأمريكيون. 

والأسوأ من ذلك، أصبحت اقتصادات الأسواق الناشئة التي تعتمد على واردات النفط والغذاء الآن على أعتاب التخلف عن سداد الديون وأعمال شغب بسبب نقص النقد الأجنبي لسداد فواتير وارداتها المتزايدة.

هذا وتحدث صدمة أسعار النفط الحالية في وقت تحولت فيه موازنة الولايات المتحدة والسياسة النقدية بشكل حاسم إلى ضبط النفس. وتلاشت خطة إنقاذ بايدن الأمريكية لعام 2021 وأصبح الاحتياطي الفيدرالي أكثر تشددًا.

ويقوم بنك الاحتياطي الفيدرالي الآن برفع أسعار الفائدة بمقدار 50 نقطة أساس وسحب سيولة السوق من خلال عدم تمديد حيازاته من السندات عند الاستحقاق.

وقد أدى ذلك بدوره إلى زيادة سريعة في أسعار الفائدة طويلة الأجل بشكل عام ومعدلات الرهن العقاري بشكل خاص، فضلاً عن انخفاض أسعار الأسهم بنسبة 20٪ تقريبًا.

هذا وفي ظل صدمة أسعار النفط العالمية التي تهدد بدفع البلاد إلى ركود حقيقي قد يهدئ التضخم، يحتاج بنك الاحتياطي الفيدرالي إلى الاستعداد للتخفيف من مكابح السياسة النقدية. 

خلاصة القول، قد يكون الركود حتميًا في هذه المرحلة، لكن يمكن لمجلس الاحتياطي الفيدرالي الاختيار بين السيئ والأسوأ.

تحقق أيضا

أداء سوق الأسهم في الربع الأول من عام 2024

ارتفعت الأسهم الأمريكية منذ أوائل العام 2024، متحديةً مخاوف ارتفاع معدلات الفائدة وتأجيلات خفضها حتى …