سادت أسواق المال العالمية في الأيام القليلة الماضية حالة من التراجع في شهية المخاطرة لتوافر عدة عوامل أثارت قلقا حيال دخول الاقتصاد الأمريكي، أكبر اقتصادات العالم، في حالة من الركود في المرحلة المقبلة.
ووقع الأثر المباشر لتلك التطورات، التي يرى فيها المستثمرون في الأسواق أنها تهديدات للنمو العالمي، على مؤشرات بورصة وول ستريت وعائدات سندات الخزانة الأمريكية.
ونستعرض فيما يلي عددا من المستجدات السلبية التي تشهدها الأسواق في الفترة الأخيرة في محاولة لتوقع ما إذا كان الهبوط الحالي لأسهم وول ستريت سوف يستمر على مدار الفترة المقبلة أن أن قرارا من الفيدرالي قد يفاجأ الأسواق برفع أقل حدة وبوتيرة أبطأ في اجتماع ديسمبر الجاري.
البيانات الاقتصادية
وصدرت منذ نهاية الأسبوع الماضي دفعات من البيانات الاقتصادية التي ألقى أغلبها الضوء على تحسن في عدد من القطاعات الاقتصادية في الولايات المتحدة.
لكن استقبال الأسواق للبيانات الاقتصادية جاء في الاتجاه المعاكس، إذ انتقلت الأسهم الأمريكية وعائدات سندات الخزانة الأمريكية إلى المنطقة الحمراء.
ولليوم الثاني على التوالي، أظهرت الأسهم في وول ستريت تراجعا حادا لتواصل الخسائر التي بدأت بها أسبوع التداول الجديد بعد نهاية أسبوع شهدت تحسنا في بيانات التوظيف الأمريكية.
وسجل مؤشر التغير في توظيف القطاعات غير الزراعية في الولايات المتحدة (NFP) ارتفاعا بـ 283 ألف وظيفة مقابل القراءة السابقة التي سجلت ارتفاعا بـ 284 ألف بعد المراجعة، وهو ما يزيد من إيجابية أثر هذا المؤشر من بالغ الأهمية بالنسبة لأسواق المال العالمية في ضوء التوقعات التي أشارت إلى ارتفاع لا يتجاوز 200 ألف وظيفة.
وارتفع نمو الوظائف، وفقا لمؤشر متوسط الكسب في الساعة الشهري والنسخة السنوية منه بواقع 0.6% و5.1% على الترتيب مقابل قراءة المؤشر الشهري المسجلة في نوفمبر الماضي بـ 0.5% والقراءة المسجلة في نفس الشهر من العام الماضي بـ 4.9%.
ولم يشهد معدل البطالة الأمريكية أي تغيير في نوفمبر الماضي مقارنة بالقراءة المسجلة الشهر السابق عند 3.7%.
وأضافت البيانات الأمريكية الصادرة الاثنين مع انطلاق جرس التعاملات في وول ستريت المزيد المزيد من الزخم للدولار الأمريكي الذي يستمر في الصعود، مستفيدا من مخاوف الركود بعد أن ركزت البيانات على ارتفاع فاق التوقعات لمؤشر مديري المشتريات الخدمي الصادر عن المعهد الأمريكي لدراسات الإمدادات إلى 53.7 نقطة مقابل القراءة السابقة التي سجلت 54.4 نقطة، وهو ما تجاز التوقعات التي أشارت إلى 53.1 نقطة.
وألقت بيانات التجارة الأمريكية الضوء على اتساع العجز التجاري للبلاد إلى 78.2 مليار دولار مقابل في أكتوبر الماضي مقابل القراءة المسجلة الشهر السابق عند 74.1 مليار دولار، وهو ما جاء دون توقعات الأسواق التي أشارت إلى 80 مليار دولار.
الصين ومؤسسات مالية كبرى
ولعبت الأنباء الجيدة القادمة من الصين دورا في تفاقم سلبية حركة السعر في مؤشرات الأسهم في وول ستريت، إذ أعلنت السلطات في بكين تخفيف قيود الحجر الصحي واختبارات الكشف عن فيروس كورونا.
وكان لتلك الأنباء وقعا إيجابيا قويا على الأسهم الأمريكية التي انصرف عنها المستثمرون في أسواق المال لصالح عمليات شراء مكثفة للأسهم الصينية التي كانوا ينتظرون زوال حالة انعدام اليقين التي تغلف المشهد الخاص بها في الصين، حتى يتمكنوا من الشراء وبقوة كما حدث في الجلستين الماضيتين
وارتفع مؤشر MSCI للأسهم الصينية بحوالي 10% على مدار الأسبوع الماضي علاوة على ارتفاع المؤشر بواقع 30% منذ أكتوبر الماضي.
كما تعالت أصوات هامة في أسواق المال تشجع الاتجاه إلى شراء الأسهم الصينية منذ الإعلان عن خطط الحكومة الصينية، أبرزها التحديث الإيجابي الذي قامت به مورجان ستانلي لتصنيف الأسهم الصينية، إضافة إلى تقارير إيجابية عن السوق الصيني نشرتها جولدمان ساكس وبانك أوف أميركا.