وافقت حكومات الاتحاد الأوروبى، البالغ عددها 27 حكومة، فى يوليو الماضى، على استجابة تاريخية لأزمة كورونا من خلال تمكين المفوضية الأوروبية من جمع 750 مليار يورو من الديون، وتسليم العائدات للاقتصادات المنكوبة فى شكل قروض ومنح.
وتضمنت الصفقة وعدا باستكشاف مصادر جديدة للدخل، مثل فرض ضريبة رقمية أوروبية أو ضريبة على واردات الكربون، لتسديد أكبر ممارسة للاتحاد الأوروبى على الإطلاق فى الاقتراض المشترك، لكن الحكومات منقسمة الآراء حول تلك الضرائب.
ونقلت صحيفة «فاينانشيال تايمز» البريطانية عن وكالات التصنيف الائتمانى قولها إن هذه الضرائب لن تكون حاسمة فى تحديد مدى الجدارة الائتمانية لسندات الاتحاد الأوروبى.
قال المدير العام المساعد لدى وكالة «موديز» للتصنيف الائتمانى، ديتمار هورنونج، والتى تعتبر الاتحاد الأوروبى مقترضا من الدرجة الأولى، إن التصنيف الائتمانى يركز عادة على قدرة واستعداد الجهة المصدرة لخدمة الدين.
وأشار هورنونج، إلى أن حكومات الاتحاد الأوروبى وافقت على توفير مبلغ إضافى محتمل قدره 80 مليار يورو سنويا فى الموازنة لسداد السندات، مضيفا: «فى هذا السياق، فإن أصل العائدات له أهمية ثانوية».
ورغم التوسع الهائل فى الاقتراض المخطط له فى إطار صندوق التعافى، فإن تكلفة خدمة الدين تُغطى بشكل مريح من خلال المساهمات الإضافية المحتملة من الدول الأعضاء الأعلى تصنيفا، مثل ألمانيا وهولندا، وفقا لما قاله أرنود لويس، من وكالة «فيتش» للتصنيف الائتمانى.
وتأتى فرنسا ضمن الدول التى تقود فرض ضرائب الاتحاد الأوروبى على الشركات الرقمية العالمية وفرض ضرائب كربون حدودية على الواردات الأجنبية الملوثة، وهى تدابير تقول إنها تعنى أن دافعى الضرائب الأوروبيين لن يضطروا إلى تحمل التكلفة المباشرة لجهود التعافى.
وقالت المفوضية الأوروبية إنها تعتزم التوصل إلى مقترحات للضرائب المفروضة فى النصف الأول من عام 2021، بهدف إبرام اتفاق بحلول عام 2023، ومع ذلك، تتطلب القضايا الضريبية دعما بالإجماع من الدول الأعضاء، فقد عارضت ألمانيا أيضا ضريبة حدودية على الكربون، فى حين تعثر اقتراح الضريبة الرقمية للاتحاد الأوروبى عند اقتراحه للمرة الأولى قبل عامين.
من المرجح أن يدفع تحالف أوروبا للدول الغنية المقتصدة، المكونة من النمسا وهولندا والسويد والدنمارك، بدلا من ذلك، من أجل موازنات الاتحاد الأوروبى المشتركة الأصغر، مستخدما فى ذلك المدخرات للمساعدة فى سداد الديون.
وأعلنت وكالة «فيتش» أنها ستراقب عن كثب أى مقاومة فى هذه الدول لاحتمال دفع مبالغ أكبر لبروكسل.
قال لويس، من «فيتش»: «يمكن أن تؤدى المساهمات الأعلى فى الموازنة إلى تفاقم أوجه الاختلاف بين الدول المساهمة الصافية والدول المستفيدة الصافية»، مشيرا إلى أن التطورات السياسية التى تؤدى إلى إضعاف التماسك بين الدول الأعضاء أو إعادة تقييم نزوعها لدعم الاتحاد الأوروبى قد تؤدى إلى ضغوط تصنيفية سلبية.
ومن المقرر أن يبدأ تنفيذ ضريبة إعادة تدوير البلاستيك فى الاتحاد الأوروبى، والتى يعتقد أنها تولد مبلغا متواضعا يقدر بـ 7 مليارات يورو سنويا، اعتبارا من عام 2021 لتغطية بعض تكاليف الديون، إذ تبدأ أقساط سداد أصل السندات فى عام 2028 وتتراوح مدتها على مدى 30 عاما.
وحددت بروكسل الإنفاق السنوى على هذه المدفوعات بما لا يزيد عن 7.5% من المنح المستحقة، والتى تصل إلى أقل من 30 مليار يورو سنويا.
وقال كبير مديرى التصنيفات السيادية فى وكالة «ستاندرد آند بورز»، باتريس كوتشلين، والتى خفضت تصنيف الاتحاد الأوروبى عند AA، إن الاشتباكات المستقبلية بشأن ضرائب الاتحاد الأوروبى من شأنها إضعاف الحجة المقدمة لصالح المزيد من التماسك السياسى فى الكتلة.
وسيحتاج صندوق التعافى إلى المصادقة عليه من قبل البرلمانات الوطنية للدول الأعضاء، وهى عملية يحذر دبلوماسيون فى الاتحاد الأوروبى من أنها قد تمتد حتى بداية عام 2021، كما سيتعين أيضا موافقة البرلمان الأوروبي- الذى يعزز التوجه نحو التزام قوى بتطوير السلطات الضريبية للكتلة- على اتفاقية منفصلة بشأن موازنة الاتحاد الأوروبى القادمة.
وذكرت «فاينانشيال تايمز» أن ديون الاتحاد الأوروبى تتداول حاليا فى السوق بالقرب من ديون أعضاء الكتلة، التى تُصنف AA، رغم تصنيفها الأعلى من قبل اثنتين من وكالات التصنيف الائتمانى الثلاث الكبرى.
فعلى سبيل المثال، يتم تداول سندات الاتحاد الأوروبى المستحقة فى 2032 بعائد يقل عن 0.11%، وهو قريب من السندات الفرنسية المماثلة، وتزيد تكاليف الاقتراض بأكثر من 0.3% عن المكافئ الألمانى.
وقال ديفيد زان، رئيس الدخل الثابت الأوروبى فى «فرانكلين تمبلتون»، إنه ربما يكون هناك حاجة لرفع العائدات أكثر قليلا لجذب المشترين لفيض السندات المقبل.