أيام قليلة تفصل “تيريزا ماي” رئيسة الوزراء البريطانية وحكومتها عن اليوم الحاسم في عمر البريكست، فما بين مناورات ماي للحصول على تأييد من أعضاء البرلمان وقادة الاتحادة الأوروبي، وبين اعتراضات واسعة بالساحة السياسية بالمملكة المتحدة على اتفاق خروج بريطانيا من الاتحاد الأوروبي، تسير مفاوضات ومناقشات الـ “بريكست”.
مناورات ماي
تواجهة رئيسة الوزراء البريطانية تريزا ماي وحكومتها، الكثير من الاعتراضات ومحاولات تغيير أو إفساد عملية الخروج “بريكست” من مختلف ألوان الطيف السياسي، فأصبحت رئيسة الوزراء مطالبة بتقديم خطة بديلة خلال 3 أيام تم تحديدها بعد أن صوت البرلمان على ذلك في حال تم رفض اتفاق خروج بريطانيا من الاتحاد الأوروبي “بريكست.”
وصوت أعضاء البرلمان بأغلبية 308 مقابل 297 أعضاء، على قراراً يطالب حكومة ماي بطرح خطة بديلة في غضون 3 أيام عمل بعد التصويت المنتظر في 15 يناير وذلك بدلا من المدة المخطط لها 21 يوما.
وتترقب الأوساط السياسية والاقتصادية التصويت في مجلس العموم البريطاني في 15 من الشهر الجاري على مسودة الاتفاق الذي توصلت إليه حكومة رئيسة الوزراء البريطانية تيريزا ماي مع الاتحاد الأوروبي.
وأعلنت المفوضية الأوروبية عدم نيتها التفاوض من جديد حول الخروج البريطاني حال رفض مسودة الاتفاق الحالي من قبل البرلمان البريطاني، وهو ما دفع رئيسة الوزراء البريطانية تيريزا ماي بتأجيل التصويت الذي كان ينتظر انعقاده في مجلس العموم في التاسع من الشهر الجاري.
وكانت ماي قد أجلت التصويت الذي كان محدد له الانعقاد يوم 11 ديسمبر الماضي، قلقاً من أن يقابل بالرفض من أغلبية الأعضاء ويصبح الوضع أكثر صعوبة في اتمام اتفاق الخروج من الاتحاد الأوروبي “بريكست”.
أزمة سحب ثقة المحافظين
واجهت ماي تهديدا بتصويت على سحب الثقة من رئاسة حزب المحافظين، ولكنها نجت من هذا التحدي بعد تصوت 200 من نواب الحزب الحاكم برفض سحب الثقة من ماي، مقابل تأييد من 117 نائبا، وكانت ماي قد أعلنت قبل التصويت، عزمها على الانسحاب من الحكم قبل الانتخابات التشريعية المقبلة في العام 2022 في محاولة لكسب تأييد بعض النواب في معركة سحب الثقة.
هل ستواجه ماي
يتطلب إقرار الاتفاق تأييد أغلبية النصف بالإضاقة لواحد من أعضاء البرلمان، أي 326 صوتاً من أصل 650، وهو ليس بالسهل، حيث توجد أصوات معارضة للاتفاق داخل حزب المحافظين نفسه، وهو الأمر الذي يعد أكثر صعوبة على ماي للحصول على تلك النسبة في التصويت.
داعمون للاتفاق
رغم صعوبة الموقف وفي الوقت الذي تواجهة فيه ماي الكثير من الضغوط والاعتراض على الاتفاق، تستفيد وتفوز ماي بدعم من قادة ورؤساء بالاتحاد الأوروبي، فقدم وزير الخارجية الألماني “كهيكو ماس” دعمه الاتفاق الذي توصلت إليه رئيسة الوزراء البريطانية في العام الماضي، من خلال مطالبة المشرعين البريطانيين بالتصويت على الاتفاق.
من جانبه عبر رئيس الوزراء الياباني شينزو آبي عن دعمه لاتفاق “البريكست”، قائلاً: أنه يريد يكون خروج بريطانيا من الاتحاد الأوروبي من خلال اتفاق، لتجنب تأثير ذلك على الاقتصاد العالمي، وأكد سنواصل العمل عن كثب مع ماي للمساعدة بأي طريقة ممكنة للدعم في التصويت البرلماني على الصفقة التي أيدتها بروكسل”.
وفي نفس السياق، عبر الرئيس الفرنسي إيمانويل ماكرون عن دعمه لاتفاق خروج المملكة المتحدة من الاتحاد الأوروبي “بريكست” مشيراً إلى أن الاتفاق الذي توصلت له ماي أفضل اتفاق ممكن.
وتلقت ماي دعم جديد من مجلس الوزراء البريطاني، وتمسك وزير البيئة “مايكل جوف” بالبريكست المثالي، وتتوقع ماي أن يقدم الاتحاد الأوروبي ضمانات جديدة لمساعدتها في الحصول على تأييد مقترحها قبل التصويت في الأسبوع المقبل.
الخروج الهادئ
أغلب أعضاء البرلمان البريطاني يفضلون الخروج الهادئ للمملكة من الاتحاد الأوروبي عبر اتفاق بين الطرفين، وعلى أساس ذلك تم إقرار تشريع في ديسمبر الماضي يوضح مسار المفاوضات تحت تحكم البرلمان في حال رفض الاتفاق الحالي، والذي تسعى أطراف متعددة في بريطانيا لإخضاعه لتعديلات، رغم حديث ماي عن كونه أفضل الممكن، وفقاً لوكالة “رويترز”.
اتفاق ماي وأثره اقتصادياً
شهد السوق البريطاني تقلبات واضراب ناتج عن التطورات والأحداث المتعلقة باتفاق ماي وخروج الولايات المتحدة من الاتحاد الأوروبي “بيركست”، وفي تصريحات لتريزا ماي قالت “إن التحليلات الاقتصادية تشير إلى أن الاتفاق هو الأفضل من أجل الوظائف والاقتصاد البريطاني.
من جانبه قال وزير المالية البريطاني فيليب هاموند، أن الاقتصاد البريطاني سيحقق نمواً في حالة الخروج من الاتحاد الأوروبي، أما إذا ظل الأمر دون اتفاق فسيكون هناك تباطؤ في نمو الاقتصاد .
ومن جهته قال محافظ بنك انجلترا مارك كارني، في حالة مغادرة بريطانيا للاتحاد الأوروبي سيلتزم صناع السياسة النقدية الحذر، مشيراً إلى أن التحركات في سعر الصرف لن تكون العامل الوحيد في تحديد المسار لمعدلات الفائدة.
وأضاف كارني في مناقشة لمستقبل الاقتصاد عبر الانترنت، إن “لجنة السياسة النقدية مستعدة بشكل جيد لأي مسار يأخذه الاقتصاد، ولدينا الأدوات التي نحتاجها، وسنكون حذرين غير سلبيين”