نور تريندز / التقارير الاقتصادية / ما هي الآثار المحتملة لقرارات خفض دول أوبك إنتاجها من النفط؟
منظمة الأوبك، إنتاج النفط، أسعار النفط
منظمة الأوبك، إنتاج النفط، أسعار النفط

ما هي الآثار المحتملة لقرارات خفض دول أوبك إنتاجها من النفط؟

شهدت الأسعار العالمية للنفط ارتفاعا حادا في مستهل تعاملات الأسبوع الجديد بعد إعلان أعضاء في منظمة أوبك خفض مستويات الإنتاج في الفترة المقبلة، وهو ما جاء على خلاف توقعات الأسواق.

وكان تناول العناوين الرئيسية لأنباء ارتفاع النفط علاوة على رد فعل الولايات المتحدة للقرار من العوامل التي أثارت مخاوف كبيرة حيال إمكانية أن يؤدي استمرار صعود العقود الآجلة لنفط إلى ارتفاع معدلات التضخم التي بدأت تستقر في الفترة الأخيرة، وهو ما من شأنه أن يتحكم في اتجاهات المخاطرة في الأسواق ويمسك بزمامها إلى المنطقة السلبية.

وربما تتواصل الضغوط التي تعانيها أصول المخاطرة، أبرزها الأسهم الأمريكية، إذا استمر ارتفاع النفط واستمرت أوبك+ على موقفها المؤيد للمزيد من خفض مستويات الإنتاج، وذلك نظرا لمخاوف قد تتصاعد من الارتفاعات الحادة للنفط التي، دون شك، من أهم العوامل التي تضيف إلى الضغوط التضخمية في الأسواق.

وسجلت القراءة الشهرية لمؤشر نفقات الاستهلاك الشخصي ارتفاعا بـ 0.3% في فبراير الماضي مقابل القراءة السابقة التي سجلت 0.6%، وهو ما جاء أعلى من توقعات السوق التي أشارت إلى 0.2%، وفقا للبيانات الصادرة الجمعة الماضية.

وسجلت القراءة الشهرية لمؤشر نفقات الاستهلاك الشخصي باستثناء أسعار الغذاء والطاقة ارتفاعا بـ 0.3% في فبراير الماضي مقابل القراءة السابقة التي سجلت 0.5%، وهو ما جاء أدنى من توقعات السوق التي أشارت إلى 0.4%.

وارتفعت القراءة السنوية للمؤشر بـ5.00% مقابل القراءة المسجلة في يناير الماضي عند 5.3%، وهو ما جاء أدنى من توقعات السوق التي أشارت إلى نفس الأرقام المسجلة في القراءة السابقة.

ويُعد مؤشر نفقات الاستهلاك الشخصي هو مؤشر التضخم الأكثر مصداقية والأدق بالنسبة لبنك الاحتياطي الفيدرالي الذي يعتمد على قراءات هذا المؤشر في التعرف على وضع أسعار المستهلك في الولايات المتحدة.

إنتاج أوبك من النفط حتى أكتوبر 2022- المصدر: Ycharts

الولايات المتحدة والأثر السياسي

من الطبيعي أن تجني السعودية وشركائها في أوبك+ المزيد من العائدات النفطية بعد تنفيذ خفض الإنتاج، لما يرجح أن يحدثه ذلك من ارتفاع في الأسعار في الفترة المقبلة.

لكن عن صعيد المشهد السياسي لقرارات الخفض، يتوقع أن يكون هناك أثر للخفض الطوعي للإنتاج من قبل السعودية دلالة على مواقف سياسية محددة. فالقرار في نهاية الأمر يصب في صالح روسيا التي تعان يمن عقوبات غربية كبيرة تنال من عائداتها النفطية وتضعف قدرتها على تمويل الحرب في أوكرانيا.

وقد تفسر الولايات المتحدة ذلك كتحدي من دول أوبك+ لها ولقوى الغرب التي تدعم أوكرانيا في وجه العدوان الروسي الذي بدأ منذ 28 فبراير 2022.

في سياق متصل، قد لا يقتصر الأثر السياسي لقرار الخفض على مجرد المواقف من الصراع في أوكرانيا، إذ من لمرجح أن ترى الإدارة الأمريكية قرارات خفض الإنتاج على أنها تحديا للجهود التي تبذلها في سبيل إحداث استقرار في أسواق النفط العالمية.

وتتضمن تلك الجهود مشاورات أجرتها الولايات المتحدة مع مجموعة أوبك+ وغيرها من كبار منتجي النفط على مستوى العالم من أجل ضخ المزيد من النفط. وتتضمن تلك الجهود أيضا تشجيع زيادة الإنتاج الأمريكي، وهو ما يتضح في إبرام اتفاقيات تأجير مساحات من الأراضي ومساحات مائية بغرض التنقيب عن النفط والغاز الطبيعي، وهي الاتفاقات التي أبرمتها الإدارة الأمريكية في الفترة الأخيرة مع شركات الوقود الحفري في مشروع ويلو في ولاية ألاسكا وفي مناطق من مياه خليج المكسيك.

تحاول أوبك+ تعزيز أسعار النفط من خلال خفض الإنتاج – المصدر: Tradingeconomics

وهناك أيضا جهود أمريكية تتمثل في زيادة المعروض من النفط لدى أكبر اقتصادات العالم، مما يؤدي إلى تراجع الأسعار. وتستخدم واشنطن في ذلك الاحتياطيات الاستراتيجية من النفط التي تفرج عن عشرات الملايين من براميل النفط منها بهدف زيادة المعروض.

ويبدو أن سياسة الولايات المتحدة في الإفراج عن احتياطيات نفط استراتيجية لموازنة الارتفاعات الحادة المحتملة في أسعار النفط العالمية إلى، إذ صرحت وزيرة الطاقة الأمريكية جينيفر جرانهولم بأن الولايات المتحدة قد لا تتمكن من إعادة ملأ مستودعات الاحتياطيات الاستراتيجية من النفط هذا العام.   

السعودية وروسيا

أعلنت السعودية الأحد الماضي “خفضا اختياريا” لمستوى إنتاجها من النفط تزامنا مع إعلان عدد آخر من دول مجموعة أوبك التي رأيت أن قرارات الخفض، التي جاءت مفاجأة للأسواق، من شأنها أن تحافظ على الأسعار العالمية للنفط عند مستويات جيدة.

وأكد مسؤول في وزارة الطاقة السعودية لوكالة الأنباء السعودية الرسمية إن العمل بخفض مستويات الإنتاج سوف يبدأ في مايو المقبل، مؤكدا أن قرارات الخفض الجديد سوف تُضاف إلى كميات الخفض التي اتخذ القرار بشأنها في أكتوبر الماضي.

ووصفت وزارة الطاقة السعودية خفض الإنتاج الأخير بأنه “إجراء احترازي” يستهدف دعم استقرار أسواق النفط العالمية.

وتتردد أنباء عن أن السعودية قد تتخذ القرار في الفترة المقبلة بخفض الناتج النفطي بنصف مليون برميل أخرى يوميا.

وخفضت العراق إنتاجها من النفط بـ211 ألف بميل يوميا في حين أعلنت الإمارات خفض ناتجها النفطي بواقع 144 ألف برميل يوميا.

كما اتخذت الكويت والجزائر وعمان قرارات مشابهة بخفض الإنتاج من النفط بـ 128000 ، و48000، 40000 برميل يوميا على الترتيب.    

مقارنة بين مستويات صادرات النفط الروسية قبل وبعد الحرب في أوكرانيا – المصدر: البنك المركزي الأوروبي

ورغم أن هذه القرارات جاءت مفاجأة، إلا أنها تتسق مع السياسة الإنتاجية لأكبر تكتل نفطي على مستوى العالم، إذ تسعى مجموعة أوبك+ إلى خفض الإنتاج من أجل تعزيز الأسعار العالمية، تفاديا لهبوط حاد للنفط من شأنه أن يؤثر على العائدات النفطية التي تمثل جزء كبيرا من الاحتياجات التمويلية للدول الأعضاء في المجموعة.

وبلغ إجمالي خفض الإنتاج من قبل الأعضاء التسعة الذين اتخذوا القرار بالخفض الأحد الماضي 1.66 مليون برميل يوميا، وهو ما أدى إلى ظهور توقعات بارتفاعات في العقود الآجلة للنفط.  

ورفعت جولدمان ساكس تقديراتها لأسعار خام برنت إلى 95 دولار في ديسمبر 2023 للبرميل مقابل التقديرات السابقة التي أشارت إلى 90 دولار للبرميل. ورفعت المجموعة المالية العملاقة تقديرات برنت في ديسمبر 2024 إلى 100 دولار للبرميل مقابل تقديراتها السابقة التي أشارت إلى 97 دولار للبرميل.  

وقالت روسيا الأحد الماضي أيضا إنها سوف تمدد العمل بخفض طوعي لإنتاج النفط ا الذي تطبقه في الوقت الراهن إلى نهاية 2023، وفقا لتصريحات أدلى بها نائب رئيس الوزراء الروسي ألكسندر نوفاك.  

وتسببت العقوبات الاقتصادية المفروضة على روسيا إلى إبعاد الصادرات الروسية من منتجات الطاقة عن أوروبا والولايات المتحدة وتوجيهها إلى دول مثل الصين والهند، وهو ما قد يجعل إعلان موسكو خفض إنتاج النفط اختياريا بـ 500 ألف برميل يوميا يخلف آثارا سلبية على الاقتصاد العالمي بصفة عامة، إذ يعتمد على الإنتاج الروسي ثاني أكبر اقتصادات العالم وغيره من الاقتصادات الأسرع نموا.

تحقق أيضا

النفط

عوامل قد تؤدي إلى المزيد من هبوط أسعار النفط

ظهرت بعض العوامل في أسواق النفط العالمية من شأنها أن تؤجج هبوط الأسعار في الفترة …