ظهر بيان الفائدة من بنك الاحتياطي الفيدرالي محملا بقرار جديد، لكنه متوقع ببدء خفض مشتريات الأًصول في منتصف الشهر الجاري. كما خرج جيروم باول، رئيس مجلس محافظي بنك الاحتياطي الفيدرالي، على الأسواق بتصريحات في مؤتمر صحفي انعقد عقب إعلان قرارات السياسة النقدية.
وتضمن البيان والتصريحات التي ظهرت عقب إصداره إشارات إلى عوامل إيجابية وأخرى سلبية قد تتحكم في المسار المستقبلي ومسار السياسة النقدية للفيدرالي في الفترة المقبلة.
وكان من المتوقع بعد الإعلان عن خفض مشتريات الأصول أن نشاهد هبوطا في الأسهم الأمريكية لصالح الدولار الأمريكي الذي كان من المتوقع أن يحلق عاليا فور الإعلان عن موعد محدد لخفض مشتريات الأصول.
لكن العكس تماما هو ما حدث، إذ حققت مؤشرات بورصة نيويورك ارتفاعات قياسية جديدة بعد إعلان قرارات الفيدرالي، وهو ما جاء نتيجة للطريقة التي اتبعها جيروم باول وشركاه في صياغة بيان الفائدة والتصريحات التي جاءت بعد إصداره، والتي روعي فيها إحداث توزان شديد أثناء تناول القضايا الاقتصادية المختلفة حتى لا تتعرض الأسواق لصدمة بسبب أي تغيير يقدم عليه البنك المركزي.
وفيما يلي استعراض لأهم إشارات الفيدرالي وباول وأبرز الأسباب التي أدت إلى دعم التحرك الصاعد للأسهم في وول ستريت وفشل الدولار الأمريكي في اقتناص فرصة صعود حاد بعد إعلان خفض المشتريات الفيدرالية من الأوراق المالية.
إيجابيات في بيان الفائدة
تضمن بيان الفائدة إشارات إيجابية تتمثل في أن سرعة التحصين وتراجع معوقات المعروض أدت إلى دفع عجلة تعافي الاقتصاد إلى الأمام.
وقال البيان إنه “في ضوء التقدم الكبير المستدام الذي حققه الاقتصاد في اتجاه تحقيق أهداف اللجنة منذ ديسمبر الماضي، قررت اللجنة خفض مشتريات سندات الخزانة الأمريكية بواقع 10 مليار دولار شهريا وخفض مشتريات السندات المدعومة عقاريا بواقع 5 مليار دولار”، وهو ما أشاع التفاؤل حيال الأوضاع الحالية والمستقبلية للأسواق.
وأشار البيان أيضا إلى أنه رغم قرار البدء في مشتريات الأصول من قبل لجنة السوق الفيدرالية المفتوحة، تظل اللجنة “مستعدة لضبط سرعة شراء الأصول بشكل مختلف إذا استجدت تغيرات في النظرة المستقبلية للاقتصاد تستدعي ذلك”.
وأضاف أن “بنك الاحتياطي الفيدرالي سوف يستمر في شراء السندات والاحتفاظ بها لضمان توافر السلاسة في عمل الأسواق والأوضاع المالية التيسيرية، ومن ثم دعم تدفقات الائتمانات للأسر والشركات الأمريكية”، وهي الإشارت التي تضمنت إشارات توحي بإمكانية العدول عن خفض مشتريات الأصول في وقت لاحق.
وابدى الفيدرالي أيضا أن اللجنة “ستكون مستعدة لإحداث أي تغيير في موقف السياسة النقدية حال ظهور أي من المخاطر التي من شأنها أن تعيق التقدم نحو أهداف الفيدرالي”.
وكانت تلك الإشارات سببا في توفير المزيد من زخم الصعود لمؤشرات البورصة في وول ستريت.
سلبيات بيان الفائدة
قال بيان الفيدرالي إن “التضخم يواصل الارتفاع، وهو على الأرجح ما يرجع إلى حدٍ كبيرٍ إلى عوامل يتوقع أن تكون انتقالية”، وهي العبارة التي تغيرت مقارنة بالبيان السابق للبنك المركزي التي رجحت بشدة أن العوامل التي تقف وراء الارتفاع الحاد في التضخم “انتقالية”.
وهنا لابد من إلقاء الضوء على غياب بعض اليقين الذي كان الفيدرالي يتحدث به عن أسباب التضخم المرتفع، مما يثير المزيد من مخاوف الارتفاعات المستقبلية.
وركز الفيدرالي أيضا على أسباب ربما يذكرها للمرة الأولى بين العوامل التي أدت إلى ارتفاع التضخم إلى أعلى المستويات في 30 سنة في الفترة الأخيرة، قائلا: “أسهمت توازنات قوى العرض والطلب ذات الصلة بالوباء واستئناف النشاط الاقتصادي في الارتفاع الحالي للأسعار في بعض القطاعات”.
وأضاف: “لا يزال المسار المستقبلي للاقتصاد يعتمد على ما يستجد من تطورات الفيروس”.
إيجابيات تصريحات باول
توقع باول أن يستعيد الاقتصاد التوازن بين قوى العرض والطلب، لكنه أشار أن هذا الأمر “يصعب التنبؤ بوقت حدوثه”.
وقال رئيس الفيدرالي: “أمامنا اختبار مختلف وأكثر صرامة قبل رفع الفائدة”، مما أشاع التفاؤل في أسواق الأسهم على حساب الدولار الأمريكي.
وأضاف: “اختناقات المعروض ينبغي أن تنتهي في 2022، وعلينا أن نتحلى بالصبر حتى يتحقق ذلك”.
ورجح أيضا أن نجاح الاقتصاد الأمريكي في الفترة المقبلة في إضافة 500 ألف إلى 600 ألف وظيفة يُعد تطورا إيجابيا.
جاء ذلك مقابل أبرز السلبيات التي تضمنتها تصريحات رئيس مجلس محافظي البنك المركزي، والتي تتمثل في تحذيره من أنه “إذا شاهدنا إشارات إلى أن المسار التضخم يتجه بصفة مستدامة إلى مستويات أعلى من هدفنا، فسوف نتخذ إجراء حيال ذلك”.
لماذا ارتفعت الأسهم وهبط الدولار الأمريكي على غير المتوقع بعد خفض مشتريات الأصول؟
جاء رد فعل الأسواق مخالفا للتوقعات بعد إعلان قرارات بنك الاحتياطي الفيدرالي للأسباب الآتية
- الأسواق كانت تثمن قرار خفض مشتريات الأصول في منتصف ديسمبر منذ عدة أشهر.
- الخفض التدريجي دون عجلة حتى وقف مشتريات الأصول بشكل كامل في منتصف 2022، والذي اتضح من حجم الخفض (10 و5 مليار من مشتريات سندات الخزانة الأمريكية والسندات المدعومة عقاريا على الترتيب).
- إمكانية العدول عن خفض مشتريات الأصول بصفة عامة إذا اقتضت أي تغيرات الاقتصادية ذلك.
- الفصل بين خفض مشتريات الأًول ورفع الفائدة وتعامل البنك المركزي وباول معهما كقضيتين منفصلتين تماما.
- استبعاد رفع الفائدة في وقت قريب، مما يوفر بيئة تشغيل مثالية للشركات نظرا لاستمرار انخفاض تكلفة الاقتراض.