تنتظر الأسواق قرار الفائدة وبيان السياسة النقدية لبنك كندا الأربعاء المقبل وسط توقعات بأن يبقي البنك المركزي على معدل الفائدة عند نفس المستويات المنخفضة التاريخية الحالية وأن يثبت جميع الأوضاع النقدية الحالية كما هي دون تغيير، وهي التكهنات التي تستند إلى وجود عدد من العوامل تمثل قيودا تشد وثاق السلطات النقدية وتحول دون اتخاذها أي تحرك من أي نوع على صعيد الفائدة وحجم شراء الأصول.
وأول هذه القيود هو السلالة دلتا المتحورة من فيروس كورونا التي تضرب دول الاقتصادات الرئيسية في الأشهر القليلة الماضية، والمتهمة بأنها وراء تجدد الانتشار السريع لعدوى الوباء في تلك الدول في مقدمتها الولايات المتحدة.
ولدينا أيضا تضاؤل الآمال في استئناف النشاط الاقتصادي في كندا، وهي التوقعات التي تأتي على النقيض مما كتبه البنك المركزي في إصداراته في الأشهر القليلة الماضية من بيان الفائدة، وهو ما يرجع أيضا إلى الارتفاع في عدد حالات ووفيات فيروس كورونا. ومن المعروف أن أغلب البنوك المركزية الرئيسية على مستوى العالم تربط المسار الاقتصادي للبلاد بالتطورات المحتملة للوباء.
وتوقع تقرير نشره قسم الأبحاث الدولية لدى بانك أوف أميركا أن “يبقى بنك كندا على معدل الفائدة الحالي عند 0.25% في هذا الاجتماع (اجتماع سبتمبر). فرغم ارتفاع التضخم، لا يزال الاقتصاد ضعيفا جدا لدرجة أنه لا يتحمل وقف التحفيز، كما أن الفيدرالي يتيح متسعا أمام بنك كندا يمكنه من الانتظار دون التحرك على صعيد السياسة النقدية”.
النمو الكندي
تأتي في المركز الثالث بين المعوقات التي قد تحول دون أي تغيير في السياسة النقدية الكندية قراءة الناتج المحلي الإجمالي للربع الثاني التي ألقت الضوء على انكماش الاقتصاد الكندي بواقع 1.1-%، وهي القراءة التي جاءت أسوأ بكثير من القراءة السنوية للناتج المحلي الإجمالي الكندي التي سجلت 2.5% مقارنة بنفس الفترة من العام الماضي، وهو أيضا ما سجل أرقاما دون توقعات السوق التي أشارت إلى نمو بواقع 0.4% على أساس ربع سنوي.
ومن الطبيعي أن تضعف تلك القراءات على صعيد الناتج المحلي الإجمالي، على أساس ربع سنوي وسنوي، التوقعات بتحقيق كندا نموا سنويا بواقع 6.00% في نهاية 2021.
ومن الواضح، في ضوء الدفعات الأحدث من البيانات الكندية، أن الاقتصاد لا يزال ضعيفا للغاية لدرجة لا تسمح بوقف أو خفض الحجم الحالي لمشتريات الأصول البالغ 2 مليار دولار أسبوعيا.
وصدر القرار بخفض مشتريات الأصول الكندية إلى 2 مليار دولار مقابل 3 مليار دولار أسبوعيا في اجتماع لجنة السياسة النقدية للبنك المركزي في يوليو الماضي، وهو ما يلا يتوقع تكراره في ضوء الانكماش الذي ألم بالاقتصاد الكندي في الفترة الأخيرة.
ورغم سلبية بيانات النمو، أشارت نتيجة مسح أجرته وكالة أنباء رويترز في الفترة من 30 أغسطس الماضي إلى 3 سبتمبر الجاري إلى أن أغلب المشاركين في المسح يرون أن بنك كندا قد يكون ماضيا في طريقه نحو رفع الفائدة إلى 0.5% بالاقتراب من نهاية العام الجاري.
الفيدرالي والانتخابات
يقع الفيدرالي من الأهمية بمكان بين العقبات التي قد تقف حائلا أمام بنك كندا في طريق أي تغيير في السياسة النقدية، إذ كانت التصريحات الأخيرة لجيروم باول، رئيس مجلس محافظي الفيدرالي، أمام منتدى جاكسون هول الاقتصادي خالية من أي تاريخ محدد أو جدول زمني لخفض مشتريات الأصول.
جاء ذلك رغم أن باول رجح بشدة أن هناك ميل جماعي لدة أغلب أعضاء لجنة السوق الفيدرالية المفتوحة للبدء في خفض مشتريات الأصول، بقيمة 120 مليار دولار شهريا، قبل نهاية العام الجاري.
كما أكد رئيس الفيدرالي أنه لا يزال هناك شوط طويل على سوق العمل الأمريكي أن يقطعه قبل البدء في دراسة رفع الفائدة، وهو ما عده المستثمرون في أسواق المال ربطا قويا بين رفع الفائدة وأوضاع سوق العمل الأمريكي.
وجاءت بيانات التوظيف الأمريكية، التي ألقت الضوء على تدهور حاد في معدل التوظيف في الولايات المتحدة الجمعة الماضية، لتؤكد على رسالة باول.
يُضاف إلى كل ذلك الانتخابات الفيدرالية التي تُجرى في كندا في 20 سبتمبر المقبل، والتي تزيد من احتمالات الإبقاء على الفائدة والأوضاع النقدية الكندية على ما هي عليه حتى تظهر نتيجة تلك الانتخابات ويزداد المشهد السياسي وضوحا، ومن ثَمَ يزيد وضوح المشهد الاقتصادي أكثر.
وأشارت نتائج مسح رويترز إلى أن 34 محللا اقتصاديا، هم إجمالي المشاركين في المسح، إلى أن بنك كندا سوف يبقي على معدل الفائدة كما هو عند 0.25% في اجتماع الثامن من سبتمبر الجاري.
كما أجمع المشاركون على أن البنك المركزي لن يخفض مشتريات الأصول من مستوياتها الحالية، 2 مليار دولار أسبوعيا، في هذا الاجتماع.
لكنهم توقعوا أن يخفض بنك كندا ذلك الحجم إلى مليار دولار أسبوعية في الاجتماع التالي الذي ينعقد في 27 أكتوبر المقبل.
وقال تقرير بانك أوف أميركا: “ترجح النغمة السلبية المحتملة لبيان الفائدة لبنك كندا في اجتماعه المقبل وجود مخاطر هبوط تواجه الدولار الكندي حيث لا تزال محركات السياسة النقدية الكندية نشطة وفعالة”.
وأضاف: “سوف يستمر الدولار الكندي في التأثر بالتطورات على صعيد التبادل التجاري (أي التغيرات في أسعار السلع)، وشهية المخاطرة في أسواق المال العالمية، وهي العوامل التي شهدت تعافيا في الفترة الأخيرة بسبب توقعات استمرار الفيدرالي في التيسير الكمي بسبب استمرار ضعف البيانات الأمريكية”.