نور تريندز / التقارير الاقتصادية / الاقتصاد الأوروبي يترقب لقاح كوفيد 19
الاتحاد الأوروبي ، الاقتصاد الأوروبي ، منطقة اليورو
اليورو

الاقتصاد الأوروبي يترقب لقاح كوفيد 19

مع تزايد الإصابة بفيروس كوفيد 19 في العديد من الدول الأوروبية بشكل أعلى بكثير من تلك التى أعلن عنها فى الموجة الأولى فى فصل الربيع، يشعر صانعو السياسة الأوروبية بقلق كبير تجاه القيود المفروضة، التى يمكن أن تقود الشركات المتعثرة إلى نقطة الانهيار وتفرض ضغوطاً على النظام المصرفى فى المنطقة.

وشهدت أوروبا إعادة فرض درجات متفاوتة من عمليات الإغلاق الوطنية لمحاولة احتواء موجة الوباء الثانية، التى تهدد بإرهاق أنظمة الرعاية الصحية العامة مرة أخرى، فضلاً عن إجبار المطاعم والحانات وصالات الألعاب الرياضية والسينمات والمسارح على الإغلاق وفرض حظر التجول فى جميع أنحاء المنطقة، بينما أغلقت فرنسا وأيرلندا وبلجيكا متاجر المستلزمات غير الضرورية، مما آثار إنزعاج أصحاب المتاجر المستقلين.

وفى حين أن القيود الجديدة كانت أكثر اعتدالاً، مما كانت عليه فى الربيع، فمعظم المدارس والمصانع لاتزال مفتوحة هذه المرة، إلا أنه لايزال من المتوقع أن تتسبب الإجراءات الجديدة فى تراجع آخر فى الاقتصاد، الذى لايزال أقل بكثير من مستويات ما قبل الوباء، رغم الانتعاش القوى فى الربع الثالث.

وأشارت صحيفة فاينانشيال تايمز إلى أن منطقة اليورو، المكونة من 19 دولة، كانت على شفا الركود بالفعل قبل اندلاع الوباء، نظراً للتوترات التجارية ومخاوف خروج بريطانيا من الاتحاد الأوروبى والاضطرابات الناجمة عن فرض قيود صارمة على الانبعاثات فى شركات صناعة السيارات.

وبعد أن تضررت بشكل أكثر من الاقتصادات المتقدمة الأخرى بفعل موجة الوباء الأولى، التى أغرقت أوروبا فى انكماش اقتصادى قياسى فى النصف الأول من العام، استطاعت الكتلة تحقيق تعافى اقتصادى بشكل جزئى فى الربع الثالث، ولكن يتوقع الآن معاناتها من ركود مزدوج، مما يؤدى إلى تخلفها عن الولايات المتحدة وآسيا.

ويمكن أن يكون للألم الاقتصادى الناتج عواقب وخيمة، خاصة بالنسبة لشركات الخدمات، مثل المطاعم والفنادق وشركات الطيران التى تعتمد على الاتصال البشرى وتحملت الأعباء الناتجة عن الأزمة.

ورغم أن اقتراب بدء عمليات إنتاج لقاحات عديدة الآن قد يشير إلى بصيص أمل فى نهاية النفق، إلا أن مسئولى الاتحاد الأوروبى يشعرون بالقلق بشأن الضرر الاقتصادى الذى سيحدث قبل عودة الحياة إلى ما يشبه وتيرتها الطبيعية.

وقالت رئيسة البنك المركزى الأوروبى، كريستين لاجارد، الأسبوع الماضى، إن الموجة الثانية لاتزال تشكل خطراً كبيراً على الاقتصاد، مضيفة: «الشركات التى نجت حتى الآن من خلال الاعتماد على مدخراتها وزيادة الاقتراض ربما تقرر أن البقاء لم يعد منطقيا من الناحية التجارية».

ويحذر البنك المركزى الأوروبى من أن تداعيات الوباء قد تنتج قروض متعثرة بقيمة 1.4 تريليون يورو فى السيناريو الصارم، وهو ما يزيد على أزمة عام 2008، ولكن فى الوقت الذى يُنظر فيه إلى هذا التكهن بأنه أمر مثير للقلق، إلا أنه يثير ذكريات عقد مضى عندما تحولت الأزمة الاقتصادية إلى أزمة مالية هددت وجود منطقة اليورو.

ويقول رئيس مجلس إدارة مصرف «سوسيتيه جنرال» الفرنسى، لورينزو بينى سماجى، إن العديد من تجار التجزئة والمطاعم يأملون فى رفع الإغلاق فى ديسمبر، نظراً لأنهم يعتقدون أن الإنفاق فى عيد الميلاد بإمكانه إنقاذهم، لكنه يحذر: «إذا انتهى الإغلاق، فسيكون التأثير قوياً للغاية».

وثمة اختلاف واحد كبير بين الأزمة الراهنة والأزمة المالية العالمية، وهو رد فعل أوروبا الذى كان أسرع وأكثر قوة هذه المرة.

فقد أشاد أولاف شولتز، وزير المالية الألمانى، بإنشاء الاتحاد الأوروبى لصندوق تعافى بقيمة 750 مليار يورو لدعم الدول الأشد تضرراً، مسلطاً الضوء على أول وزير خزانة أمريكى ساعد فى إنشاء اتحاد مالى أمريكى يعمل على تحمل ديون الولايات الأمريكية فى عام 1790.

ونجحت مخططات الإجازة الحكومية وضمانات القروض والتأجيلات الضريبية، بجانب السياسة النقدية الفضفاضة للغاية الخاصة بالمركزى الأوروبى، فى تفادى موجة كبيرة من حالات انهيار الأعمال التجارية أو فقدان الوظائف، كما تراجعت حالات الإفلاس فى دول عديدة هذا العام.

وأصبحت التوقعات الاقتصادية العالمية أكثر إشراقاً فى ظل الأخبار التى تفيد بأن اللقاحات، التى طورتها شركتا بيونتيك الألمانية وفايزرالأمريكية وشركة موديرنا الأمريكية، كانت فعالة بنسبة تزيد على %90 فى الاختبارات ويمكن بدء إنتاجها فى غضون أسابيع، مما يثير الآمال باقتراب مشهد نهاية الوباء.

وقال كبير الاقتصاديين السابق فى صندوق النقد الدولى، أوليفييه بلانشارد، إن معدلات فعالية اللقاحات المرتفعة بشكل غير متوقع تعتبر فى الواقع مغير لقواعد اللعبة، مما يعنى احتمالية الخروج من هذه الأزمة بحلول نهاية العام المقبل.

وأضاف: «إذا سيطرنا على التفشى الحالى للوباء، فإن هذه الخطوة يجب أن تساعد فى تعزيز الثقة والطلب الآن».

وأظهرت منطقة اليورو مرونتها من خلال التعافى بشكل أسرع بكثير مما توقعه معظم الاقتصاديين فى الربع الثالث، حيث سجلت نمواً قياسياً يبلغ %12.7.

وقالت رئيسة البنك المركزى الأوروبى كريستين لاجارد، إن قوة الانتعاش الاقتصادى فى الربع الثالث تشير إلى أن استجابة السياسة الأولية كانت فعالة وقدرة الاقتصاد على التعافى لاتزال متواجدة، لكن الأمر سيتطلب إدارة سياسية حذرة للغاية لضمان استمرار هذا الوضع.

حتى إذا تمت الموافقة السريعة على اللقاح الفعال، سيستغرق الأمر عدة أشهر لحين إنتاجه وتوزيعه وحصول عدد كافى من الأفراد عليه لإعادة الحياة إلى ما يشبه وتيرتها الطبيعية.

ومع ذلك، يشعر الاقتصاديون بالقلق من إمكانية انهيار العديد من الشركات قبل ذلك الحين، مما يؤدى إلى ارتفاع معدلات البطالة، وحتى بعد انتهاء الوباء لايزال من المحتمل معاناة أجزاء من الاقتصاد من أضرار تدوم طويلاً، مثل شركات الطيران وتجار التجزئة.

وقالت أستاذة علوم الاقتصاد فى كلية لندن للأعمال، لوكريزيا ريتشلين: «اللقاح سيغير الأمور، لكنه ليس من أجل يوم الغد»، مشيرة إلى أن الأزمة ستسبب بعض الندوب، خاصة فى قطاعات ومناطق معينة، لكن حتى يمكن تفادى حالات الإفلاس الكبيرة بين الشركات الصغيرة المملوكة للعائلات، ستحتاج الحكومات الأوروبية إلى أن تكون أكثر ابتكاراً من خلال تقديم المنح أو الأسهم.

وتعهدت ألمانيا وفرنسا وإيطاليا والنمسا بالفعل بتقديم عشرات المليارات من اليورو كمساعدة لتعويض خسائر الإيرادات، التى عانت منها الشركات المتضررة من عمليات الإغلاق الأخيرة.

ويقول فيتور كونستانسيو، النائب السابق لرئيس البنك المركزى الأوروبى، إن الدول الأخرى بحاجة إلى اتباع نهج مماثل، بل وتقديم الدعم على نطاق أوسع، مثل المطاعم فى البرتغال، التى لم تضطر إلى الإغلاق، ولكنها لاتزال تعانى من مخاوف تجاه الفيروس، فهو يعتقد أن اللقاح سيتوفر بحلول الربيع المقبل، وبالتالى يجب أن يحافظ الناس والشركات على بقائهم حتى ذلك الحين.

تحقق أيضا

الفيدرالي

ماذا قال الفيدرالي في بيان الفائدة الأخير هذا العام؟ (ديسمبر 2024)

قال الفيدرالي في بيان الفائدة إن “الدفعات الأخيرة من البيانات ألقت الضوء على استمرار النشاط …