نور تريندز / التقارير الاقتصادية / الانتخابات الأمريكية وعود وسياسة وتأثيرات محتملة على الشركات
من هو الرئيس الأمريكي القادم: بايدن أم ترامب؟
بايدن، ترامب، الانتخابات الرئاسية

الانتخابات الأمريكية وعود وسياسة وتأثيرات محتملة على الشركات

مع بدء موسم الانتخابات التاريخى فى الولايات المتحدة، قررت مؤسسة “ستاندرد أند بورز جلوبال ريتنجز”، تحليل برامج مرشح الحزب الجمهوري الرئيس دونالد ترامب ومرشح الحزب الديمقراطي جو بايدن، إذ ركزت على السياسات المعلنة لكلا المرشحين، بالإضافة إلى ما قد تعنيه، إذا تم تنفيذها.

ومن الطبيعى أن يكون هناك أوجه تشابه واختلافات بين برنامجي الطرفين، وقد كانت أكبر الاختلافات بين الطرفين تتمثل فى مناهجهما تجاه الضرائب والهجرة، وتقديم المزيد من الحوافز المالية لمكافحة الآثار الاقتصادية للوباء، في حين أن نهج الطرفين كان متشابهاً فيما يخص التجارة والاستثمار في البنية التحتية.

ولم تعد الولايات المتحدة تميل نحو الكساد؛ وأظهرت بيانات سوق العمل أن الاقتصاد غارق في انتعاش ضعيف، مع استمرار ارتفاع معدلات البطالة، عند 7.9%، وهو ما يزيد أو يعادل ذروة 8 فترات من الركود الـ 11 الماضية، حيث عُدل معدل البطالة بسبب انخفاض مشاركة القوى العاملة، فضلاً عن تصنيف مكتب إحصاءات العمل الخاطئ للعمال.

كما أنه يعد أسوأ من جميع حالات الانكماش الـ 11 السابقة باستثناء واحدة، بالمقارنة مع معدل بطالة سبتمبر البالغ 10.3%، ومع عدم توافر لقاح مضاد لوباء “كوفيد-19″، وعدم وجود اتفاق بشأن التحفيز الطارئ واستمرار النزاع التجاري مع الصين، من المعتقد أن الاقتصاد يواجه فرصة بنسبة تتراوح بين 30 ـ 35% للعودة إلى الركود.

وحتى يكون هناك إنصاف، رغم أن السنة الرئاسية الرابعة لترامب في منصبه مثقلة بمعدلات بطالة كبيرة، إلا أنه احتفل خلال الأعوام الثلاثة الأولى بواحد من أقوى أسواق العمل فى التاريخ، إذ وصل معدل البطالة إلى أدنى مستوياته منذ 51 عاماً عند 3.5% فى نوفمبر 2019.

والأمر الاقتصادى الوحيد الأكثر أهمية هو خلق فرص العمل، فعندما تُضخ الأموال في الاقتصاد الأمريكي بشكل صحيح، فإن هذا الأمر لا يعتبر مجرد إنفاق، بل إنه استثمار، ومن ثم يأتى العائد على شكل وظائف ونمو، مما قد يؤدى إلى دورة حميدة عبر المزيد من الوظائف الجيدة والنمو عبر التأثير المضاعف، الذي يقيس الفائدة الاقتصادية للإنفاق بمرور الوقت، ومع ذلك، سيكون أول ما على قائمة الرئيس هو إيجاد شريان حياة لأولئك الذين يحتاجونه.

وعلى صعيد آخر، كانت حملة “بايدن” أكثر عدوانية بكثير، إذ يدعم نائب الرئيس السابق رفع الحد الأدنى للأجور الفيدرالية إلى 15 دولاراً فى الساعة، من 7.25 دولار منذ عام 2009، كما أنه يسعى أيضاً لتمرير قانون إنصاف الأجور لضمان حصول النساء على أجر متساوى مقابل العمل، والحصول على إجازات مرضية عامة مدفوعة الأجر و12 أسبوعاً من الإجازة العائلية والطبية مدفوعة الأجر.

وربما تكون الفجوة بين نهجي ترامب وبايدن أكبر فيما يتعلق بما يجب أن تدفعه الشركات الأمريكية كضرائب.

فعلى سبيل المثال ربما كان قانون التخفيضات الضريبية والوظائف لعام 2017، هو المبادرة الأكثر تأثيراً التى أطلقها ترامب قبل الوباء ضمن أمور أخرى، فقد ساهم القانون فى إغلاق بعض الثغرات وخفض الحد الأدنى البديل للضرائب للأفراد وألغتها للشركات، كما فرض عقوبة متعلقة بما يسمى التفويض الفردى فى قانون الرعاية الميسرة، الذي يتطلب من الأمريكيين الحصول على تأمين صحى.

كان المغزى الرئيسى من التشريع هو خفض الضرائب للأفراد والشركات، إذ انخفض المعدل الأسمي لضرائب الشركات من 35% إلى 21%.

وكان أحد الأهداف الرئيسية لمشروع القانون هو جعل نظام ضرائب الشركات الأمريكية أكثر قدرة على المنافسة مع نظرائه في الاقتصادات المتقدمة الأخرى، فضلاً عن تشجيع إعادة الأموال التي خزنتها الشركات الأمريكية في الخارج، وتحفيز خلق فرص العمل عبر ضخ المزيد من الأموال في خزائن الشركات.

وأظهرت البيانات الخاصة بمعدلات الضرائب الفعالة، أن معظم الشركات استفادت بشكل كبير من خفض معدلات الضرائب التي قدمت بفضل قانون التخفيضات الضريبية والوظائف لعام 2017، بجانب التغييرات الأخرى، إذ كان متوسط معدل الضريبة الفعلي قبل قانون التخفيضات الضريبية 22%، وانخفض إلى 13% بعد بدء تنفيذ القانون.

أما “بايدن”، فقد تعهد بوقف بعض التخفيضات الضريبية التي أقرتها إدارة ترامب، وقد قام بحملة على أساس أن نظام ضريبة الدخل الفيدرالى بحاجة لإعادة تنظيمه لتحقيق تكافؤ الفرص، وأكثر الأمور ملاحظة هو اقتراح المرشح الرئاسي برفع معدل الضريبة الاسمي على الشركات من 21% إلى 28%.

ويمكن ملاحظة اختلاف أكبر فى نهج المرشحين في خطط بايدن لإعادة الحد الأدنى للضريبة البديلة للشركات، والذي أُلغى بموجب قانون التخفيضات الضريبية والوظائف، إلى 15% من القيمة الدفترية للشركات التى تمتلك صافى دخل يزيد على 100 مليون دولار وتدفع أقل من 15% من القيمة الدفترية فى الضرائب، مما قد يضر بالأرباح والتدفقات النقدية للشركات، رغم أنه من السابق لأوانه التوصل لأى استنتاجات.

التجارة
أظهر الجانبان أوجه تشابه أكثر من الاختلافات فيما يتعلق بنهج الولايات المتحدة في التجارة، وبشكل خاص فى النزاع مع الصين.

فقد توصلوا إلى فكرة أن السياسة التجارية الأمريكية لم تعمل لصالح أمريكا، كما أن كلا المرشحين لا يرغب في النظر إليه باعتباره شخص متساهل مع الصين، التى تسير بخطى سريعة لتصبح أكبر اقتصاد في العالم في غضون عقد من الزمن.

وربما تكون الاختلافات الموجودة بين المرشحين، متعلقة أكثر باللهجة والتكتيك، فمن المرجح أن تحافظ جهود ترامب في الولاية الثانية على منهج السياسة الخارجية “أمريكا أولاً”، في حين يمكن أن يبني “بايدن” تحالفاً مع الحلفاء لتحقيق الأهداف التجارية والاقتصادية للولايات المتحدة، وبالتالي فإن كلاهما يعد بالحد من الاعتماد على الصين.

ويعد ترامب بتقديم إعفاءات ضريبية للشركات التي تعيد الوظائف من الصين، في حين وعد بايدن بالتزام وطني بشراء المنتجات الأمريكية، من خلال تشديد قواعد المحتوى المحلى وتقديم المساعدات الحكومية.

وبينما فرض ترامب تعريفات جمركية على سلع معينة قادمة من أوروبا وكندا والمكسيك، وتفاوض على اتفاقية الولايات المتحدة والمكسيك وكندا لتحل محل اتفاقية التجارة الحرة لأمريكا الشمالية “نافتا”، يمكن لإدارة بايدن التطلع لإعادة الولايات المتحدة إلى الشراكة الاقتصادية العابرة للمحيط الهادئ، التي انسحب منها ترامب في 2017.

ومن المعتقد أن تظل الرسوم الجمركية على البضائع الصينية، على الأرجح، سارية المفعول فى المستقبل المنظور، كما أنه يتوقع أن تتسبب الرسوم الجمركية، بجانب الانتقام من الصين، في خفض الناتج المحلي الإجمالي الأمريكي بين 20 و30 نقطة أساس في الأشهر الـ 12 المقبلة، وربما تكون الآثار الثانوية أكثر أهمية، مثل زيادة عدم اليقين وما ينتج عنه من انخفاض في الاستثمار التجارى، مما قد يؤدى إلى إبطاء النمو في الاقتصاد الذي يتعافى ببطء.

تتمتع البنية التحتية بدعم الجانبين، إذ تروق آفاق خلق فرص العمل ودفع عجلة الاقتصاد عبر التأثير المضاعف لكلا الطرفين، لكن الاختلافات تكمن في التفاصيل.

يخطط “بايدن” لضخ 2 تريليون دولار في البنية التحتية المادية، بما في ذلك الطرق والجسور وشبكات المياه والكهرباء والنطاق العريض العالمي، مع الاستثمار أيضاً في خدمات ومرافق الرعاية، في حين توضح أجندة ترامب للولاية الثانية رغبته في بناء أعظم نظام للبنية التحتية في العالم والفوز بالسباق نحو شبكات الجيل الخامس وإنشاء شبكة إنترنت لاسلكية وطنية عالية السرعة، وبشكل عام، يعتمد النجاح فى أى مسعى من تلك المساعي على دعم الكونجرس الأمريكي.

وفى الواقع، توقفت جهود ترامب فى وقت مبكر من إدارته لاستثمار تريليون دولار في البنية التحتية وسط معارضة من كلا الحزبين، وبعد ذلك، تحديداً فى أبريل 2019، وافق البيت الأبيض والديمقراطيون في مجلس النواب مبدئياً على حزمة بقيمة 2 تريليون دولار، لكن المفاوضات انتهت عندما اعترض ترامب على إجراء تحقيقات فى إدارته.

وسلطت “ستاندرد أند بورز جلوبال إيكونوميكس” الضوء على الفوائد الاقتصادية المحتملة للاستثمار فى البنية التحتية، حيث يمكن أن يساهم الإنفاق على البنية التحتية في تعزيز الاقتصاد بعدة طرق، بما في ذلك إضافة وظائف وزيادة الدخل ورفع قيمة الممتلكات، ووجد أن زيادة بقيمة 2.1 تريليون دولار في الإنفاق على البنية التحتية العامة خلال 10 أعوام قد يضيف ما يصل إلى 5.7 تريليون دولار إلى الناتج المحلي الإجمالى الأمريكى في العقد المقبل، وهو ما يزيد بـ 10 أضعاف ما خسرته البلاد خلال فترة الركود.

كما أنه سيخلق 2.3 مليون وظيفة بحلول عام 2024 وستضيف زيادة إضافية بنسبة 0.3% للإنتاجية سنوياً التي ستولدها، والتى ستساهم فى إضافة 713 ألف وظيفة بحلول عام 2029.

وكانت الرعاية الصحية من أهم قضايا الحملات الانتخابية، كما حدث في كل سباق رئاسي في الذاكرة الحديثة.

فقد أدت خسارة العديد من الأمريكيين للتأمين خلال الركود الناجم عن الوباء، إلى إلقاء الضوء على قضايا التغطية والتكلفة، وفى الوقت الحالي، يبدو أن هناك مزيداً من الزخم للتغيير على الجانب الديمقراطي، إذ أعلنت حملة بايدن عزمها توسيع نطاق قانون الرعاية.

كما أنها تنظر فى استكشاف خيار عام للتغطية، وأعرب ترامب وزملاؤه فى الحزب الجمهوري عن رغبتهم في إلغاء قانون الرعاية، لكنهم واجهوا صعوبات في القيام بذلك.

وبالنسبة لشركات التأمين الصحي الأمريكية، تظل السياسة هي الخطر الأكبر، فمثلاً، عمر قانون الرعاية الميسرة الآن يبلغ 10 أعوام، لكن مزايا التغطية والقدرة على تحمل التكاليف وخفض التكاليف تظل خاضعة للخلاف السياسي، مما يعني أن تغييرات السياسة المستقبلية سيظل لها تأثير دائماً.

في عام 2018، أعلنت إدارة ترامب أنها ستلغي سياسة وكالة حماية البيئة الأمريكية بموجب قانون الهواء النظيف، وهي سياسة متعلقة بانبعاثات الهواء مضى عليها عقود زمنية وتعارضها شركات الوقود الأحفوري، والتي حددت مدى تنظيم المصادر الرئيسية لتلوث الهواء، والأهم من ذلك هو انسحاب الرئيس الأمريكي رسمياً من اتفاقية باريس العام الماضي، مما جعل الولايات المتحدة الدولة الوحيدة التي تخلت عن الاتفاقية وواحدة من 8 دول والأكبر إلى حد بعيد التي لم تشارك في تلك الاتفاقية.

ولطالما انتقد ترامب المبادرة العالمية، ووصفها بأنها كارثة كاملة، وزعم أن وعود أسلافه بخفض الانبعاثات الكربونية كجزء من الاتفاقية قد تضر بالقدرة التنافسية للولايات المتحدة.

وفي الوقت نفسه، تعهد “بايدن” بإعادة قانون الهواء النظيف وإعادة الانضمام إلى اتفاقية باريس وتشديد القواعد البيئية بشكل عام، مما قد يزيد من التكاليف، مع إمكانية خلق فرص عمل في الصناعات الخضراء كتعويض عن ذلك، كما أنه يؤيد فرض ضريبة الكربون على الحدود، كما يمكن أن تؤثر خططه للطاقة النظيفة بشكل عميق ومباشر على إنتاج البترول والغاز وقطاع الطاقة الأمريكي على نطاق أوسع.

وأخيراً، الهجرة وهو مجال ربما يكون فيه المرشحان أبعد ما يكون عن الآخر، إذ يتخذ نهج ترامب عدداً من الأشكال الأخرى، بما في ذلك إصلاح برنامج تأشيرة H-1B للعمال الأجانب ذوي المهارات العالية وفرض قيود أخرى على الهجرة الشرعية وترحيل المهاجرين الذين وصلوا إلى البلاد وهم أطفال، في حين تبنى بايدن حقوق المواطنة لـ 11 مليون مهاجر غير شرعى، كما أنه سيسعى لزيادة عدد التأشيرات الممنوحة للهجرة الدائمة القائمة على التوظيف.

تحقق أيضا

النفط

عوامل قد تؤدي إلى المزيد من هبوط أسعار النفط

ظهرت بعض العوامل في أسواق النفط العالمية من شأنها أن تؤجج هبوط الأسعار في الفترة …