شهدت الأسواق الأمريكية اهتمامًا متزايدًا بظاهرة “صعود سانتا كلوز” مع اقتراب نهاية العام، وهي ظاهرة موسمية معروفة في وول ستريت تشير إلى ارتفاع أسعار الأسهم خلال آخر خمسة أيام من ديسمبر وأول يومين من يناير من العام التالي.
ورغم أن اسم هذه الظاهرة يبدو احتفاليًا، فإن هذه حركة سعرية تحمل دلالات مهمة للمستثمرين، خصوصًا لمن يخططون لاستراتيجيات عام 2026، إذ ينطوي هذا الارتفاع على قدر كبير من الأهمية بسبب ما يمكن أن يخبرنا به عن العام المقبل.
ويُعرَّف “صعود سانتا كلوز” بأنه نمط تاريخي من حركة السعر في أسواق المال العالمية يتحقق على أرض الواقع بنسبة 78% من السنوات منذ عام 1950، بمتوسط مكاسب يقارب 1.3% خلال فترة قصيرة لا تتجاوز سبعة أيام تداول.
ولفت هذا النمط الأنظار لأنه غالبًا ما يرتبط ببداية قوية للأسواق في العام التالي، بينما يُنظر إلى غيابه كإشارة تحذيرية على ضعف محتمل في المعنويات.
إشارات ضمنية
ورغم البهجة التي تصاحب وجود هذا المصطلح وما يتبادر إلى الذهب عند ذكره في الأسواق بسبب ارتباطه بالمكاسب، قد يكون غياب هذا النموذج من حركة السعر رسالة تحذيرية إلى الأسواق تشير إلى إمكانية مواجهة عام صعب.
في الأيام الأخيرة، حققت المؤشرات الأمريكية مكاسب ملحوظة، حيث ارتفع مؤشر ستاندردز آند بورس500 بنسبة 3.3%، وناسداك بنسبة 4.1%، وداو جونز بنسبة 1.8%.
ورغم أن هذه المكاسب لا تنتمي رسميًا إلى المكاسب المتضمنة في “صعود سانتا كلوز” إلا أنه بعد دخول الفترة المحددة، فإنها تعكس حالة تفاؤل واضحة في الأسواق. ويترقب المستثمرون ما إذا كان هذا الزخم سيستمر ليشكل بداية الصعود الموسمي التقليدي.
ولا تكمن أهمية هذا الصعود فقط في المكاسب التي تتحقق على المدى القصير، بل في دلالاته على العام التالي وما يمكن أن يخبرنا به من معلومات عن المسار المستقبلي للأسهم.
وجرت العادة تاريخيًا على أنه عندما يحدث هذا الصعود الموسمي، تميل الأسواق إلى أداء جيد في السنة الجديدة، بينما يشير غيابه أحيانًا إلى اضطرابات أو ضعف في السيولة. ولهذا السبب يتابع المستثمرون هذه الفترة بدقة، خصوصًا أولئك الذين يعتمدون على المؤشرات الموسمية في قراراتهم.
لكن الاعتماد على الصعود وحده ليس كافيًا. فبحسب تحليلات مالية حديثة، فإن ارتفاع سانتا كلوز ليس مؤشرًا مضمونًا العائدات العام التالي، إذ كانت نتائجه مختلطة عبر العقود بأنواعها المختلفة.
ومع ذلك، يبقى مؤشرًا معنويًا مهمًا يعكس حالة الثقة لدى المستثمرين، وهو ما قد يؤثر على حركة الأسواق في بداية 2026.
سيناريوهات سانتا
إذا تحقق هذا الصعود الكبير هذا العام، فقد يشير ذلك إلى استمرار الزخم الإيجابي القوي، وتحسن معنويات المستثمرين، وربما بداية قوية للأسواق في الربع الأول من 2026.
أما إذا لم يحدث، فقد يكون ذلك إشارة إلى ضعف السيولة أو مخاوف اقتصادية أو جيوسياسية، ما قد يؤدي إلى بداية متقلبة للعام الجديد.
وهناك عدة تفسيرات لحدوث ظاهرة صعود سانتا كلوز، منها إعادة موازنة المحافظ قبل نهاية العام، وتغطية مراكز البيع، وتفاؤل المستثمرين خلال موسم الأعياد، إضافة إلى انخفاض حجم التداول الذي يجعل الأسواق أكثر حساسية للشراء.
كما تلعب صناديق التقاعد وبعض المنتجات المالية دورًا في تعزيز الطلب خلال هذه الفترة.
بالنسبة للمستثمرين، من المهم عدم الاعتماد على هذه الظاهرة وحدها، بل مراقبة معنويات السوق، والتركيز على الأساسيات مثل توقعات الأرباح، وأسعار الفائدة، والتضخم، والسياسات النقدية.
ويمكن استغلال الفرص قصيرة المدى بحذر، مع الحفاظ على استراتيجية طويلة المدى أكثر استقرارًا.
في النهاية، يبقى صعود سانتا كلوز ظاهرة تستحق المتابعة، ليس لأنها تضمن مكاسب، بل لأنها تقدم نظرة مستقبلية على مزاج السوق.
وقد يشير حدوثه إلى بداية قوية لعام 2026، بينما غيابه قد يدعو إلى الحذر. ومع ذلك، فإن نجاح المستثمر يعتمد دائمًا على رؤية شاملة تتجاوز أسبوعًا واحدًا من التداول، مهما كان اسمه جذابًا.
نور تريندز أخبار وتحليل فني وأدوات تعليمية وتوصيات