أجلت مجموعة أوبك+ اجتماعها الوزراي للجنة المراقبة إلى الجمعة المقبلة، وفقا لوكالة أنباء رويترز التي نشرت في وقت سابق الخميس أن أعضاء التحالف النفطي الدولي اتفقوا على زيادة الإنتاج تدريجيا بواقع 2 مليون برميل في الفترة من أغسطس إلى ديسمبر المقبلين.
وجاء التأجيل، الذي يمثل أمرا نادرا ما يحدث، وسط تفاؤل على نطاق واسع في أسواق النفط العالمية بتعافي الطلب على الخام الأسود في الفترة المقبلة لتعدد عوامل تعزز الاتجاه الصاعد للنفط.
ولن نتمكن من اكتشاف مدى قوة العوامل المعززة للصعود إلا بعد إعلان النتيجة النهائية الرسمية للاجتماع الوزاري لمجموعة أبوك+، إذ كانت السياسة الإنتاجية في العامين الماضيين هي اللاعب الأساسي فيما تحقق من استقرار في أسعار النفط على مستوى العالم، وهي السياسة الإنتاجية التي انتهجتها وعدلتها المجموعة بطريقة أثبتت نجاحا منقطع النظير، خاصة في ظل أزمة الوباء.
خلافات محتملة
قال رضا زاندي، المراسل الصحفي الإيراني المسؤول عن تغطية اجتماع أوبك+، الخميس على حسابه على موقع التواصل الاجتماعي تويتر: “اجتماع أوبك+ قد تأجل إلى الغد في الساعة الرابعة والنصف مساء بتوقيت فيينا”، مؤكدا أن الاجتماع الحادي والثلاثين للجنة الوزارية للمراقبة لأوبك+ واجتماع مجموعة أوبك+ رقم 18 أُجل إلى الجمعة المقبلة.
ورجح أن هناك “خلاف بين الإمارات العربية المتحدة والسعودية أدى إلى سيطرة مناخ عصبي على اجتماع اللجنة الوزارية للمراقبة التابعة لأوبك+”.
وكان الاجتماع قد انقطع بعد بدايته من أجل حصول المشاركين على استراحة ثم العودة إلى الانعقاد مرة ثانية، وهو ما لم يحدث، وفقا للمراسل الإيراني لشؤون الطاقة”.
ولم تتأثر الأسعار العالمية للنفط بهذا التأجيل، وهو ما يرجح أنه جاء نتيجة زيادة الثقة في المنهجية التي تتبعها أوبك وحلفاؤها في الفترة الأخيرة في إدارة الأمور وضبط الأسعار واستعادة استقرار الأسعار.
إيجابيات تدعم الصعود
بينما تترقب الأسواق قرارات أوبك+ بعد اجتماع لجنتها الوزارية، نتناول فيما يلي أهم العوامل التي عززت في الفترة الأخيرة الاتجاه الصاعد للنفط ولا تزال تعززه.
السياسة الإنتاجية: أثبتت السياسة النقدية التي انتهجتها منظمة أوبك وحليفاتها من كبار منتجي النفط حول العالم في مقدمتهم روسيا فاعلية كبيرة في ضبط إيقاع أسواق النفط العالمية في العامين الماضيين تزامنا مع أزمة فيروس كورونا التي ضربت الاقتصاد العالمي والأسواق في جميع أنحاء العالم على مختلف أنواعها، من بينها أسواق النفط.
واتسمت تلك السياسة الإنتاجية لأوبك+ بالجرأة والتأني، إذ اتخذت في بداية الأمر تزامنا مع ظهور فيروس كورونا قرارا باتفاق خفض إنتاج تاريخي قارب على عشرة ملايين برميل يوميا خصمت من الناتج النفطي لتلك المجموعة من الدول.
وكانت المرحلة الثاني هي التأني، وآخر محطاتها كانت خطة للزيادة التدريجية في الإنتاج بحيث لا يؤدي إلى صدمة تؤثر سلبا على الأسعار العالمية للنفط. وأُعلنت هذه الخطة في إبريل الماضي وجاء تنفيذ الجزء الأخير منها في يوليو الجاري بزيادة الإنتاج بواقع 450000 برميل يوميا.
المخزونات الأمريكية: استمرت المخزونات الأمريكية من النفط الخام في التراجع في الفترة الأخيرة إلى مستويات تثير الارتياح وتبعث برسائل طمأنة إلى الأسواق تشير إلى أن الطلب على النفط في الولايات المتحدة، أكبر اقتصادات العالم يتعافى.
وكانت الدفعة الأحدث من بيانات مخزونات النفط الأمريكية قد أشارت إلى ارتفاع في المخزونات، لكن هذا الارتفاع كان محدودا كما ظلت المخزونات تسجل قراءات بالسالب علاوة على الارتفاع جاء أقل بكثير من توقعات الأسواق.
استئناف النشاط الاقتصادي وحركة السفر: ظهرت في الفترة الأخيرة مؤشرات ترجح أن العالم يستعد بقوة لاستئناف النشاط الاقتصادي واستعادة الأوضاع الطبيعية للحياة في إطار اتجاه قد يسود في الفترة المقبلة يتضمن التعايش مع فيروس كورونا من خلال التحصين باللقاحات المضادة واتخاذ الإجراءات الاحترازية واستخدام الأدوات الوقائية.
وتتجه بعض الدول بقوة إلى إلغاء جميع القيود المفروضة للحد من انتشار فيروس كورونا، في مقدمتها المملكة المتحدة التي تقود هذا الاتجاه.
وهناك الكثير من القرائن التي تشير إلى أن هناك إرادة سياسية في أغلب دول الاقتصادات الرئيسية على البدء في استئناف النشاط الاقتصادي واتخاذ القرار بالتعايش مع الوباء، ويدل على ذلك التصريحات الحدث لوزير الصحة البريطاني جاويد ساجد التي قال فيها: “لا أرى سببا يحملنا على الاستمرار إلى ما بعد 19 يوليو”، في إشارة إلى التاريخ الذي امتد إليه العمل بالإجراءات الاحترازية والقيود المفروضة للحد من انتشار فيروس كورونا في المملكة المتحدة.
وأضاف: “نعلم أننا لا نستطيع القضاء على فيروس كورونا، لهذا علينا أن نتعلم كيف نتعايش معه”.
وتابع: “لا ينبغي أن ننتظر ولو للحظة أكثر من الوقت الذي نحتاج إليه لإلغاء القيود المفروضة للحد من انتشار الوباء”.
ومن الطبيعي أن يؤدي تحقق مخططات استئناف الحياة الطبيعية حول العالم إلى انتعاش الطلب على النفط، خاصة وأن القيود التي من المقرر إلغاؤها مفروضة على السفر الذي يمثل الجزء الأكبر من استهلاك منتجات النفط.
النفط الأمريكي: شهدت تراجعا كبيرا في عدد منصات الحفر الأمريكية امتد لفترة طويلة، مما يعكس تدهور في نشاط استخراج النفط الصخري في الولايات المتحدة منذ بداية أزمة انتشار فيروس كورونا.
تراجع عدد منصات الحفر الأمريكية في الولايات المتحدة في قطاع النفط والغاز الطبيعي بواقع منصة واحدة الجمعة الماضية، مما يشير إلى استمرار تراجع الإنتاج الأمريكي من هذه الفئة من منتجات الطاقة، وفقا لشركة خدمات حقول ومواقع إنتاج النفط والغاز الأمريكية بيكر هيوز.
وظل إجمالي عدد منصات حفر النفط والغاز الطبيعي في الولايات المتحدة في الأسبوع المنتهي في 25 يونيو الجاري دون تغيير عند 470 منصة مقابل القراءة المسجلة الأسبوع السابق التي سجلت نفس الرقم.
الاتفاق النووي مع إيران: من المعروف أن إحياء الاتفاق النووي بين قوى الغرب وإيران من ِأنه أن يلغي العقوبات الاقتصادية الأمريكية المفروضة على إيران، بما في ذلك الحظر الذي تفرضه الولايات المتحدة على صادرات النفط الإيراني.
وحال رفع الحظر عن تصدير النفط الإيراني، تستقبل الأسواق حوالي مليون برميل إضافي من النفط، وهو ما يزيد المعروض وينعكس سلبا على الأسعار .
وأدلى الرئيس الإيراني المنتخب إبراهيم رئيسي أوائل الأسبوع الماضي بتصريحات كان من شأنها أن توحي إلى الأسواق بأن المحادثات الثنائية غير المباشرة بين الولايات المتحدة وإيران حول الاتفاق النووي قد تتوقف لبعض الوقت.
واشترط رئيسي من أجل استمرار المحادثات أن تحقق نتائج ملموسة في كل جلسة من جلساتها، كما أكد أن برنامج الصواريخ الباليستية “غير قابلة للتفاوض” علاوة على إعلانه عدم الاستعداد للتفاوض فيما وصفه بالقضايا الوطنية الداخلية في إيران.
ولدى سؤاله عما إذا كان سيقابل الرئيس الأمريكي جو بايدن إذا عاد الاتفاق النووي إلى الحياة، قال رئيسي: “لا”.
وتضمنت تلك التصريحات إشارات ضمنية فسرتها الأسواق بأنها قد تكون مسوغا لتأجيل المحادثات الثنائية لحين تعرف أطرافها على نوايا الإدارة الجديدة في إيران.