نور تريندز / مستجدات أسواق / تغطية لأسواق العملات / تحول استراتيجي في فرانكفورت: 5 ملفات ساخنة تعيد رسم مستقبل مسار سياسات “المركزي الأوروبي”
المركزي الأوروبي

تحول استراتيجي في فرانكفورت: 5 ملفات ساخنة تعيد رسم مستقبل مسار سياسات “المركزي الأوروبي”

بينما يستعد البنك المركزي الأوروبي لاجتماعه المرتقب غدًا الخميس، الموافق 18 ديسمبر، لم يعد السؤال المهيمن في أروقة المال في فرانكفورت وباريس هو “متى سيتم الخفض القادم؟”، بل تحول النقاش بشكل دراماتيكي نحو احتمالية رفع أسعار الفائدة بحلول عام 2026. هذا التحول هو نتاج تقاطع معقد بين بيانات النمو الصلبة، والتوترات الجيوسياسية الراهنة، وإعادة هيكلة شاملة داخل مطبخ صنع القرار في المركزي.

وثمة ملفات خمسة تشكل هذا الواقع الجديد، وهي دون شك جديرة بالتحليل

1. معضلة قرار الخميس: التثبيت

من المتوقع على نطاق واسع أن يبقي البنك على سعر الفائدة القياسي عند 2% للمرة الرابعة على التوالي. هذا التوجه يأتي مدفوعاً ببيانات اقتصادية “مفاجئة” أظهرت نمو منطقة اليورو بنسبة 0.3% في الربع الثالث، وهي وتيرة تتجاوز بكثير تقديرات البنك السابقة. وكانت كريستين لاجارد، رئيس البنك المركزي، قد مهدت لهذا القرار عبر رسائلها وتصريحاتها المتكررة بأن السياسة النقدية وصلت حالياً إلى نقطة توازن، ما يعطي البنك رفاهية الوقت لمراقبة التضخم “العنيد” الذي لا يزال يبدي مقاومة في قطاع الخدمات، قبل الإقدام على أي خطوة تيسيرية جديدة قد تشكّل مغامرة غير محسوبة.

2. استشراف 2028: لغز التضخم ونظام الانبعاثات

لأول مرة في تاريخه، يتوقع أن يصدر البنك المركزي الأوروبي توقعاته التضخمية لعام 2028. ويرى الخبراء الاقتصاديون أن هذه التوقعات من شأنها أن تكون “نقطة ارتكاز” للصقور داخل البنك؛ فمن المتوقع أن يظهر التضخم عائداً للمستهدف أو أعلى قليلاً، مما يعزز فرضية أن الهبوط المتوقع في الأسعار خلال عامي 2026 و2027 ليس سوى تراجعاً مؤقتاً. أحد الأسباب التقنية الجوهرية هو تأجيل نظام تبادل الانبعاثات الأوروبي الجديد (ETS 2) إلى عام 2028؛ هذا التأجيل يعني أن ضغوط التكاليف من المرجح أن تغيب مؤقتاً في 2027 (مما يظهر تضخماً منخفضاً زائفاً)، لكنها ستنفجر بقوة في 2028، مما يستدعي استعداداً نقدياً مبكراً.

3. سيناريو 2026: هل انتهى عصر التيسير؟

في تحول جذري للراهنات، بدأ المتداولون الآن في تسعير احتمالية بنسبة 30% لرفع أسعار الفائدة بحلول نهاية عام 2026. هذا التغير في المزاج العام أشعلته تصريحات إيزابيل شنابل، عضو مجلس الإدارة الممثل للتيار المائل إلى تشديد السياسة النقدية، حين أشارت إلى أن الخطوة القادمة للبنك قد تكون “رفعاً” للفائدة لا خفضاً.

ويتوقف هذا المسار على معادلة صعبة: فمن جهة، هناك توقعات بحوافز مالية ألمانية ضخمة وزيادة في الإنفاق الدفاعي الأوروبي (وهي عوامل محفزة للنمو والتضخم)، ومن جهة أخرى، هناك خطر “التعريفات الجمركية الأمريكية” في عهد ترامب التي قد تضغط على الصادرات الأوروبية وتجبر البنك على العودة للخفض.

4. جغرافيا السلام: أوكرانيا، الطاقة، وهيبة اليورو

تراقب الأسواق بحذر تصريحات مبعوث دونالد ترامب حول إحراز تقدم في محادثات السلام الأوكرانية. السلام، في حال تحققه، من شأنه أن يمثل “دفعة مزدوجة” لأوروبا: خفض تكاليف الطاقة ودعم استقرار النمو. لكن الملف الأكثر حساسية هو “الأصول الروسية المجمدة”؛ حيث يخشى المركزي الأوروبي أن تؤدي خطط استخدام هذه الأصول لتمويل أوكرانيا إلى تقويض ثقة المستثمرين الدوليين في اليورو كعملة احتياط عالمية. لاغارد، التي وصفت الأمر سابقاً بأنه “شائك قانونياً”، تسعى الآن لضمان أن أي تحرك في هذا الصدد يلتزم بالشرعية الدولية لتجنب نزوح الرساميل عن العملة الموحدة.

5. تغيير الحرس القديم: إعادة تشكيل “مطبخ القرار”

بدأ البنك المركزي الأوروبي عملية إعادة هيكلة لمجلسه التنفيذي ستستمر لعامين، تبدأ برحيل نائب الرئيس لويس دي جيندوس أوائل العام المقبل. وبينما تتنافس الدول الصغيرة، خاصة من شرق أوروبا، للحصول على مقعد في القيادة لأول مرة، تظل المناصب السيادية تحت سيطرة القوى الاقتصادية الكبرى (ألمانيا، فرنسا، إيطاليا). المحللون يشيرون إلى أن النهج التوافقي الذي أرسته لاغارد، والذي أعطى صوتاً أقوى لمجلس الحكام، سيظل هو القائد للمرحلة المقبلة، مما يضمن استمرارية السياسة النقدية حتى في حال تغير الوجوه في قمة الهرم.

تحقق أيضا

الإسترليني

الإسترليني يرتفع بعد بيانات العمل الأمريكية الضعيفة

ارتفع زوج الجنيه الإسترليني / دولار الأمريكي الثلاثاء، مدعومًا بضعف البيانات الاقتصادية الأمريكية التي أظهرت …