قال جيروم باول، رئيس مجلس محافظي بنك الاحتياطي الفيدرالي، في المؤتمر الصحفي الذي انعقد عقب اجتماع يناير الماضي إن الاقتصاد الأمريكي “لم يعد يحتاج إلى مستويات مرتفعة من دعم السياسة النقدية المستدام”، وهو ما أرجعه إلى الارتفاع الحاد في معدل التضخم.
وألقت تلك التصريحات الضوء على البنك المركزي سوف يقدم على رفع الفائدة الفيدرالية في وقت قريب من المستويات القريبة من الصفر التي يتواجد عندها في الوقت الحالي، وهو ما يتوقع على نطاق واسع أن يبدأ في مارس المقبل ويستمر في شكل رفع الفائدة مرات عدة على مدار العام الجاري.
ويُعد الدافع الرئيسي للفيدرالي هو مقاومة الارتفاعات الحادة للتضخم التي بدأت في أوائل 2021 وتستمر حتى الآن، وذلك لأن مدى النجاح في تحقيق السيطرة على التضخم واستقرار الأسعار هو المعيار الأدق لمدى تقدم النشاط الاقتصادي.
ويتوقع على نطاق واسع أن تشهد الضغوط التضخمية زيادة في الفترة المقبلة، مما يدفع الفيدرالي بقوة في اتجاه التشديد النقدي.
وتحدث جيروم باول أثناء نفس المؤتمر عن ثلاث أدوات تتوافر للبنك المركزي لمقاومة ارتفاع التضخم الحاد، وهي وقف مشتريات الأصول، ورفع الفائدة، وإعادة بيع مشتريات الأصول أو ما يُعرف بضبط كشوف موازنة الفيدرالي.
وتشير التوقعات الحالية إلى إمكانية ارتفاع المعدل السنوي لتضخم أسعار المستهلك في الولايات المتحدة بواقع 7.3%، مما يشير إلى أعلى المستويات منذ 1982. كما يرجح أن يرتفع التضخم باستثناء أسعار الغذاء والطاقة بواقع 5.9%، وفقا لمسح أجرته شبكة بلومبرج الاقتصادية.
أسعار الغذاء والطاقة
ومع الاستمرار في ارتفاع أسعار الغذاء ومنتجات الطاقة في الولايات المتحدة، نرجح المزيد من الارتفاع الحاد في التضخم في يناير الماضي، وهو ما ننتظر أن تؤكده البيانات الاقتصادية التي تصدر الخميس المقبل. كما يتوقع أيضا أن يواصل التضخم ارتفاعه في فبراير الجاري أيضا ويظل كذلك حتى البدء في رفع الفائدة في مارس المقبل.
وارتفعت أسعار النفط العالمية إلى مستويات أعلى من 91 دولار للبرميل في الفترة الأخيرة، وهي المستويات التي لم يصل إليها منذ 2014. وارتفعت أسعار النفط بصفة أساسية بسبب إبقاء أوبك+ على سياستها الإنتاجية كما هي دون تغيير، والتي تتضمن زيادة تدريجية في معدل الإنتاج بواقع 400 ألف برميل يوميا تم اعتمادها في اجتماع فبراير للمجموعة النفطية ليتم الالتزام بها حتى نهاية مارس المقبل.
كما ترتفع أسعار الغاز الطبيعي لأسباب تتعلق بمخاوف الغزو الروسي المحتمل لأوكرانيا، مما من شأنه أن يخلق توترات في منطقة شرق أوروبا التي تغذي القارة الأوروبية بالغاز الطبيعي، ومن ثم يتم التحول إلى النفط لاستخدامه في التدفئة وغيرها من الأغراض حال تراجع المعروض من الغاز بسبب تلك التوترات.
لماذا نقاوم ارتفاع التضخم؟
وأشارت نتائج مسح أجرته مؤسسة ماكنزي آند كومباني لأبحاث السوق إلى أن أغلب المحللين المشاركين فيه متفائلين حيال المسار المستقبلي للاقتصاد العالمي في 2022 رغم المخاطر المتصاعدة للوباء والتضخم. ورجحت أن وقف إجراءات التيسير الكمي وضخ السيولة في الأسواق قد يؤدي إلى تراجع في مستويات النمو، لكنها سوف تبقى أعلى من المستويات المسجلة في فترة انتشار الوباء.
وأشارت تقديرات منظمة التعاون الاقتصادي والتنمية إلى إمكانية تسجيل النمو العالمي 4.1% بينما أشارت تقديرات البنك الدولي وصندوق النقد الدولي إلى 4.5% في 2022 على الترتيب، وهو المستوى الذي لم يتحقق منذ عام 2010 عندما تعافى الاقتصاد من كبوة أزمة الاقتصاد العالمي ووصل النمو العالمي إلى ذروته.
ومن الجدير بالذكر أن جميع هذه التقديرات للنمو العالمي يتوقف تحقيقها على مدى قدرة السلطات النقدية والبنوك المركزية في مقدمتها بنك الاحتياطي الفيدرالي على السيطرة على التضخم.