تنفست أسواق المال في جميع أنحاء العالم الصعداء فور الإعلان عن فوز المرشح الديمقراطي جو بايدن برئاسة الولايات المتحدة. وهذا الشعور بالارتياح يعود إلى الكثير من الأسباب على رأسها أن البيت الأبيض من المتوقع أن يكون نعمة للاقتصاد الدولي.
فقد أثر سلوك دونالد ترامب المعادي وغير المنتظم بشأن التجارة الخارجية والعملات على الشركات والحكومات الأجنبية بينما لم يفعل الكثير لتحقيق أهدافه المحلية.
على الرغم من صعوبة تحديد مدى الضرر الذي لحق بالأجندة الاقتصادية للرئيس الأمريكي، خاصة مع أزمة كوفيد الأخيرة، إلا أنه تسبب في حالة عارمة من عدم اليقين بدرجة كافية للإضرار بالعلاقات والمؤسسات العالمية الرئيسية.
وفي الوقت الحالي، يتمثل التحدي الذي يواجه بايدن في دعم إطار العمل متعدد الأطراف والذي يحتاج بشدة إلى الإصلاح.
فقد بدأ الرئيس الأمريكي السابق، دونالد ترامب، حروبه التجارية مع الصين والاتحاد الأوروبي، وأعاد التفاوض بشأن اتفاقية التجارة الحرة لأمريكا الشمالية وأضعف منظمة التجارة العالمية. بل وحاول “ترامب” مرارًا وتكرارًا خفض قيمة الدولار، على الرغم من الاتفاق القائم منذ فترة طويلة بين صانعي السياسة في العالم لتجنب بدء “حروب العملة”.
فضلًا عن كل ما سبق، تعمدت إدارة ترامب تجاهل صندوق النقد الدولي وتجنبه، بل وعرقلت جهوده في تقديم مساعدة أكبر للأسواق الناشئة أثناء الوباء.
أي بعبارة أخرى، فشلت “ترمبونوميكس” إلى حد كبير في تحقيق التوقعات المرجوة منها. لم تنمو الدولة أبدًا بنسبة 4 ٪ سنويًا التي وعد بها ترامب خلال حملته الرئاسية لعام 2016، حيث بلغ متوسط النمو 2.5 ٪ خلال السنوات الثلاث الأولى من الإدارة.
لم تكن هناك عودة للتضخم المستمر الذي راهنت عليه الأسواق المالية في البداية. كما فشلت التدابير الحمائية واسعة النطاق التي تبناها ترامب في سد العجز التجاري للولايات المتحدة: ففي أغسطس الماضي، ارتفع الفارق بين ما تشتريه الولايات المتحدة من الخارج وما تبيعه إلى 67 مليار دولار، وهو أعلى مستوى في 14 عامًا، قبل أن يتقلص قليلاً في سبتمبر.
كان هناك أيضًا القليل من الأدلة على إعادة توظيف الشركات والوظائف على نطاق واسع من الخارج. علاوة على ذلك، أظهر استطلاع حديث أجرته غرفة التجارة الأمريكية في شنغهاي أنه من بين أكثر من 200 مشارك يمتلكون أو يستعينون بمصادر خارجية لعمليات التصنيع في الصين، كان 3.7٪ فقط يعيدون بعض الإنتاج إلى الولايات المتحدة.
أي في المجمل، أثرت أجندة الرئيس الأمريكي السابق، سلبًا على القطاع الخاص أيضًا.
غير أنه من الصعب قياس مقدار الضرر الذي جلبته سياسات ترامب للولايات المتحدة وسط أزمة وباء كورونا. ومع ذلك، توقع صندوق النقد الدولي العام الماضي أن الحرب التجارية بين الولايات المتحدة والصين وحدها ستكلف الاقتصاد العالمي حوالي 0.8٪ من الناتج بحلول عام 2020 – ما يقرب من تريليون دولار.
في الواقع، لا تزال المعالم الدقيقة لخطط بايدن الاقتصادية غير واضحة إلى الآن. ولكن بلا شك إن أمامه الكثير من التحديات سواء على الصعيد الداخلي أو الخارجي عليه أن يواجهها ولعل أهمها هو تأثير وباء كورونا على الاقتصاد الأمريكي.
لكن يجب على الإدارة الأمريكية القادمة أن تسعى أيضًا إلى إعادة التنسيق الدولي في صنع السياسة الاقتصادية. تزيد حروب التجارة والعملات من حالة عدم اليقين وتؤدي إلى انخفاض الاستثمار.