شهدت أسواق المال العالمية حالة من التذبذب الحاد خلال الأسبوع الماضي، شملت أسواق الأسهم والسلع و العملات أيضاً ، وبالرغم من تلك الحالة إلا أن الذهب والنفط ، بالإضافة إلى مؤشرات البورصات الأمريكية والأوروبية قد حصدت ارتفاعات قوية في المجمل، باستثناء الدولار صاحب الخسارة الأكبر في تلك المعركة الذي أغلق مؤشره دون 93 نقطة.
ومع الإعلان عن فوز المرشح الديمقراطي جو بايدن رئيساً للولايات المتحدةالأمريكية مساء السبت، يترقب المستثمرون ردة فعل الأسواق المالية خلال الأسبوع المقبل على تلك النتيجة التي تحمل في طياتها استقراراً أكبر للأسواق التي عانت كثيراً من تغريدات الرئيس دونالد ترامب خلال السنوات الأربع الماضية.
فقد كان ترامب مصدراً رئيسياً لتذبذبات الأسواق من خلال تغريداته التي تحمل قرارات رسمية مؤثرة في حركة الاقتصاد الأمريكي والعالمي على حد سواء، ولعل تغريداته بشأن حرب الرسوم التجارية مع الصين خلال عامي 2018 و 2019 كانت الملمح الرئيسي لحركة مؤشرات الأسواق، فمن إعلانه فرض رسوم جمركية جديدة تهدد حركة التجارة العالمية ، وتضغط سلبياً على المؤشرات ، تأتي تغريدات متلاحقة تبين تقارباً في وجهات النظر بين الصين والولايات المتحدة ، بشأن الوصول إلى اتفاق لدعم التوازن التجاري بين البلدين.
كانت مؤشرات الأسهم الأمريكية الرئيسية قد حققت الأسبوع الماضي أكبر مكاسبها الأسبوعية منذ أبريل ، إذ راهن المستثمرون على فوز بايدن واحتفاظ الجمهوريين بمجلس الشيوخ، وهو ما قد يحول دون أية زيادات ضريبية كبيرة أو تشديد القواعد على الشركات.
لكن المستثمرين يخشون من الطعن على النتائج لأسابيع أو أشهر. وإذا اكتسبت دعاوى ترامب القضائية زخماً، فقد تُحدث هزة في أسعار الأصول.
و يرى المحللون أن فوز جو بايدن قد يحدث بعض الاضطرابات القصيرة في حركة الأسواق المالية ، ولكن سيكون له تأثير إيجابي على المدى المتوسط طبعاً، وذلك حال صياغته بعض سياساته التي تتميز بالهدوء، والبعد عن الصراعات ، وربما ستعيد النظر في بعض الاتفاقيات الاقتصادية والسياسية مع دول عدة.
وتشير التوقعات إلى أن الفترة المقبلة ستشهد العديد من التغيير في العلاقات مع بعض الدول، مثل الصين وروسيا، و سينعكس هذا إيجاباً على بعض القطاعات ،وأهمها التكنولوجية والتجارة”
وبعيدأ عن تاثيرات كورونا التي كانت سبباً رئيسياً في الانكماش الاقتصادي خلال العام الجاري ، فقد تشهد أسعار النفط تداولات أكثر استقراراً على المدى المتوسط ، نتيجة الاتفاق بين الدول المنتجة على تحقيق التوازن بين العرض والطلب بعيداً عن أية صراعات تجارية.
وربما سيعاني بايدن في تمرير برنامج تحفيز اقتصادي قوي، دعا إليه حال فقده السيطرة على مجلس الشيوخ، إذ لم يتضح بعد من سيسيطر على المجلس ، إذ ستجرى جولة ثانية من التنافس على مقعدين تحت سيطرة الجمهوريين في جورجيا أوائل يناير المقبل.
ووفق ما قاله جيسون وير، مدير الاستثمار لدى مجموعة ألبيون المالية لوكالة رويترز، “حري بالمستثمرين أن يتأهبوا لبعض التقلبات.. ثمة مخاطر بلا ريب على أسعار الأسهم ، إذا تلقينا تغريدات سيئة. النبأ العظيم في كونها قصيرة الأجل ، مع نقلنا السلطة إلى شخص، أراه أقدر بكثير.”
كما نقلت وكالة رويترز عن كريستوفر ستانتون، مدير الاستثمار لدى صنرايز كابيتال بارتنرز قوله “بايدن نبأ عظيم للأسواق.. تعبنا جميعاً من تقلبات السوق المصاحبة لتغريدات ترامب.”
ووفقا لرويترز ، لا تزال هناك مخاوف في أوساط المستثمرين حيال الشخصيات التي قد يعينها بايدن في حكومته، وما إذا كان مجلس الشيوخ سيكون جمهوريا أم ديمقراطياً.
إذ سيفرض مجلس شيوخ بأغلبية جمهورية قيوداً على تعيينات بايدن، مما سيجبره على اختيارات أكثر اعتدالاً. لكن جولات إعادة متوقعة في سباقي مجلس الشيوخ بولاية جورجيا، قد تعكر صفو ذلك التصور.
غير أن المستثمرين يبدون ارتياحاً لإعلان نتيجة الانتخابات بعد توتر بدا بلا نهاية ، شاب فرز الأصوات عقب الانتخابات التي جرت يوم الثلاثاء.
وقال جيم عوض، المدير في كليرستيد أدفايزرز، “الأسواق سيرضيها ذلك ، لأن بايدن لن ينحرف يساراً بشدة.. ستكون حكومة رشيدة، لا حكومة تعمل بالتغريدة.”
ودعا جيمي ديمون، الرئيس التنفيذي لبنك جيه.بي مورجان تشيس أند كو، أكبر بنك أمريكي،وأحد أهم الأصوات ذات الثقل بالقطاع المالي، إلى وحدة الصف والهدوء.
وقال في بيان له “حان وقت وحدة الصف.. يجب أن نحترم نتائج انتخابات الرئاسة الأمريكية ونحترم، كما فعلنا في كل انتخابات قرار الناخبين ، وندعم نقلاً هادئاً للسلطة.”