ظهرت بعض العوامل في أسواق النفط العالمية من شأنها أن تؤجج هبوط الأسعار في الفترة المقبلة، أغلبها تتعلق بتوان قوى العرض والطلب بينما9 يتعلق البعض بتطورات المشهد السياسي والاقتصادي في الولايات المتحدة ودول الاقتصادات الرئيسية.
ويعاني الخام الأسود منذ مستهل تعاملات هذا الأسبوع بعد أن بدأت حدة الآثار السلبية للإعصار رافاييل على إنتاج النفط في الولايات المتحدة تتراجع، وهو ما يقلل من فرص تعطل الإنتاج وتراجع المعروض ويعيد الإنتاج إلى المستويات الطبيعية، مما ينعكس سلبًا على الأسعار.
واجتاح الإعصار الكثير من المناطق التي يزدهر فيها إنتاج النفط والغاز الطبيعي في الولايات المتحدة، إذ هبط معدل الناتج النفطي في خليج المكسيك بحوالي 16% الأسبوع الماضي، وهو ما أدى إلى نقص في المعروض وارتفاع في الأسعار العالمية.
وشهدت المنطقة تراجع إنتاج النفط بواقع 482790 برميل علاوة تراجع إنتاج الغاز الطبيعي 310 مليون متر مكعب من الغاز الطبيعي يوم الأحد الماضي، وفقًا مكتب السلامة والإنفاذ البيئي في الولايات المتحدة.
المخزونات الأمريكية
ساعد ارتفاع الأسعار العام الماضي فوق 90 دولارًا للبرميل على انخفاض مخزون النفط الخام التجاري الأمريكي بواقع 53 مليون برميل في ربع السنة من يونيو إلى سبتمبر 2023. وتجاهلت الأسعار توقعات الطلب المنخفض والتكهنات بأن السياسات التي قد تتبناها إدارة ترامب قد تؤدي قريبًا إلى زيادة المعروض والمخزونات التي وصلت إلى أدنى مستوى له في عدة سنوات.
وساعد تراجع المخزونات التجارية الأمريكية من لنفط في الفترة الأخيرة 415 مليون برميل، وهو أدنى مستوى له منذ عدة سنوات، قبل عامين على ارتفاع الخام الأمريكي.
ووصلت الأسعار العالمية للنفط إلى مستويات أعلى من 124 دولارًا للبرميل إبان الغزو الروسي لأوكرانيا. لكن ارتفاع المخزونات الأمريكية من النفط إلى 467 مليون برميل في يونيو من العام الماضي إلى هبوط الأسعار إلى 67 دولارًا. مع ذلك، أدى انخفاض المخزون بعد ذلك إلى دفع السعر فوق 90 دولارًا مرة أخرى.
ارتفاع الدولار الأمريكي
كما يعاني النفط من استمرار ارتفاع الدولار الأمريكي نظرًا لأن جميع السلع المقيمة بالعملة الأمريكية تتراجع عند ارتفاعها، وفقا لإحدى علاقات الارتباط المعروفة في أسواق المال. وأدت هذه العوامل مجتمعة إلى إغلاق سلبي للنفط بعد خسارة حوالي 2.75% للعقود الآجلة للنفط الأمريكي في نهاية تعاملات الثلاثاء.
وأنهى الدولار الأمريكي تعاملات الثلاثاء في الاتجاه الصاعد وسط خلو المفكرة الاقتصادية من البيانات ذات التأثير القوي في حركة السعر بالدخول في فترة التداول الأمريكية في سوق العملات، مما فتح الباب أمام عوامل أخرى للإمساك زمام حركة السعر في الأسواق.
وارتفع مؤشر الدولار، الذي يقيس أداء العملة الأمريكية مقابل سلة العملات الرئيسية، إلى 105.96 نقطة مقابل الإغلاق اليومي الماضي الذي سجل 105.54 نقطة. وهبط المؤشر إلى أدنى مستوياته في يوم التداول الثاني من الأسبوع الجاري عند 105.49 نقطة مقابل أعلى المستويات الذي سجل 105.99 نقطة.
ولا يزال العملة الأمريكية يحقق المزيد من المكاسب منذ إعلان فوز دونالد ترامب، الرئيس الأمريكي السابق والمرشح الجمهوري، بانتخابات الرئاسة الأمريكية 2024 الأسبوع الماضي.
وتستمر أسواق المال في الاحتفال بفوز الرئيس الأمريكي السابق والمرشح الجمهوري دونالد ترامب بمقعد الرئاسة ليعود مرة ثانية إلى البيت الأبيض.
ورغم ما يتردد على لسان دونالد ترامب من معارضة الارتفاع المبالغ فيه للدولار الأمريكي، إلا أنه لم يذكر في أي وقت من الأوقات أي شيء عن الطريقة التي يعتزم اتباعها لإضعاف الدولار الأمريكي، وهو ما يجعل الباب مفتوحًا أمام المزيد من ارتفاع العملة الأمريكية.
التحفيز الصيني
ظهرت إشارات في الأسواق إلى أن هناك استياء من قبل ثيران النفط حيال حجم حزمة التحفيز الصينية التي أبدى كثيرون مخاوفهم حيال ألا تكون كافية لتحقيق الأثر الإيجابي المأمول على نمو ثاني أكبر اقتصادات العالم.
وهناك ارتبط قوي بين الطلب على النفط ومعدلات النمو، إذ تحتاج أي دولة لتحقيق المزيد من النمو إلى إنتاج أكثر، وهو بطبيعة الحال ما يستدعي استهلاك أكثر للنفط، ومن ثم يرتفع الطلب عليه.
أثر ترامب
من المتوقع أن يتبنى الرئيس الأمريكي المنتخب سياسات تدعم تعزيز إنتاج الوقود الأحفوري في الولايات المتحدة وتشجع استخراج المزيد من النفط والغاز الطبيعي في الفترة المقبلة، وهو ما ينعكس إيجابيًا على مستويات الإنتاج وسلبًا على الأسعار.
وأثار فوز ترامب تكهنات بإمكانية إلغاء التشريعات التي مرتها إدارة بايدن في السنوات القليلة الماضية فيما يتعلق باستخدام الطاقة النظيفة، وأن الإدارة الجديدة قد تلغي مليارات الدولارات التي تنفقها الولايات المتحدة في شكل حوافز على استخدام الطاقة المتجددة. ويتوقع أيضًا أن تراجع وزارة الخزانة الأمريكية السياسات الحالية التي تعطي الشركات ومؤسسات الأعمال خفضًا ضريبيًا بالمليارات لاستخدام الطاقة النظيفة أو المعروفة بالهيدروجين الأخضر.