كانت تصريحات جيروم باول، رئيس مجلس محافظي بنك الاحتياطي الفيدرالي، هي كلمة السر في تعاملات الأربعاء، والتي جاءت في إطار الجزء الثاني من الشهادة نصف رئيس البنك المركزي على الأوضاع الاقتصادية أمان الكونجرس الأمريكي.
وعكست الأسواق الأمريكية اتجاهها من الهبوط إلى الصعود بعد أن تحولت من شهادة باول من التركيز على الجوانب السلبية من أداء الاقتصاد الثلاثاء الماضي إلى الإدلاء بتصريحات من شأنها إثارة التفاؤل حيال المسار المستقبلي للاقتصاد الأمريكي.
وأبرز ما داء في تصريحات باول كان التأكيد على أن الفيدرالي مستمر في شراء الأصول حتى تتحسن معدلات التضخم والتوظيف، وهو الجزء الذي ركز عليه المستثمرون في الأسهم الأمريكية، والذي أكد أن الشركات في الولايات المتحدة لا يزال لديها مقعد في الصف الأول لتلقي المزيد من أموال التحفيز والحصول على قروض بتكلفة منخفضة. وأدى ذلك بالطبع إلى إقبال من ثيران وول ستريت على شراء الأسهم.
كما استفاد الدولار من تصريحات باول الذي أكد أن العملة الأمريكية سوف تتمتع بقدر كبير من الاستقرار النسبي في قيمتها لعدة سنوات، وهو ما شجع ثيران الدولار على المضي قدما في عمليات الشراء.
وأشاع باول المزيد من الإيجابية في الأسواق عندما أشار إلى أن لديه أسباب تبعث على التفاؤل التفاؤل حيال الأوضاع الاقتصادية في النصف الثاني من 2021، وهو ما يتسق مع صرح به في الجزء الأول من شهادته الثلاثاء الماضي الذي أشار خلاله إلى أن الفيدرالي سوف يرفع تقديرات الناتج المحلي الإجمالي لعام 2021 إلى 6.00% مقابل التقديرات الحالية التي تشير إلى 4.2%.
كما استمر قلل من شأن مخاوف ارتفاع التضخم المحتمل نتيجة للتحفيز، قائلا “ارتفاع الأسعار مرة واحدة لا يعني بالضرورة ارتفاع حاد في التضخم، وهو ما اعتبرته الأسواق إشارة إلى التهوين من شأن مخاوف الارتفاع الحاد المحتمل لمعدل تضخم أسعار المستهلك المتوقع أن يكون نتيجة لجهود التحفيز.
كيف استجابت الأسواق؟
كان الأثر المباشر لتصريحات باول هو ارتفاع للدولار الأمريكي والأسهم في وول ستريت، مقابل هبوط لأغلب العملات الرئيسية والذهب .
وجاء هذا الارتفاع لتضمين باول شهادته عبارات كان من شأنها توفير دعم مزدوج للأسهم والدولار وسط استمرار ارتفاع عائدات السندات الأمريكية لا يتوقف للأسبوع الثالث على التوالي.
وكان ارتفاع الدولار الأمريكي من العوامل التي شاركت بقوة في تحديد ملامح التعاملات في غيره من الأصول في سوق العملات وغيرها من الأصول.
فاليورو، على سبيل المثال، تراجع بضغط من ارتفاع الدولار الأمريكي لكن تصريحات لكريستين لاجارد، رئيسة مجلس محافظي المركزي الأوروبي، كان لها أثر سلبي على العملة الأوروبية الموحدة أيضا بعد أن أعربت خلالها عن قلقها حيال ارتفاع عائدات السندات السيادية.
وأنهى الإسترليني تعاملات الأربعاء في الاتجاه الهابط متأثرا بارتفاع الدولار وتصريحات جاءت في التقرير السنوي لبنك إنجلترا المقدم إلى المشرعين البريطانيين عن الأوضاع الاقتصادية.
وأنهى النفط تعاملات الأربعاء في الاتجاه الصاعد رغم توافر الكثير من العوامل التي كان يفترض أن تهبط بالنفط إلى مستويات أقل بعد ارتفاع المخزونات الأمريكية وتقارير أشارت إلى نية أوبك+ رفع معدلات الإنتاج.
وارتفعت العقود الآجلة للنفط الأمريكي إلى 63.44 دولار للبرميل مقابل الإغلاق اليومي الماضي الذي سجل 61.18 دولار. وتراجعت عقود الخام الأمريكي إلى أدنى مستوى لها على مدار يوم التداول الأربعاء عند 60.99 دولار مقابل أعلى المستويات الذي سجل 63.48 دولار.
وكان التفاؤل الذي أثارته تصريحات باول والبيانات الأمريكية على صعيد قطاع الإسكان هو المحرك الأساسي للخام الأسود في الاتجاه الصاعد.
رغم ذلك، هناك عوامل تؤهل النفط للهبوط في المرحلة المقبلة، والتي تتمثل في كبير في مخزونات النفط الأمريكية إلى 1.285 مليون برميل بعد أسبوع من التراجع الحاد في المخزونات الأمريكية بواقع 7.258- مليون برميل.
وقالت مصادر مطلعة بمجموعة أوبك+ لوكالة أنباء رويترز الأربعاء إن التحالف يدرس في الوقت الحالي رفع معدلات الإنتاج بواقع 500 ألف برميل يوميا بداية من أول إبريل المقبل.
وأضافت: “تأتي دراسة رفع معدلات الإنتاج رغم موقف بعض الأعضاء المؤيد لاستمرار المعدلات الحالية للإنتاج تحسبا لأية انتكاسات قد تحدث أثناء المعركة مع الوباء”.
ونجح الدولار الكندي في السير على خطى النفط ليكون بين العملات القليلة التي صعدت مقابل العملة الأمريكية التي اشتد تمسكها بالاتجاه الصاعد بدفعة من البيانات الاقتصادية وشهادة جيروم باول، رئيس الفيدرالي، أمام الكونجرس الأمريكي.
وارتفع الدولار الكندي إلى حدٍ هبط بزوج الدولار/ كندي إلى 1.2510 مقابل الإغلاق اليومي الماضي الذي سجل 1.2584. وارتفع الزوج إلى أعلى المستويات على مدار يوم التداول الأربعاء عند 1.2598 مقابل أدنى المستويات الذي سجل 1.2505.
ما ذا بعد؟
نرجح البيانات الأمريكية هي الوحيدة القادرة على الدفع بوول ستريت نحو الاستمرار في الصعود ومعها الدولار الأمريكي، وهي البيانات التي حال تحسنها سوف تعمل على زيادة شهية المخاطرة.
يُضاف إلى ذلك سيناريو محتمل آخر، وهو أن تحسن البيانات قد يؤدي إلى زيادة التفاؤل إلى حدٍ يدعم اليورو والإسترليني وتخلصهما من السلبيات التي لازمت العملتين على مدار تعاملات الأربعاء، وهو ما قد يؤدي إلى تغيير اتجاه العملة الأمريكية.
وتتضمن الدفعة المقبلة من البيانات الأمريكية التي تصدر الخميس مطالبات إعانات البطالة الأمريكية وإجمالي المستفيدين من هذه الإعانات، والقراءة الأولية للناتج المحلي الإجمالي الأمريكي في الربع الأخير من 2020، والتي تشير التوقعات إلى إمكانية الارتفاع إلى 2.00%، علاوة على طلبات السلع المعمرة ويشير أي ارتفاع فيها إلى ثقة الأسر والشركات في الأوضاع الاقتصادية المستقبلية.