لم تفلح التعهدات التي قطعتها كلا من الصين والولايات المتحدة على نفسها لإبقاء التوقعات حية لاتفاق تجاري شامل لم تفعل سوى القليل لتغيير توقعات النمو المتدهورة لكلا البلدين؛ بالإضافة إلى أنها لم تحظى بثقة الاقتصاديين.
وافقت الصين يوم الجمعة الماضى على مضاعفة مشترياتها السنوية من المنتجات الزراعية الأمريكية إلى أكثر من 50 مليار دولار؛ الأمر الذى يوفر فرصة سياسية في دائرة ريفية من الدوائر الانتخابية الرئيسية في محاولة إعادة انتخاب الرئيس الأمريكى دونالد ترامب لعام 2020 أكثر من مجرد رفع معنوي لدولة ذات ناتج محلي إجمالي يبلغ حوالي 21 تريليون دولار.
وذكرت وكالة أنباء “بلومبرج” أن الصين بدأت بالفعل في شراء المنتجات الزراعية الأمريكية.
وفي المقابل، أقنعت بكين الولايات المتحدة بتعليق زيادة أخرى في التعريفة الجمركية مع قلق مسؤولي البيت الأبيض من تباطؤ النمو في الداخل.
لكن على الطاولة يتمثل أكبر تهديد اقتصادي للرئيس الامريكى حتى الآن فى ضرائب الاستيراد على جميع الشحنات الصينية المتبقية المقرر أن تبدأ في 15 ديسمبر المقبل والتي من شأنها أن تجعل مجموعة من المنتجات الاستهلاكية الشعبية أكثر تكلفة.
وقال وزير الخزانة الأمريكى ستيفن منوشين، لدينا الكثير من العمل الذي يتعين علينا القيام به لكنني واثق من أن كلا الجانبين سيعملان بجد للغاية ونتوقع أننا سنغلق هذا الملف قريبًا.
أوضحت الوكالة الامريكية أن المستثمرون كانوا أكثر حذراً على الرغم من ارتفاع الأسهم الأمريكية الأسبوع الماضي مع تهدئة التوترات التجارية.
وأضافت بلومبرج أن الصفقة التي أطلق عليها ترامب، الأعظم “في تاريخ بلادنا” كانت لها عيوب كبيرة حيث لم تكن وثيقة موقعة بعد على الرغم من أنه أول اتفاق مبدئى بين البلدين منذ أكثر من عام.
لذلك كان رد فعل الاقتصاديين مع مجموعة من الشكوك حول ما يعنيه ذلك لتوقعات النمو التي تنخفض مع استمرار الحرب التجارية.
وأوضح مايكل زيزاس، ومريديث بيكيت، الخبيران الاستراتيجيان في “مورجان ستانلي” أنه لا يوجد حتى الآن طريق قابل للتراجع نحو خفض التعريفة الحالية وما زال تصاعد التعريفة يمثل مخاطرة كبيرة.
وأضاف المحللون أنهم لا يتوقعون حدوث انتعاش حقيقي في سلوك الشركات من شأنه أن يدفع توقعات النمو العالمي إلى الأعلى.
وقال ريموند يونج ، كبير الاقتصاديين في الصين الكبرى في مجموعة أستراليا ونيوزيلندا المصرفية، إنه على الرغم من التقدم الأخير إلا أنه من غير المرجح أن تتراجع التوترات قريبًا وأن المخاطر الاقتصادية ستستمر مع استمرار المحادثات في مراحل مختلفة.
وأوضح يونج ، أن المرحلة الأولى من الإتفاق تغطى بشكل أساسي المشتريات الزراعية وتعليق التعريفة والوصول إلى الأسواق.
وأضاف “لكن القضايا الأساسية المتعلقة بنقل التكنولوجيا والأمن القومي لا تزال تواجه عقبات كبيرة أمام القرار في رأينا”.
وقال وم أورليك، الاقتصادى لدى وحدة “بلومبرج إيكونوميكس” إن التجارب السابقة تؤكد أن الاتفاقيات التجارية بين الولايات المتحدة والصين لا تستحق الورق الذي تمت كتابته عليه وحتى هذه الاتفاقية لم تتم كتابتها قبل أيام.
وعلى الرغم من أن المؤشرات على التجارة أكثر إيجابية قليلاً إلا أنه إذا استمر هذا الأمر فقد يساعد ذلك في وضع حد أدنى لانحدار النمو العالمي .
ومن المحتمل أن يخفض صندوق النقد الدولي، الذي يبدأ اجتماعه السنوي في واشنطن توقعاته للنمو لعامي 2019 و2020 في تقريره عن التوقعات الاقتصادية العالمية.
وفي يوليو الماضى خفض صندوق النقد، توقعاته إلى 3.2% العام الحالى و 3.5% العام المقبل وهو الخفض الرابع منذ أكتوبر الماضي.
ومن المتوقع أن تظهر بيانات الناتج المحلي الإجمالي الصيني للربع الثالث والمقرر صدوره يوم الجمعة المقبل أن نمو الإنتاج في الأشهر الثلاثة حتى سبتمبر قد انخفض إلى 6.1% وهو الأبطأ في ما يقرب من ثلاثة عقود.
وذكرت بلومبرج أنه حتى يصبح الاقتصاديون أكثر تفاؤلاً بشأن التوقعات؛ سيتعين على واشنطن وبكين من الآن حتى اجتماع قادة نوفمبر لمنتدى التعاون الاقتصادي لمنطقة آسيا والمحيط الهادئ إحراز المزيد من التقدم بشأن قضايا التجارة الشائكة مثل إنفاذ القانون وحماية الملكية الفكرية.
وحتى يتوفر مثل هذا الدليل ينبغى أن نستنتج أن هذا التوقف فى الحرب التجارية هو غير مؤكد أكثر من كونه دائم كما كتب الاستراتيجيون فى بنك “مورجان ستانلي” الأمريكى.