كان أسبوع التداول الماضي قصيرا مقارنة بغيره بسبب العطلات الأمريكية التي أدت إلى ضعف معدلات السيولة وعدم ظهور تحركات هامة في أسعار الأصول المتداولة في أسواق المال.
رغم ذلك، كانت هناك أحداث هامة على مدار تلك الفترة، أبرزها إصدار الفيدرالي نتائج اجتماع نوفمبر الجاري التي كشفت واقعا جديدا تقترب منه الأسواق على صعيد السياسة النقدية ومسارها المستقبلي.
كما أعلنت مجموعة أوبك+ تأجيل اجتماعها، الذي كان من المقرر أن ينعقد الأحد، إلى آخر نوفمبر الجاري، مما أثار تكهنات بوجود خلافات بين أعضاء المجموعة على المسار المستقبلي للسياسة الإنتاجية.
كما ظهرت بيانات أوروبية أدت عكست تحسنا في النشاط الاقتصادي وثقة الشركات والثقة في اقتصاد منطقة اليورو بصفة عامة، وهو ما أدى إلى مكاسب للأسهم الأوروبية واليورو على حدٍ سواء.
وفي بريطانيا، صدرت تقديرات اقتصادية جديدة ألقت الضوء على تراجع مستقبليات النمو البريطاني في 2023، وهو ما يأتي بعد فترة وجيزة من هبوط معدل التضخم.
عصر جديد من السياسة النقدية
ظهرت الثلاثاء الماضي نتائج اجتماع الفيدرالي الذي انعقد في الأول من نوفمبر الجاري، والتي جاءت محملة برسائل تعاملت معها الأسواق وانعكست بقوة على حركة السعر في أسواق المال.
وركزت النتائج على أن التحركات المستقبلية للفيدرالي سوف تكون “بحذر”، مما يشير إلى أن الموقف الحالي للسياسة النقدية ينطوي على قدر كبير من الصعوبة في الوقت الذي تتبنى فيه اللجنة الفيدرالية للسوق المفتوحة أعلى معدل للفائدة في حوالي 22 سنة.
ورغم ما ذكره أعضاء اللجنة من أن التضخم لا يزال بعيدا عن الهدف الرسمي للتضخم المحدد من قبل الفيدرالي بـ2.00%، إلا أن النتائج ذكرت أنهم اعترفوا بأن هناك تباطؤ ملحوظ في نمو الأسعار.
واعترف الأعضاء أيضا بأن “المستويات المرتفعة من الفائدة أضرت كثيرا بقطاعي الأسر والشركات” في الولايات المتحدة، مما يشير إلى أن هناك حاجة إلى إنهاء العمل بتلك المستويات القياسية في أقرب وقت ممكن.
وأشارت نتائج الاجتماع الماضي للفيدرالي إلى أن الأعضاء ركزوا على ضرورة الاستمرار في ضبط كشوف الموازنة من خلال إعادة بيع ما تم شراؤه من سندات الخزانة الأمريكية وسندات الشركات، وهو ما يُعد من أهم إجراءات التيسير الكمي الذي يسير عكس الاتجاه الحالي للسياسة النقدية.
وعلق الأعضاء أي تحرك جديد على صعيد السياسة النقدية وأي قرار يتخذه الفيدرالي سوف يعتمد على ما يستجد من بيانات اقتصادية تظهر في المرحلة المقبلة.
يُذكر أيضا أن هذه هي المرة الأولى التي يذكر فيها الأعضاء “خفض الفائدة” أثناء الحديث عن مستقبليات عمليات ضبط كشوف موازنة الفيدرالي.
ويلقي ما جاء في نتائج الاجتماع الماضي للفيدرالي الضوء على إمكانية انتهاء الدورة الحالية من التشديد الكمي، وذلك بعد الدفعات الأحدث على الإطلاق من بيانات التوظيف والتضخم.
وأدت هذه التكهنات إلى نشر التفاؤل في أسواق المال، مما أدى إلى ارتفاع الأسهم الأمريكية على حساب الدولار الأمريكي الذي تم تداوله في نطاق ضيق بسبب تلك الإيجابية على صعيد التراجع المحتمل في تكلفة الاقتراض في الفترة المقبلة.
اليورو والأسهم الأوروبية
أظهرت القراءة الأولية لمؤشر مديري المشتريات التصنيعي في منطقة اليورو ارتفاعا إلى 43.8 نقطة مقابل في نوفمبر الجاري مقابل القراءة السابقة التي سجلت 43.1 نقطة، وهو ما تجاوز توقعات الأسواق التي أشارت إلى 43.3 نقطة.
كما ارتفعت قراءة مؤشر مديري المشتريات الخدمي في منطقة اليورو ارتفاعا إلى 48.2 نقطة مقابل في نوفمبر الجاري مقابل القراءة السابقة التي سجلت 47.8 نقطة، وهو ما تجاوز توقعات الأسواق التي أشارت إلى 48.00 نقطة.
وعلى صعيد الثقة الاقتصادية، وارتفع مؤشر IFO الألماني لمناخ الأعمال، ثقة الشركات، 87.3 نقطة في نوفمبر الجاري مقابل القراءة السابقة التي سجلت 86.9 نقطة.
كما ارتفعت قراءة مؤشر IFO الألماني للثقة في الأوضاع الاقتصادية الحالية في منطقة اليورو إلى 89.4 نقطة في نوفمبر الجاري مقابل القراءة السابقة التي سجلت 89.2 نقطة.
وارتفع مؤشر الثقة في التوقعات الاقتصادية، الأوضاع الاقتصادية المستقبلية، الصادر عن معهد IFO الألماني إلى 85.2 نقطة الشهر الجاري مقابل القراءة السابقة التي سجلت 84.8 نقطة.
ورغم أن جميع المؤشرات الأوروبية الصادرة الجمعة سجلت ارتفاعا، إلا أنها جميعها جاءت دون توقعات الأسواق. لكن الأسهم الأوروبية اختارت الجانب الإيجابي من القصة وارتفعت في ختام التعاملات الأسبوعية.
وكانت هذه البيانات هي المحرك وراء مكاسب أسبوعية للعملة الأوروبية الموحدة والأسهم الأوروبية على حدٍ سواء.
الأسبوع المقبل
تترقب الأسواق الأسبوع المقبل بيانات هامة، أبرزها قراءات نفقات الاستهلاك الشخصي، المؤشر الأدق والأكثر مصداقية بالنسبة للفيدرالي في تحديد أوضاع التضخم، وذلك وسط توقعات بان يتراجع المؤشر بإصداراته المختلفة سيرا على خطى مؤشرات أسعار المستهلك الأمريكي التي ألقت الضوء على ارتفاع سنوي لتضخم أسعار المستهلكين في أكتوبر الماضي إلى 3.2%، وهو ارتفاع أضعف من القراءة السابقة التي سجلت 3.7%.
وتحتل تقارير الأرباح أيضا مكانا متميزا بين العوامل التي ينتظر أن تؤثر في تعاملات وحركة سعر الأصول المتداولة في أسواق المال. وتتصدر تقارير الأرباح تقرير الأداء المالي لشركة سايلزفورس التي تزداد أهمية أرباحها وسط ترقب الأسواق للآثار التي يتولى ظهورها على الأسواق لأزمة شركة “أوبين آي” منذ إقالة رئيسها التنفيذي سام ألتمان وحتى حل الأزمة بعودته إلى منصبه.
وكانت الشركة قد عرضت وظائف جديدة على العاملين في أوبين آي الذي هددوا بالاستقالة ما لم يعود ألتمان إلى منصبه مرة أخرى. وتتوقع إدارة سايلزفورس نمو المبيعات بـ 11% في الربع الثالث من 2023، وفقا للتقديرات الصادرة عن “فيزيبيل ألفا”.