احتل التضخم العناوين الرئيسية لتعاملات أسواق المال الثلاثاء بعد صدور بيانات أسعار المستهلك في الولايات المتحدة ومنطقة اليورو، والتي عكست أن التضخم لا يزال مستمرا في إظهار ارتفاعات حاد لأسباب من أهمها اختناقات العرض والاضطرابات في قوى العرض والطلب التي أعقبت ظهور فيروس كورونا أواخر 2019.
وألقت البيانات الأوروبية الضوء على ثبات في معدلات التضخم في ألمانيا، أكبر اقتصادات المنطقة، في يونيو الماضي مقارنة بالقراءات المسجلة الشهر السابق.
لكن ما يثير القلق بالفعل هو أن هذه المعدلات ثابتة فوق هدف التضخم الرسمي لمنطقة اليورو الذي يقره البنك المركزي الأوروبي، مما قد يشكل أشرارا بواحدة من أهم مهام البنك المركزي التي تتمثل في الحفاظ على استقرار الأسعار.
ولم تسجل القراءة الشهرية لمؤشر أسعار المستهلك في ألمانيا، أكبر اقتصادات منطقة اليورو، أي تغيير على الإطلاق في يونيو الماضي لتثبت عند 0.4%، وهو ما جاء موافقا لتوقعات الأسواق.
ولم تتغير القراءة السنوية لنفس المؤشر أيضا مستقرة عند 2.3%، وهو نفس الرقم المسجل في قراءة الشهر السابق والتوقعات التي أشارت إلى نفس المعدل.
ويزيد من خطر التضخم على منطقة اليورو ما أعلنه البنك المركزي الأوروبي منذ أيام من منهجية جديدة للتعامل مع التضخم أطلق عليها “إطار العمل الجديد”، والتي تتضمن منح التضخم متسع لمزيد من الصعود قبل أو ما يمكن أن يوصف بأنه توسع في الهدف الرسمي للتضخم.
ويشير هذا الإطار إلى تغيير هدف التضخم الرسمي الذي تقره السلطات النقدية الأوروبية ليكون 2.00% بدلا من أقل من 2.00% لكنه قريب من هذا المستوى.
وتلقت الأسواق هذا التوسع في الهدف الرسمي على أنه إشارة ضمنية من السلطات النقدية إلى أنها مستمرة في الإجراءات التحفيزية لوقت طويل، ومن المعروف أن عماد هذه الإجراءات هو ضخ السيولة في الأسواق، مما يتسبب في زيادة المعروض من العملة الأوروبية الموحدة في الأسواق، من ثم هبوطها.
الدولار الأمريكي
وعلى صعيد التضخم في الولايات المتحدة، كان رد فعل العملة الأمريكية على النقيض مما حدث مع اليورو ليرتفع الدولار الأمريكي في أول رد فعل مباشر للبيانات التي ألقت الضوء على ارتفاع حاد في التضخم في الولايات المتحدة.
وأشارت البيانات الاقتصادية الصادرة الثلاثاء إلى ارتفاع أسعار المستهلك الأمريكي إلى أعلى المستويات في 13 سنة أو منذ 2008، وهو ما يزيد من قلق المستثمرين حيال الأسباب والعوامل التي تدفع بالمعدلات إلى مستويات بعيدة عن الحد الآمن اللازم عدم تجاوزه للحفاظ على استقرار الأسعار.
وحقق معدل تضخم أسعار المستهلك الأمريكي في الولايات المتحدة قفزة في يونيو الماضي إلى 5.4٪ مقابل من 5٪ في مايو الماضي، وفقا للقراءة السنوية الصادرة عن مكتب إحصاء العمالة الأمريكي الثلاثاء.
وقال جيمس بوللارد، رئيس بنك الاحتياطي الفيدرالي في سان لويس، إن الوقت أضحى مناسبا لتراجع عن الإجراءات التحفيزية، موضحا: “نريد أن نقوم بذلك بهدوء وحذر، وأعتقد أننا في وضع يسمح لنا بالتراجع التدريجي عن تلك الإجراءات”.
وأضاف أنه لا يتوقع رفع الفائدة الفيدرالية قبل نهاية عام 2022، وهو ما يتناقض مع أغلب الآراء داخل الفيدرالي التي ترجح رفع الفائدة في 2023.
ولعل هذه البيانات وتلك التصريحات هي التي وقفت وراء ارتفاع الدولار الذي استفاد كثيرا من تدهور شهية المخاطرة في الأسواق بعد تصاعد توقعات رفع الفائدة في الولايات المتحدة، مما أضر كثيرا بحركة سعر الأسهم في وول ستريت.