خلفت لغة بيان الفائدة الصادر عن بنك الاحتياطي الفيدرالي عقب نهاية الاجتماع الماضي لمجلس محافظي البنك المركزي قدرا كبيرا من السلبية التي خيمت على الأسواق عندما ضغطت العبارات التي صيغ منها البيان والتصريحات التي أدلى بها جيروم باول، رئيس مجلس محافظي البنك المركزي، عقب إعلان قرارات الفيدرالي، على ما من شأنه الإشارة إلى اقتراب السلطات النقدية من مناقشة إنهاء برنامج شراء الأصول أو تقليص حجمه.
وعلى مدار الأشهر القليلة الماضية، أصبح الحديث عن التقييد النقدي، سواء رفع الفائدة أو ووقف مشتريات الأصول، من العوامل التي تضر بشهية المخاطرة في الأسواق وتعمل على هبوط الأسهم وعائدات سندات الخزانة الأمريكية وغير ذلك من أصول المخاطرة مقابل ارتفاع الدولار الأمريكي.
ويبدو أن لغة الفيدرالي لن تتغير كثيرا في بيان الفائدة وتصريحات باول التي من المنتظر أن يدلي بها الأربعاء المقبل، خاصة لاستمرار توافر الكثير من العوامل التي تشجع البنك المركزي على الحديث عن التقييد النقدي والبدء في وقف أو تقليص حجم شراء الأصول.
ورغم هذه العوامل، جاءت الدفعات الأخيرة التي توالى ظهورها من البيانات الأمريكية الصادرة منذ الاجتماع الماضي للجنة السوق الفيدرالية المفتوحة، والتي جاءت متباينة تفتقر إلى القوة اللازمة لدعم موقف البنك المركزي أثناء الحديث عن رفع الفائدة أو تقليل شراء الأصول.
كما يتوقع أن يرجح البنك المركزي في بيان الفائدة على أن الارتفاع الحالي في التضخم في أسعار المستهلك في الولايات المتحدة يرجع إلى أسباب انتقالية سوف تزول ويعود التضخم لمعدلاته الطبيعية.
ورغم تأكيد الفيدرالي في يونيو الماضي على ما سبق، خرج جيروم باول بتصريحات أشار خلالها إلى أنه حتى لو كان التضخم لأسباب دائمة سوف تستمر في الدفع به إلى أعلى، فلدى البنك المركزي الأدوات التي تسمح له بالسيطرة على ذلك الارتفاع.
وكانت تلك التصريحات بمثابة سكب المزيد من الزيت على النار، إذ وجهت أنظار المستثمرين في أسواق المال العالمية إلى إمكانية أن تلجأ لجنة السوق الفيدرالية المفتوحة إلى رفع الفائدة لمقاومة تضخم أسعار المستهلك الأمريكي الذي بلغ أعلى مستوياته في 13 سنة الشهر الماضي.
وقد تركز السلطات النقدية أيضا على التطورات على صعيد المتحور الجديد من فيروس كورونا، دلتا، وما يمكن أن يؤدي إليه من آثار على الاقتصاد.
ورغم تأكيد البيت الأبيض على أن المتحور الجديد لم يحدث آثارا سلبية على أداء الاقتصاد بعد، من المؤكد أنه حال عودة القيود التي تستهدف الحد من انتشار الوباء سوف تسفر عن آثار سلبية حادة على أداء النشاط الاقتصادي في الولايات المتحدة.
وحال تركيز بيان الفائدة على مخاوف المتحور الجديد دلتا وأثره المحتمل على الاقتصاد، فسوف نرى رد فعل سلبي على الدولار الأمريكي وأسهم وول ستريت، مما يضر بالأصول الأمريكية بصفة عامة ويبقى الخيار الأمثل لدى المستثمرين في هذه الحالة هو التمسك بالذهب للتحوط ضد تقلبات الأسواق.
لكن حال تجاهل تلك المخاوف والتركيز على تقليل أو وقف مشتريات الأصول، ولو بمجرد الإشارة إلى اقتراب البنك المركزي من مناقشة هذا الخيار، فسوف نرى ارتفاعا للدولار الأمريكي. رغم ذلك، تتراجع الأسهم الأمريكية بسبب اقتراب الفيدرالي من رفع عن الاقتصاد ووقف الدعم المالي والتحفيز النقدي لمؤسسات الأعمال مما يضر بأسواق الأسهم.