رغم التراجع في أسعار النفط العالمية للجلسة الثانية على التوالي، هناك في المشهد على صعيد الاقتصاد العالمي عوامل من شأنها تعزيز أداء الخام الأسود في الفترة المقبلة يتعلق بعضها بقوى العرض والطلب بينما يرتبط البعض الآخر بالأوضاع الجيوسياسية علاوة على عوامل تتعلق بقوى السوق والعلاقات المتبادلة بين الأصول المتداولة في أسواق المال.
وعانت العقود الآجلة للنفط في الفترة الأخيرة من ارتفاع الدولار الأمريكي الذي يقيم به الخام الأسود، مما أدى إلى هبوطه بسبب ارتفاع العملة الأمريكية التي استفادت كثيرا وحققت ارتفاعات هائلة بفضل صعود عائدات سندات الخزانة الأمريكية.
كما ارتفعت العقود الآجلة للنفط إلى مستويات غير مسبوقة في عدة سنوات في نهاية الأسبوع الماضي بعد إعلان السعودية تعرض بعض المنشآت النفطية لهجمات من قبل الحوثيين، وهو ما وفر دفعة قوية للنفط، خاصة وأنه جاء بعد أيام قليلة من إبقاء تحالف أوبك+ على سياسته الإنتاجية للنفط كما دون تغيير حتى اجتماع إبريل المقبل.
وكانت تلك العوامل من أهم الأسباب التي أدت إلى صعود حاد للعقود الآجلة للنفط بنوعيها، وهو ما أدى بدوره إلى عمليات جني أرباح على نطاق واسع هبطت بالنفط إلى مستويات أقل في وقت يفترض فيه توافر إيجابية من شأنها تعزيز الأسعار.
عوامل دعم قوية
أول هذه العوامل التي من ِأنها تعزيز أسعار النفط العالمية هو تمرير الحزمة التحفيزية التي تتبناها إدارة بايدن من مجلس الشيوخ نهاية الأسبوع الماضي، مما أثار آمال في الأسواق في اقتراب الاقتصاد العالمي من التعافي من أزمة فيروس كورونا وزيادة الطلب على النفط نتيجة لهذا التعافي.
ومع أن الأسواق كانت تثمن تمرير حزمة بايدن التحفيزية بقيمة 1.9 ترليون دولار، جاءت الأنباء عن اكتمال التمرير الرسمي للحزمة التحفيزية الثالثة للاقتصاد الأمريكي في مواجهة الآثار المترتبة على أزمة الوباء لتثير قدر كبير من التفاؤل صعد بأصول المخاطرة، من بينها النفط، إلى مستويات أعلى.
أما العامل الثاني من عوامل الدعم فيتعلق بالسياسة الإنتاجية لأكبر تحالف للدول المنتجة للنفط على مستوى العالم، أوبك+، بعد أن قررت المجموعة تثبيت السياسة الإنتاجية الخميس الماضي والإبقاء على خفض الإنتاج عند نفس الحجم المعمول به على مدار الفترة الأخيرة.
ويتعلق عامل الدعم الثالث بمتغيرات جيوسياسية، إذ حققت العقود الآجلة للنفط ارتفاعا حادا عقب إعلان السعودية نهاية الأسبوع الماضي استهداف بعض منشآتها النفطية بهجمات صاروخية من قبل الحوثيين.
ومن المعروف أن أية توترات حقيقية أو محتملة في منطقة الشرق الأوسط، خاصة دول الخليج العربي الغنية بالنفط، تثير مخاوف حيال تأمين مسارات نقل النفط من المنطقة إلى باقي أنحاء العالم، وهو ما يؤدي إلى ارتفاع الأسعار بسبب الخوف من تعطل الشحنات بسبب تلك التوترات.
ويشر العامل الرابع من عوامل الدعم المحتملة للنفط إلى ارتفاع تقديرات أسعار النفط العالمية، وهو ما أشار إليه تقرير إدارة معلومات الطاقة الأمريكية الذي أشار إلى أن الإدارة رفعت تقديراتها لأسعار النفط في عامي 2021 و2022، وفقا للتقرير الصادر عن الإدارة الثلاثاء.
وأشارت التقديرات المحدثة إلى أن الإدارة تتوقع ارتفاع أسعار خام برنت إلى 61 دولار للبرميل في 2021 بينما تتراجع بعض الشيء إلى 58.5 دولار للبرميل في 2022. وجاء ذلك مقابل التقديرات السابقة التي أشارت إلى 53 دولار للبرميل في 2021 و55 دولار للبرميل في 2022.
كما رفعت إدارة معلومات الطاقة الأمريكية تقديراتها لأسعار العقود الآجلة للنفط الأمريكي إلى 62 دولار للبرميل مقابل التقديرات الصادرة في يناير الماضي عند 54 دولار للبرميل وأعلى من تقديرات فبراير 2020 التي أشارت إلى 55 دولار للبرميل.
ويرجح أن رفع تقديرات أسعار النفط جاء استنادا من إدارة معلومات الطاقة الأمريكية إلى التحسن الملحوظ في الطلب على النفط وارتفاع أعداد من حصلوا على اللقاح المضاد لفيروس كورونا، والذين بلغ عددهم في الولايات المتحدة، على سبيل المثال، إلى 90 مليون شخص.