هل بات الفيدرالي في انتظار رئيس جديد وسط اقتراب المخاطر؟

تثير التغييرات المحتملة في قيادة مجلس الاحتياطي الفيدرالي في عهد الرئيس دونالد ترامب موجة من التفاؤل في الأسواق المالية، مما يطرح تساؤلات حول مستقبل السياسة النقدية الأمريكية. وأثارت التكهنات حول استبدال رئيس الاحتياطي الفيدرالي جيروم باول، الذي تمتد ولايته حتي مايو 2026، توقعات بتطبيق نهج أكثر ميلاً للتيسير، مع توقع المستثمرين لتخفيضات مبكرة في أسعار الفائدة. هذا التحول، إلى جانب البيانات الاقتصادية القوية، دفع الأسواق الأمريكية والعالمية للارتفاع، لكن التوترات والمخاطر الكامنة تهدد بتقلبات. هناك ثلاثة مجالات رئيسية تتطلب الاهتمام: استجابة السوق الفورية، التهديد لاستقلالية البنك المركزي، والتحديات التي تنتظر خليفة باول المحتمل.

انتعاش الأسواق على أمل تغيير السياسة

أشعلت توقعات تعيين رئيس جديد لمجلس الاحتياطي الفيدرالي حماس المستثمرين. في 26 يونيو 2025، ارتفع مؤشر ستاندرد آند بورز 500 بنسبة 0.4%، مقترباً من مستويات قياسية، بينما صعد ناسداك 0.5% وكسب داو جونز أكثر من 200 نقطة. دعمت هذا الارتفاع مؤشرات اقتصادية قوية: انخفضت مطالبات البطالة الأسبوعية إلى 235,000، دون التوقعات البالغة 245,000، وتم تعديل قراءة نمو الناتج المحلي الإجمالي للربع الأول إلى 3.8% من 3.7%. على عكس الانتعاشات السابقة التي قادها قطاع التكنولوجيا، شمل هذا الارتفاع القطاعات الصناعية أيضاً. في الوقت نفسه، تتوقع العقود الآجلة لأسعار الفائدة تخفيضات بمقدار 125 نقطة أساس بحلول ديسمبر 2026، متجاوزة توقعات الفيدرالي بثلاث تخفيضات ربع نقطة. ومع ذلك، قد تؤدي الرسوم الجمركية المقترحة من ترامب إلى تأجيج التضخم، الذي يتجاوز حالياً هدف الفيدرالي البالغ 2% عند أكثر من 3%، مما قد يعكر هذا التفاؤل.

الأسواق العالمية تركب أمواج تفاؤل لافت

امتد الانتعاش إلى ما هو أبعد من الحدود الأمريكية. شهدت أسواق آسيا، التي تعافت من تقلبات أبريل المتعلقة بالرسوم الجمركية، ارتفاع مؤشر MSCI للأسهم الآسيوية بنسبة 25% إلى أعلى مستوى في أربع سنوات. أدى ضعف الدولار الأمريكي، الذي انخفض بنسبة 10.48% في مؤشر DXY خلال 2025، بما في ذلك انخفاض 0.55% في 26 يونيو، إلى تعزيز ثقة المستثمرين العالميين. ووصلت مبيعات السندات الآسيوية إلى أعلى مستوى سنوي عند 197 مليار دولار، مما يعكس توقعات التخفيضات العالمية في أسعار الفائدة. يبرز هذا التفاؤل المترابط الأهمية العالمية لتحولات السياسة النقدية الأمريكية، لكن التوترات التجارية أو ارتفاعات التضخم قد تعطل هذا الزخم.

استقلالية الاحتياطي الفيدرالي تحت ضغوط

تثير انتقادات ترامب العلنية لجيروم باول وتقارير عن إعلان وشيك لخليفة له – ربما في سبتمبر 2025 – مخاوف بشأن استقلالية الاحتياطي الفيدرالي. ظهرت أسماء مثل وزير الخزانة سكوت بيسينت، ومدير المجلس الاقتصادي الوطني كيفن هاسيت، ومحافظ الفيدرالي السابق كيفن وارش، ومحافظ الفيدرالي كريستوفر والر كمرشحين محتملين. قد يقوض “رئيس في الظل” يؤثر على السياسة قبل خروج باول نهج الفيدرالي القائم على البيانات، كما أكد رئيس فدرالي شيكاغو أوستان غولسبي، الذي يشدد على قرارات لجنة السوق المفتوحة الفيدرالية القائمة على الإجماع. تاريخياً، أدت التدخلات السياسية، كما في عصر نيكسون، إلى التضخم والتذبذب، وهو مخاطر قد تؤدي إلى تآكل الثقة العالمية في السياسة النقدية الأمريكية.

تحديات أمام رئيس الفيدرالي القادم

سيواجه رئيس الفيدرالي القادم مشهدًا معقدًا. يعكس مقاومة باول لتخفيضات الفائدة المبكرة مخاوف التضخم المستمرة، التي قد تتفاقم بسبب خطط ترامب للرسوم الجمركية. سيشكل توحيد آراء أعضاء لجنة السوق المفتوحة الفيدرالية ال12، الذين يعطون الأولوية للبيانات على التوجيهات السياسية، اختبارًا لقيادة الرئيس الجديد. يضيف سوق السندات، الذي تأثر بالفعل بخروج 11 مليار دولار في الربع الثاني من السندات طويلة الأجل بسبب مخاوف من ارتفاع الدين الفيدرالي، ضغطًا إضافيًا. يجب على الرئيس القادم تحقيق توازن بين هذه الديناميكيات مع الحفاظ على المصداقية وتجنب السياسة.

قد تستمر الأسواق في الاتجاه الصاعد إذا استمرت القوة الاقتصادية وظهر في الأفق مزيد من التيسير، ولكن الحذر مطلوب. لذا يحرص المستثمرون على تنويع محافظهم ومراقبة خطوات ترامب التالية بشأن قيادة الفيدرالي. ويستعد الرئيس القادم لإعطاء الأولوية للقرارات الشفافة القائمة على الأدلة للحفاظ على استقلالية الفيدرالي وتوجيه الاقتصاد عبر الشكوك، مضمنًا الاستقرار في عصر التذبذب السياسي والاقتصادي.