شهدت أسعار النفط الخام ارتفاعًا حادًا الخميس بعد أن أعلنت الولايات المتحدة والاتحاد الأوروبي عن حزمة جديدة من العقوبات تستهدف قطاع الطاقة الروسي، في خطوة تهدف إلى تقويض قدرة موسكو على تمويل عملياتها العسكرية.
وفرضت الولايات المتحدة والاتحاد الأوروبي عقوبات على شركات روسية بارزة في مجال الطاقة، من بينها “روسنفت” و”لوك أويل”، وهما من أكبر منتجي النفط في روسيا. وتشمل العقوبات قيودًا على التعاملات المالية، وتجميد أصول، وحظر تصدير التكنولوجيا المتقدمة المستخدمة في استخراج النفط والغاز.
وتهدف هذه الإجراءات إلى تقليص قدرة روسيا على تصدير الطاقة، التي تُعد مصدرًا رئيسيًا للدخل القومي، خاصة في ظل استمرار الحرب في أوكرانيا وتصاعد التوترات الجيوسياسية.
أثر العقوبات على أسعار النفط العالمية
استجابت الأسواق بسرعة لهذه التطورات، حيث ارتفعت أسعار خام غرب تكساس الوسيط بنسبة تجاوزت 4.00%، وسط مخاوف من نقص الإمدادات العالمية. كما ارتفع خام برنت بشكل مماثل، مدفوعًا بتوقعات بزيادة الضغط على العرض في السوق الدولية.
ويأتي هذا الارتفاع بعد فترة من التذبذب في أسعار النفط، نتيجة لتغيرات في الطلب العالمي، وتوقعات النمو الاقتصادي، وسياسات الإنتاج من قبل منظمة أوبك وحلفائها.
ومن المتوقع أن تؤدي هذه العقوبات إلى زيادة الضغوط التضخمية عالميًا، خاصة في الدول المستوردة للطاقة. كما قد تؤثر على سلاسل التوريد، وتزيد من تكلفة الإنتاج في العديد من القطاعات الصناعية.
في الوقت نفسه، قد تستفيد بعض الدول المنتجة للنفط من ارتفاع الأسعار، بينما تواجه الدول النامية تحديات أكبر في تأمين احتياجاتها من الطاقة بأسعار معقولة.
ومع استمرار التصعيد بين الغرب وروسيا، يُتوقع أن تظل أسعار النفط تحت ضغط صعودي، ما لم يتم التوصل إلى حلول دبلوماسية تخفف من حدة التوترات. وتبقى الأسواق في حالة ترقب لأي تطورات جديدة قد تؤثر على التوازن بين العرض والطلب.
مفاوضات السلام
أعلنت الولايات المتحدة فرض عقوبات جديدة تستهدف شركتي “روسنفت” و”لوك أويل”، وهما أكبر شركتين نفطيتين في روسيا، في خطوة تهدف إلى زيادة الضغط على موسكو لدفعها نحو التفاوض على اتفاق سلام في أوكرانيا.
وقال الرئيس الأمريكي دونالد ترامب، من المكتب البيضاوي عقب لقائه بالأمين العام لحلف شمال الأطلسي (الناتو) مارك روته، لمناقشة جهود السلام: “شعرت أن الوقت قد حان. لقد انتظرنا طويلاً”.
وجاء هذا الإعلان بعد يوم واحد فقط من إعلان ترامب تعليق خطة لقائه المرتقب مع الرئيس الروسي فلاديمير بوتين إلى أجل غير مسمى.
وفي وقت سابق من الأربعاء، شنّت روسيا قصفاً مكثفاً على أوكرانيا أسفر عن مقتل ما لا يقل عن سبعة أشخاص، بينهم أطفال، مما زاد من حدة التوترات.
من جانبه، أعلن وزير الخزانة الأمريكية سكوت بيسنت العقوبات الجديدة، مؤكداً أنها جاءت نتيجة “رفض بوتين إنهاء هذه الحرب العبثية”. وقل إن شركات النفط هذه تمول “آلة الحرب” الخاصة بالكرملين.
وأضاف في بيان رسمي: “الوقت قد حان لوقف القتل والتوصل إلى وقف فوري لإطلاق النار”، مشيراً إلى أن وزارته “ستتخذ إجراءات إضافية إذا لزم الأمر لدعم جهود الرئيس ترامب في إنهاء حرب جديدة”.
وخلال ظهوره إلى جانب روتّه في المكتب البيضاوي، أعرب ترامب عن أمله في أن تحقق هذه العقوبات تقدماً هائلاً في محادثات السلام.
كما وصف الرئيس الأمريكي حزمة العقوبات الجديدة بأنها “هائلة”، مؤكداً أنه يأمل أن تُرفع هذه العقوبات في وقتٍ قريبٍ حال موافقة روسيا على وقف الحرب.
واتهم ترامب بوتين أيضاً بأنه “غير جاد فيما يتعلق بالتوصل إلى اتفاق سلام”.
وقال الرئيس الأمريكي دونالد ترامب: “في كل مرة أتحدث فيها إلى فلاديمير، تكون المحادثات جيدة، لكنها لا تفضي إلى شيء. لا تصل إلى أي نتيجة”.
من جانبه، أشاد الأمين العام لحلف الناتو بالخطوة الأمريكية الأخيرة، معتبراً أنها تزيد الضغط على الرئيس الروسي فلاديمير بوتين.
وأضاف روته: “يجب أن تمارس الضغط، وهذا بالضبط ما فعله اليوم”.
تأتي هذه الخطوة بعد أسبوع واحد من إعلان المملكة المتحدة فرض عقوبات مماثلة على شركتي “روسنفت” و”لوك أويل”، في إطار تنسيق دولي متزايد للضغط على موسكو.
رفض روسي للعقوبات
قالت وزيرة المالية البريطانية راشيل ريفز أثناء إعلان العقوبات الجديدة: “لا مكان للنفط الروسي في الأسواق العالمية، وسنتخذ كل الإجراءات اللازمة لتدمير قدرة الحكومة الروسية على مواصلة هذه الحرب غير القانونية في أوكرانيا”.
وفي إطار رد الفعل الروسي الرسمي على الخطوة البريطانية الأسبوع الماضي، أعربت السفارة الروسية في لندن عن رفضها لهذا التحرك، مؤكدةً أن استهداف شركات الطاقة الكبرى في روسيا سيؤدي إلى اضطراب في إمدادات الوقود العالمية، وسيتسبب في ارتفاع الأسعار على مستوى العالم.
وأضافت السفارة أن هذه العقوبات “ستؤثر سلباً على أمن الطاقة في الدول النامية والفقيرة”، مشيرةً إلى أن “الضغط لا يؤدي إلا إلى تعقيد الحوار السلمي ويزيد من حدة التصعيد”.
وفي وقت سابق من يوم الأربعاء، صرّح وزير الخزانة الأمريكي سكوت بيسنت لقناة فوكس نيوز بأن الرئيس ترامب يشعر بخيبة أمل من مسار المحادثات، متهماً الرئيس الروسي فلاديمير بوتين بعدم تحري الصدق.
وقال بيسنت: “الرئيس بوتين لم يأتِ إلى طاولة الحوار بطريقة صادقة وواضحة كما كنا نأمل”.
ويمثل النفط والغاز القدر الأكبر من الصادرات الروسية، وتتضمن قائمة العملاء الأهم للنفط الروسي دولاً مثل الصين والهند وتركيا. ودعا الرئيس الأمريكي دونالد ترامب هذه الدول إلى التوقف عن شراء النفط الروسي، في محاولة لزيادة الضغط الاقتصادي على الكرملين.
وقالت تقارير إن الرئيس الأمريكي دونالد ترامب كان يدرس فرض عقوبات على شركتي “روسنفت” و”لوك أويل” قبل لقائه المرتقب مع الرئيس الروسي فلاديمير بوتين في أغسطس/ آب الماضي بولاية ألاسكا، وهو اللقاء الذي لم يسفر عن التوصل إلى اتفاق سلام.
وكانت الولايات المتحدة والمملكة المتحدة قد فرضتا في وقت سابق من هذا العام عقوبات مباشرة على شركات الطاقة الروسية الكبرى “غازبروم نفط” و”سورغوت نفتي غاز”.
نور تريندز أخبار وتحليل فني وأدوات تعليمية وتوصيات