مما لا يدع مجالًا للشك لقد كان الرئيس الأمريكي السابق، دونالد ترامب، واحدًا من الرؤوساء المثيرين للجدل. فهو الرئيس الأمريكي الوحيد الذي صدر قرارًا بعزله مرتين. بل وإنه من أكثر الرؤوساء استخدامًا لمواقع التواصل الاجتماعي وأبرزها: تويتر. “فهو رجل التغريدات الأول”.
كانت المرة الأولى في 21 يناير من العام الماضي 2020 وتضمنت الاتهامات المنسوبة إليه (ممارسة ضغوط على الرئيس الأوكراني فلوديمير زيلينسكي، ليقوم الأخير بتقديم معلومات حساسة بشأن خصم ترامب السناتور الديمقراطي جو بايدن والضغط على أوكرانيا لفتح تحقيق يمس السناتور ونجله. كما يتهم ترامب بإساءة استخدام سلطاته واستغلالها، وكذلك عرقلة عمل الكونغرس). غير أن مجلس الشيوخ برأ ترامب من تلك التهم ودخل ترامب في الانتخابات ليتولى الرئاسة دورة أخرى.
أما المرة الثانية، كانت في 6 يناير 2021، اقتحم مثيرو الشغب الذين يدعمون محاولات الرئيس الأمريكي دونالد ترامب لقلب الانتخابات الرئاسية لعام 2021 في مبنى الكابيتول. أدى الاقتحام إلى عمليات إخلاء وإغلاق لمبنى الكابيتول، وعطل جلسة مشتركة للكونغرس لفرز الأصوات الانتخابية وإضفاء الطابع الرسمي على فوز جو بايدن الانتخابي. وعليه، تم توجيه تهمة إثارة الشغب.
وقبل يوم من تعيين الرئيس الجديد، جو بايدن، أصدر البيت الأبيض قائمة لـ “إنجازات إدارة ترامب” في آخر يوم كامل في منصبه كرئيسًا للولايات المتحدة – مدعيا الفضل في مكاسب الوظائف قبل أن يترك فيروس كورونا الملايين عاطلين عن العمل.
وبالبحث في العديد من المصادر، نجد أنه من الصعب أن نضع أيدينا على إنجازات حقيقية لهذا الرئيس، بل وإن الإنجازات التي يٌقال أنها تمت بفضل إدارته تأتي أحاديث وبراهين جديدة لتنفي فضل ترامب فيها. وفيما يلي استعراضًا لأبرز الإنجازات التي تٌنسب إلى الرئيس الأمريكي “ترامب”:
أولًا: خلق المزيد من الوظائف:
قبل أن تضرب جائحة كورونا العالم، زعم ترامب أن معدل البطالة في عهده بلغ أدنى مستوياته في نصف قرن. وهذا صحيح. فقد بلغ معدل البطالة في فبراير من 2020 3.5%، وهو أدنى معدل بطالة منذ أكثر من 50 عام.
ففي قائمة البيت الأبيض بإنجازات الرئيس ترامب، تم تسليط الضوء “أمريكا حصلت على 7 ملايين وظيفة جديدة – أكثر من ثلاثة أضعاف توقعات الخبراء الحكوميين.
ولكن في عهد الرئيس أوباما تمت إضافة المزيد من الوظائف في إطار نفس النطاق الزمني. في خلال الثلاث سنوات الأولى لعهد ترامب أضيفت وظائف بنحو 6.4 مليون وفي الثلاث سنوات الأولى من عهد أوباما أضيفت سبعة ملايين وظيفة. بل ويرى الكثيرون أن تراجع معدل البطالة في عهد ترامب هو امتداد للإنجازات الرئيس أوباما لا أكثر. ويوضح الرسم البياني التالي من وكالة البي. ب. سي هذا:
ولكن بمجرد ظهور فيروس كورونا، تم طرد ملايين الأمريكيين من وظائفهم، حيث فقد الاقتصاد 3 ملايين وظيفة منذ اليوم الذي تولى فيه منصبه. يمثل هذا رقمًا قياسيًا لجميع رؤساء الولايات المتحدة، الجمهوريين والديمقراطيين، منذ أن بدأت الحكومة في تتبع مسار التوظيف في عام 1939.
ثانيًا: ارتفاعات الأسهم القياسية:
كان الرئيس الأمريكي، دونالد ترامب، يفتخر دائمًا بارتفاعات الأسهم الأمريكية وخصوصًا مؤشر “دوا جونز”، الذي شهد ارتفاعات قوية في مطلع يناير 2020، لينهار بعد ذلك في أعقاب ضرب فيروس كورونا العالم ولكنه تعافى فيما يعد.
ولكن يرى خبراء المال أن مسار ارتفاع الأسهم الأمريكية قد بدأ بالفعل في عهد أوباما كما هو موضح في الرسم البياني التالي.
كما أشاروا إلى أن أداء الأسهم في عهد ترامب لم يكن إيجابيا كما يدعي ترامب. فنجد أن مؤشر ستاندر أند بورز 500 على سبيل المثال: في عهد الرئيس باراك أوباما، ارتفع مؤشر ستاندرد آند بورز 500 بنسبة 85% خلال فترة ولايته الأولى، بعد أن وصل إلى الحضيض في مارس 2009 أثناء الأزمة المالية. وخلال فترة ولاية الرئيس بيل كلينتون الأولى، ارتفع المؤشر بنسبة 79%. ولكن في عهد ترامب سجل المؤشر 76%.
ثالثًا: الولايات المتحدة أصبحت أكبر منتج للنفط:
تحت قيادة ترامب، تجاوزت الولايات المتحدة روسيا والسعودية في عام 2018 لتصبح أكبر منتج للنفط الخام في العالم. وعلى الرغم من صحة هذا، فقبل إدارة ترامب، توسع إنتاج النفط المحلي منذ عام 2010.
رابعًا: الاقتصادي الأمريكي أصبح أقوى في عهد ترامب
لطالما افتخر الرئيس الأمريكي بأنه نجح في أن يجعل الاقتصاد الأمريكي الأقوى في العالم في عهده. لا أحد ينكر أن الاقتصاد في عهد الرئيس الأمريكي قبل جائحة كورونا كان يٌبلي بلاءًا حسنًا. ولكنه لم يكن الأقوى أو الأفضل.
فقد قال ترامب إن الانتعاش الأخير في النمو هو
“الأكبر في تاريخ بلادنا بثلاث مرات تقريباً… هذا أكبر من أي أمة”.
ولكنه أغفل أن يقول إنها أكبر زيادة فصلية.
ومع ذلك، فإن مقارنة السيد ترامب مع الدول الأخرى ليست صحيحة. في خلال شهري يوليو إلى سبتمبر من هذا العام، نما الاقتصاد بنسبة 7.4% في الولايات المتحدة (33.1% هو الرقم السنوي). وهذا أقل من ألمانيا وإيطاليا ومنطقة اليورو ككل.
فضلًا عن ذلك، خلال السنوات الثلاث الأولى من رئاسة ترامب، شهد الاقتصاد الأمريكي متوسط نمو سنوي بلغ 2.5%. وشهدت السنوات الثلاث الأخيرة من إدارة أوباما مستوى مماثلاً من النمو (2.3%).
في واقع الأمر، قد يكون الإنجاز الأبرز للرئيس ترامب والذي لا غبار عليه هو اعترافه الصريح بالصين باعتبارها التهديد الجيوسياسي الجديد للقرن الحادي والعشرين.
لقد قلب هذا بشكل غير رسمي المفاهيم المفضلة السابقة القائلة بأن إدخال الصين في الحظيرة الاقتصادية العالمية سيدفعها تدريجيًا نحو الليبرالية الديمقراطية.
أقنعت رؤية ترامب الجديدة المتفائلين السابقين في الحزب الديمقراطي، وفي الواقع في دول في جميع أنحاء العالم. إنها نقطة تحول في التاريخ لا أقل.
خلاصة الأمر، من غير المنطقي أن يأتي رئيس ويذهب من دون تحقيق أي إنجاز على الإطلاق، ولعل إنجازات “ترامب” لم تكن إلا استكمالًا لما قام به الرئيس الذي سبقه “باراك أوباما” ولكن هذا لا ينفي أن هذا التحسن تواصل بعد تولي ترامب الحكم.
المصادر: BBC- The Economic Times -The Daily Mail