خلفت نتائج الاجتماع الماضي لبنك الاحتياطي الفيدرالي أكبر مما كان متوقعا على الأسواق لتعكس اتجاهات المخاطرة وتقلب موازين الأًصول المتداولة رأسا على عقب بعد أن فاجأ البنك المركزي الجميع بتوقع اقترابه من بدء مناقشة رفع الفائدة والتقليل من شراء الأصول، مما يعتبر تغييرا جذريا في الملامح الأساسية للسياسة النقدية في الولايات المتحدة.
وكان أبرز ما جاء في نتائج الاجتماع الماضي لمجلس محافظي البنك المركزي، رغم خلوها من الإشارة المباشرة إلى الاتجاه إلى رفع الفائدة وخفض قيمة مشتريات الأصول، هو أن اللجنة الفيدرالية رجحت إمكانية البدء في مناقشة إجراءات التقييد النقدي في الاجتماع المقبل.
وجاءت النتائج حافلة بالتشاؤم عندما أشارت لجنة السوق الفيدرالية المفتوحة، التي نشرت نتائج اجتماعها الأربعاء، إلى أن أغلب الأعضاء بها رأوا أن الاقتصاد لا يزال بعيدا عن تحقيق الأهداف الرئيسية التي تتكون منها مهمة الفيدرالي؛ وهي تحقيق الحد الأقصى من التوظيف وإحداث استقرار في الأسعار في الأسواق الأمريكية.
يُضاف إلى ذلك تلك النظرة المستقبلية التي أبقى عليها الفيدرالي كما هي على صعيد التضخم، وأبرز معالمها هو الاعتراف بالارتفاع الحاد في معدل التضخم في الفترة الأخيرة، لكن أغلب أعضاء اللجنة يرون أن تلك الارتفاعات الحادة ترجع إلى أسباب انتقالية وعوامل مؤقتة وأن الاستقرار سوف يعود إلى أسعار المستهلك الأمريكي بعد زوال تلك العوامل غير الدائمة.
ومن المؤكد أن الدافع وراء تصريحات اقتراب السلطات النقدية التي أِارت إلى اقترابها من التقييد النقدي جاءت بسبب الدفعة الأحدث على الإطلاق من بيانات التضخم الأمريكية التي ألقت الضوء على قراءات تقترب من ضعف هدف التضخم المحدد من قبل البنك المركزي بـ 2.00%.
تقييد مشروط
جاءت نتائج اجتماع الفيدرالي الصادرة عن لجنة السوق الفيدرالية المفتوحة الأربعاء خالية من أية إشارات إلى التقليل من مشتريات الأصول ورفع الفائدة، لكنها أشارت إلى إمكانية البدء في مناقشة هذه الإجراءات في الاجتماع المقبل لمجلس محافظي البنك المركزي.
واشترطت نتائج الاجتماع الماضي للبدء في مناقشة إجراءات التقييد النقدي أن تستمر الأوضاع الاقتصادية في إظهار تقدم ملحوظ في أداء النشاط الاقتصادي في الولايات المتحدة.
وأبقت لجنة السوق الفيدرالية المفتوحة على نظرتها المستقبلية للتضخم الأمريكي كما هي دون تغيير، وهي النظرة التي تتضمن أن الارتفاعات الحادة في التضخم في الولايات المتحدة جاءت لأسباب انتقالية ومؤقتة.
ورجحت أن بيانات التوظيف، التي صدرت في الجمعة الأولى من الشهر الجاري، رجحت تراجع معدل الزيادة في توظيف القطاع الخاص في الولايات المتحدة مقارنة بالارتفاعات السابقة.
وقالت لجنة السوق الفيدرالية المفتوحة إن “معدلات التضخم في الخارج شهدت ارتفاعا حادا بدفعة من بعض العوامل المؤقتة مثل انتهاء موجة هبوط أسعار المستهلك التي شهدتها الأِهر الأولى من العام الماضي، وتمرير زيادات أسعار النفط وغيره من السلع إلى المستهلكين حول العالم”.
وأضافت: “مع ذلك، لا تزال الضغوط التضخمية الأساسية ضعيفة حتى الآن”، مؤكدة أن أعضاء لجنة السوق الفيدرالية المفتوحة يرجحون تراجع مخاطر السيناريو الأساسي التي تواجه النشاط الاقتصادي مقابل ارتفاع في درجة انعدام اليقين”.
ويواصل الدولار الأمريكي الصعود منذ إعلان نتائج الاجتماع الماضي لبنك الاحتياطي الفيدرالي التي أشارت إلى إمكانية تفكير البنك المركزي في البدء في مناقشة إجراءات التقييد النقدي في وقت قريب.
وارتفع مؤشر الدولار، الذي يقيم أداء العملة الأمريكية مقابل سلة العملات الرئيسية، إلى 90.08 نقطة مقابل الإغلاق اليومي المسجل في الجلسة السابقة الذي سجل 89.75 نقطة. وبلغ أعلى مستوى للمؤشر في يوم التداول الجاري 90.07 نقطة مقابل أدنى المستويات الذي سجل 89.69 نقطة.
وامتد هبوط الأسهم الأمريكية، الذي استهلت به الأسواق تعاملاتها اليومية في وول ستريت، إلى نهاية الجلسة الحالية تأثرا بالحالة السلبية التي سيطرت على الأسواق بسبب إشارة نتائج اجتماع الفيدرالي إلى إمكانية البدء في مناقشة إجراءات التقييد النقدي في الاجتماع المقبل.
وتراجع مؤشر داو جونز الصناعي إلى 33802 نقطة بعد خسارة حوالي 246 نقطة أو 0.2%. كما هبط مؤشرS&P500 إلى 4107 نقطة خسائر بحوالي 0.5% نقطة أو أقل من 23 نقطة. ولك يكن ناسداك للصناعات التكنولوجية استثناء من قاعدة الهبوط، إذ تراجع بأكثر من 30 نقطة.
ورغم تأكيد الفيدرالي، في أكثر من مناسبة آخرها في نتائج اجتماع الفيدرالي الصادرة اليوم، لا تزال هناك مخاوف لدى المستثمرين تجتاح الأسواق حيال إمكانية لجوء البنك المركزي إلى رفع الفائدة في وقت قريب، مما يشكل خطرا على بيئة تشغيل الشركات في الولايات المتحدة بسبب ارتفاع تكلفة الاقتراض الذي يأتي عقب الرفع المحتمل للفائدة.
كما تتضمن تلك المخاوف التقليل من مشتريات الأصول أو وقفها، وهو ما يشير إلى أن الفيدرالي يرفع يده تماما عن الاقتصاد ويوقف ما كان يقدمه من دعم للأسواق، وهو أيضا ما يشكل خطرا على النشاط الاقتصادي ونمو الشركات.