انهارت أسواق البترول بأكثر من 30% بعد تفكك تحالف “أوبك +” الذي تسبب في حرب أسعار شاملة بين المملكة العربية السعودية وروسيا والتي من المحتمل أن تكون لها عواقب سياسية واقتصادية شاملة.
وعانت عقود خام برنت الآجلة ثاني أكبر انخفاض على الإطلاق في الثواني الافتتاحية للتداول في آسيا صباح يوم الاثنين ليصبح التراجع الأكبر خلال حرب الخليج عام 1991 مع انخفاض مؤشر النفط العالمي برنت إلى 31.02 دولار للبرميل.
وسوف يتردد صدى الانهيار المفاجئ في صناعة الطاقة، من عمالقة مثل شركة “إكسون موبيل” إلى عمال الحفر البترول الصخري في غرب تكساس.
ذكرت وكالة أنباء “بلومبرج” أن هذا التراجع قد يصل إلى ميزانيات الدول المعتمدة على البترول من العراق إلى نيجيريا كما قد يؤدي إلى تآكل نفوذ دول مثل المملكة العربية السعودية.
وأوضحت الوكالة الأمريكية أن استراتيجية مكافحة تغير المناخ قد تعاني من نكسة لأن الوقود الأحفوري سيصبح أكثر قدرة على المنافسة مقابل الطاقة المتجددة.
وقال آندي ليبو، رئيس شركة استشارات الطاقة “ليبو أويل أسوشياتد” في هيوستن إنه أمر لا يصدق حيث غمر السوق موجة من البيع في العراء بعد أن فاجأت “أوبك” السوق بوضوح من خلال الدخول في حرب أسعار للحصول على حصة في السوق.
أشارت “بلومبرج” إلى ان تراجع الطلب بسبب فيروس “كورونا” سوف يدفع سوق البترول في حالة من الفوضى على أمل الحصول على إمدادات مجانية للجميع.
وخفضت المملكة العربية السعودية أسعارها الرسمية بأكبر وتيرة خلال 20 عامًا على الأقل خلال عطلة نهاية الأسبوع الماضى بعد ان أبلغت المشترين أنها ستزيد معدل الإنتاج وهو إعلان لا لبس فيه عن نية إغراق السوق بالخام بينما قالت روسيا إن شركاتها حرة في ضخ أكبر قدر ممكن.
وجاءت حركة التسعير غير المسبوقة من “أرامكو” بعد ساعات فقط من فشل المحادثات بين منظمة الدول المصدرة للبترول وحلفائها حيث إن انهيار التحالف ينهي فعلياً التعاون بين المملكة العربية السعودية وروسيا التي عززت أسعار البترول منذ عام 2016.
وأخبرت “أرامكو” بعض المشاركين في السوق من القطاع الخاص أنها تخطط لزيادة الإنتاج إلى ما يزيد على 10 ملايين برميل يوميًا في الشهر المقبل وقد يصل إلى مستوى قياسي يصل إلى 12 مليون برميل يوميًا.
وعانت أسعار البترول من انخفاضات هائلة في كل مرة شنت فيها المملكة العربية السعودية حرب أسعار لإخراج المنافسين من السوق.
وكان خام غرب تكساس الوسيط قد تراجع بنسبة 66 % من أواخر عام 1985 إلى مارس 1986 عندما ضخت السعودية المزيد لوقف انتاج الخام في الولايات المتحدة.
وانخفض خام برنت لفترة وجيزة إلى أقل من 10 دولارات للبرميل عندما واجهت المملكة مواجهة مع فنزويلا في أواخر التسعينيات.
ومع تراجع الطلب على البترول بالفعل بسبب التأثير الاقتصادي لفيروس “كورونا” يتوقع المتداولون أن الأسعار ستنخفض أيضًا حيث قال جيفري كوري، رئيس أبحاث السلع في “جولدمان ساكس” في نيويورك إن سوق البترول يواجه الآن صدمتين هبوطيتين غير مؤكدتين للغاية، وكانت النتيجة واضحة خلال عمليات البيع الحادة في الأسواق.
وكشفت بيانات “بلومبرج” تراجع أسعار عقود خام برنت لشهر مايو المقبل بمقدار 14.25 دولار للبرميل إلى 31.02 دولار في بورصة العقود الآجلة في لندن ، وهي أكبر خسارة يومية منذ القصف الذي قادته الولايات المتحدة على العراق في يناير 1991.
وفى المقابل انخفض خام غرب تكساس الوسيط بما يصل إلى 34 % ليصل إلى 27.34 دولار للبرميل وتم تجميد التداول في الدقائق القليلة الأولى صباح اليوم الاثنين بسبب حجم الهبوط.
وعلى الرغم من أن انهيار الأسعار كان دراماتيكيًا، إلا أن حركات الفروق الزمنية والخيارات والتقلبات كانت ملحوظة بالنسبة للمتخصصين في مجال البترول.
إن احتمال اندلاع حرب أسعار أخرى هو بمقابة تذكير للمتداولين للانهيار الذي بدأ عام 2014 عندما تسببت طفرة إنتاج البترول الصخرى في الولايات المتحدة منظمة “أوبك” إلى محاولة قمع انهيار الأسعار وتقليص إنتاج البترول الصخرى.
ولكن انتهت هذه الاستراتيجية بالفشل حيث أثبت منتجو البترول الصخرى مرونة شديدة وتراجع خام برنت إلى ما دون 30 دولارًا للبرميل في عام 2016 وسط وفرة عالمية.
وأوضحت الوكالة الأمريكية أن تراجع الاسعار دفع “أوبك” إلى الانضمام إلى روسيا وغيرها من الدول للحد من الإنتاج والمساعدة في دعم اقتصاداتها المعتمدة على البترول.
وقال إد مورس، رئيس أبحاث السلع في “سيتى جروب” إن هذه هي المرة هى الأولى التي أتذكر فيها حدوث زيادة كبيرة في العرض وصدمة في الطلب في نفس الوقت.