نور تريندز / التقارير الاقتصادية / الإسترليني يترنح تحت وطأة “تهديد ثلاثي”.. والأنظار تتجه لقرار بنك إنجلترا قبيل أعياد الميلاد

الإسترليني يترنح تحت وطأة “تهديد ثلاثي”.. والأنظار تتجه لقرار بنك إنجلترا قبيل أعياد الميلاد

شهد الجنيه الإسترليني تراجعاً حاداً خلال تعاملات الأربعاء، متأثراً بموجة من البيانات الاقتصادية السلبية التي أعادت رسم المشهد الاقتصادي في المملكة المتحدة. فبين تباطؤ التضخم بوتيرة أسرع من المتوقع، وارتفاع معدلات البطالة، وانكماش الناتج المحلي، تعززت التوقعات بحدوث تحول جوهري في السياسة النقدية قبل أيام قليلة من عطلات نهاية العام.

نبض السوق: الإسترليني في مهب الريح

لم تكن ردة فعل العملة البريطانية تجاه البيانات المخيبة للآمال عادية، حيث عكست تداولات بعد الظهر قلقاً متزايداً بين المستثمرين:

النزيف اليومي: تراجع الإسترليني بنسبة 0.48% تقريباً أمام الدولار الأمريكي.

المستوى الحالي: استقرت التداولات حول مستويات 1.3350 دولار، وهو هبوط ملموس مقارنة بمطلع الأسبوع.

الرؤية الأشمل: رغم هذه العثرة، لا يزال الإسترليني محتفظاً بمكاسب سنوية تقدر بـ 6.5%، إلا أنه فقد نحو 1% من قيمته خلال الأشهر الستة الماضية مع ضبابية الآفاق الاقتصادية.

انحسار التضخم.. هل انتهت الأزمة؟

كشفت الأرقام الأخيرة عن تراجع ملحوظ في تكلفة المعيشة؛ حيث هبط التضخم السنوي إلى 3.2% في نوفمبر مقارنة بـ 3.6% في الشهر السابق. وجاء هذا الانخفاض ليتجاوز أكثر التوقعات تفاؤلاً، مما يعطي إشارة قوية بأن بريطانيا قد بدأت بالفعل مرحلة الاستقرار السعري طويل الأمد.

وعلى غير العادة في مواسم الأعياد، شهدت أسواق الغذاء والملابس والمستلزمات المنزلية تخفيضات غير متوقعة. ويرى الخبراء أن “نقطة الألم” الاقتصادية قد تغيرت؛ فالمخاوف لم تعد تتركز حول انفلات الأسعار، بل في التراجع الواضح للطلب الاستهلاكي الذي بدأ يلقي بظلاله على الاقتصاد الكلي.

اقتصاد يراوح مكانه

تعالت الأصوات المنادية بخفض أسعار الفائدة بعد ظهور أدلة تؤكد فقدان الاقتصاد البريطاني لزخمه؛ إذ انكمش الناتج القومي بشكل غير متوقع بنسبة 0.1% في أكتوبر، ما يعني أن حجم الاقتصاد الآن لم يتجاوز مستوياته في الربيع الماضي. ويشير المحللون إلى أن النمو تحقق في شهر واحد فقط من أصل الأشهر السبعة الأخيرة، مما يعكس حالة من “الركود المزمن” وليس مجرد عثرة مؤقتة.

بالتوازي مع ذلك، بدأت سوق العمل تظهر علامات الإجهاد، حيث قفز معدل البطالة إلى 5.1%، وهو أعلى مستوى له منذ قرابة خمس سنوات. ومع ضعف الطلب على الوظائف وتباطؤ نمو الأجور، يرى اقتصاديون أن بنك إنجلترا بات يفتقر إلى المبررات التي تدفعه للإبقاء على تكاليف الاقتراض عند مستوياتها المرتفعة الحالية.

ساعة الحسم في بنك إنجلترا

تسود توقعات واسعة بأن يُقدم بنك إنجلترا، في اجتماعه المرتقب غداً الخميس، على خفض سعر الفائدة القياسي إلى 3.75%. وفي حال حدوث ذلك، سيكون هذا الخفض هو الأول منذ أغسطس الماضي، لتصل تكاليف الاقتراض إلى أدنى مستوياتها منذ أوائل عام 2023.

ورغم ذلك، لا يبدو القرار سهلاً؛ إذ يسود انقسام داخل أروقة البنك بين تيار يرى ضرورة دعم الاقتصاد المتعثر، وتيار آخر يخشى عودة التضخم للارتفاع. ومع ذلك، ألمح المحافظ مؤخراً إلى مرونة في تيسير السياسة النقدية إذا استمرت البيانات في مسارها الحالي، وهو ما يعتقد الكثيرون أنه قد تحقق بالفعل. ويذهب بعض المحللين إلى أبعد من ذلك، متوقعين وصول الفائدة إلى 3% بحلول الصيف المقبل إذا استمر الضعف الاقتصادي.

ضغوط عالمية وطريق محفوف بالتحديات

لم يكن ضعف الإسترليني نتاج عوامل داخلية فحسب، بل ساهمت قوة الدولار الأمريكي في زيادة الضغوط؛ حيث يتبنى المسؤولون في واشنطن نهج “التريث” الحذر، مما جعل الدولار ملاذاً أكثر جاذبية للمستثمرين.

وتسعى المملكة المتحدة حالياً للدخول إلى عام 2026 بمسار تضخم منخفض ومستقر، مدعومة بإجراءات حكومية مثل تجميد أسعار السكك الحديدية وتكاليف المعيشة الأخرى. ولكن حتى اللحظة، يضع مزيج “الاقتصاد البريطاني الهش” و”الدولار القوي” العملة البريطانية في مرحلة إعادة تقييم صعبة مع طي صفحات هذا العام.

تحقق أيضا

الإسترليني

الإسترليني يرتفع بعد بيانات العمل الأمريكية الضعيفة

ارتفع زوج الجنيه الإسترليني / دولار الأمريكي الثلاثاء، مدعومًا بضعف البيانات الاقتصادية الأمريكية التي أظهرت …