نور تريندز / التقارير الاقتصادية / ديون الشركات الأمريكية العائق الرئيسي لتعافي اقتصاد البلاد
كوريا الجنوبية، الشركات الصغيرة، كورونا
كوريا الجنوبية، الشركات الصغيرة، كورونا

ديون الشركات الأمريكية العائق الرئيسي لتعافي اقتصاد البلاد

بعد استغلال الشركات الأمريكية لسوق السندات بوتيرة حطمت المقاييس فى الأشهر الماضية، أصبحت اليوم أكثر استدانة من أى وقت مضى.

ورغم أن أغلب هذه النقدية الجديدة التى تزيد عن 1.6 تريليون دولار، ساعدت أعدادا كبيرة من الشركات على النجاة خلال الإغلاق الناتج عن الوباء، فإنها تهدد الآن بإعاقة التعافى الاقتصادى الذى أظهر علامات بالفعل على التباطؤ.

وقالت وكالة أنباء «بلومبرج»، إن العديد من الشركات ستضطر إلى تحويل نقدية أكثر بكثير لسداد هذه الالتزامات، فى الوقت نفسه الذى ستتراجع فيه أرباحها، ما يترك لها القليل من الأموال لإنفاقها على زيادة الأجور والوظائف أو تحديث المرافق فى الأشهر المقبلة.

وبالطبع لا تعد معدلات الاستدانة المفرطة فى قطاع الشركات الأمريكية، أمرا جديدا كلية. فالديون كانت تتراكم منذ أكثر من 10 سنوات أثناء الأزمة المالية العالمية عندما حث انهيار سوق الإسكان الفيدرالى، على ضخ كميات نقدية غير مسبوقة فى الاقتصاد، وهى أداة سياسية ارتقت إلى مستويات مرتفعة جديدة خلال الوباء عندما دعمت أسواق ائتمان الشركات.

وقالت محللة استراتيجية الدخل الثابت فى «تشارلز شواب كورب»، كاثى جونز، إن قطاع الشركات شديد المديونية سينمو بسرعة أقل بكثير، وقد يبطىء عملية التعافى بأكملها.

وأوضحت مدير صندوق فى «هامبرو كابيتال ماندجمينت»، لالى توبكوجلو، إن التعافى الأبطأ ستكون له تداعيات واسعة النطاق فى الأسواق المالية، نظرا لأن الكثير من أسعار الأوراق المالية تعكس توقعات المستثمرين بأن الأرباح ستعود لطبيعتها العام المقبل، ولكن فى الواقع قد يتطلب ذلك عامين أو ثلاثة أعوام.

وترى توبكوجلو، أن الكثير من سندات الشركات ذات التصنيف الائتمانى دون الدرجة الاستثمارية مبالغ فى سعرها، مضيفة: «يبدو الأمر غير معقول تماما بالنظر إلى مقدار الناس التى تغلق أعينها وتشترى».

وشهدت الشركات نمو أعباء ديونها فى الشهور الماضية، مع تراجع الأرباح أثناء الوباء.. وهذا الألم من المتوقع ان يستمر لبقية 2020 مع استمرار التدهور فى المبيعات مقارنة بالعام السابق، حتى إذا ظلت مستويات الإقراض كما هى.

واقترضت الشركات بحدة كذلك مع خفض «الفيدرالى» لأسعار الفائدة قصيرة الأجل بالقرب من الصفر ودعمه لأسواق الائتمان عبر شراء سندات الشركات على سبيل المثال، وشجعت أسعار الفائدة المنخفضة، المستثمرين على شراء الأوراق المالية عالية العائد والأكثر خطورة، وهو ما سمح للشركات ذات التصنيف الائتمانى دون الدرجة الاستثمارية بالاقتراض أكثر للإبحار فى الأزمة.

أما المصدرين مرتفعى التصنيف، فباعوا سندات فى 2020 بقدر أكبر من أى عام كامل فى التاريخ، وتجاوزت الشركات متدنية التصنيف إجمالى إصدارات عام 2019 بالفعل.

وقالت «بلومبرج»، إن معظم الديون التى بيعت فى الشهور الماضية تم استخدامها فى إعادة تمويل الديون المستحقة ولكن بأسعار فائدة أقل، كما احتفظت بعض الشركات بالأموال لزيادة الاحتياطيات النقدية لديها، وقد ينتهى بها الأمر بألا تنفقها أبدا.

وفى العموم، تعد حقيقة أن الشركات تمكنت من البقاء على قيد الحياة خلال الوباء، أمرا جيدا مقارنة بالسيناريو البديل وهو إفلاس عدد أكبر بكثير من الشركات. ولكن لا تستطيع جميع الشركات الوصول إلى التمويل. فصغار المقترضين على سبيل المثال يتم إبعادهم.

وستكون هناك على الأرجح، شركات تعانى من ارتفاع أعباء ديونها لدرجة لا تمكنها من الاقتراض اكثر وتجعل جميع أرباحها تذهب لسداد الديون.

وكانت كثير من الشركات تئن بالفعل تحت أعباء ديونها حتى قبل وباء «كوفيد 19»، وسيتعين عليها الآن العمل بكد أكبر لخفض الاقتراض مع استمرار الانخفاض فى الأرباح.

وحتى إذا اعتمدت الشركات على الأموال التى اقترضتها فسيتعين عليها بالأخير دفع فائدة عليها، وقد تضطر إلى انفاقها إذا استمر الوباء فترة أطول.

وكان مقياس الأرباح قبل الفوائد والضريبة والاستهلاك وإطفاء الدين للشركات ذات التصنيف الائتمانى الاستثمارى عند 3.53 درجة فى الربع الثانى وفقا لمؤشر «بلومبرج باركليز» للشركات الأمريكية، مرتفع التصنيف الائتمانى، وهو الرقم الأعلى فى البيانات التى تعود إلى عام 1998، ومرتفعا من 3.42 فى الأشهر الثلاثة الأولى من العام عندما بدأ تأثير الوباء يظهر فى الأرباح، وبالمقارنة مع متوسط 20 عاما يبلغ 2.65 درجة.

أما بالنسبة للشركات مرتفعة العائد منخفضة التصنيف تقف نسبة الاستدانة عند مستوى قياسى يبلغ 5.42 فى نهاية يونيو بارتفاع من 4.94 بنهاية مارس و4.44 بنهاية 2019.

واعتبارا من 30 يونيو، كانت لدى شركة تأجير السيارات «أفيس بادجيت جروب»، دينا يعادل27 مرة الأرباح بارتفاع من 5 مرات فى نهاية مارس وقد يتحسن هذا الرقم بنهاية العام مع بداية التعافى فى الأرباح.

وقال كبير الاقتصاديين فى «جى بى مورجان تشايس آند كو»، مايكل فيرولى، إنه فى ظل توجيه الشركات، مزيدا من أرباحها نحو دفع الفائدة وخفض الديون، ستكافح لزيادة الوظائف والاستثمارات بالقدر المعتاد فى نهاية ركود تقليدى، وهو ما سيترجم إلى تعافى بطيء نسبيا بدلا من التعافى الحاد على شكل حرف «V» الذى يأمله الكثير من المستثمرين.

وأضاف فيرولى، أن أعباء الديون ستظل عائقا للإنفاق الرأسمالى والتوظيف وليس فقط فى النصف الثانى من العام، ولكن على الأرجح خلال العام المقبل أيضا.

وبدأت شركات التصنيف الائتمانى ملاحظة الاتجاه الهبوطى الواسع فى جودة الائتمانى، وخفضت وكالة «ستاندرد آند بورز» التصنيف الائتمانى لديون شركات أمريكية مرتفعة العائد فى الربع الثانى أكثر، مما رفع تصنيفها أكثر من أى وقت فى العقد الماضى على الأقل، وفقا لبيانات جمعتها «بلومبرج».

وحققت أكثر من 80% من الشركات المدرجة فى مؤشر»ستاندرد آند بورز» نتائج فى الربع الثانى أفضل من متوسط توقعات المحللين وفقا لبيانات وحدة استخبارات «بلومبرج»، ورغم هذا التحسن لا يزال الاقتصاد ضعيفا، وتراجعت أرباح الشركات لكل سهم بحوالى الثلث فى الربع الثانى مقارنة بالفترة نفسها العام الماضى. ومن المتوقع أن تواصل التراجع فى الربعين الثالث والرابع كذلك، كما ارتفعت أعباء الديون، ويتوقع الاستراتيجيون أن تتآكل نسبة تغطية الديون والفائدة بقدر أكبر.

وأعطى المستثمرون، للشركات فترة سماح تمتد لعام، ثم يتطلعون لمنتصف عام 2021 أو بعد ذلك ليقيموا كيف سيكون أداء الشركات بعد إيجاد مصل لـ»كوفيد 19 « وتوزيعه على سبيل المثال، وهذا يفسر لماذا استطاعت شركات منها مشغلى السفن السياحية «رويال كاريبيان» و»كارنيفال» مواصلة الاقتراض مع تداول سنداتها الجديدة بسعر أعلى مما بيعت به فى الأصل.

وقالت جونز، من «تشارلز شواب كورب»، إن هذه الدورة الاقتصادية مختلفة كثيرا عن الدورات السابقة، نتيجة الدعم غير المسبوق من البنوك المركزية والسيولة الوفيرة فى السوق. ولكنها حذرت من أن السيولة تختلف عن الملاءة المالية القوية.. وبالتالى يتعين على المستثمرين التفكير جيدا فى أين يستثمرون؟ ومتى؟

تحقق أيضا

النفط

عوامل قد تؤدي إلى المزيد من هبوط أسعار النفط

ظهرت بعض العوامل في أسواق النفط العالمية من شأنها أن تؤجج هبوط الأسعار في الفترة …