نور تريندز / مستجدات أسواق / تغطية لأسواق العملات / لماذا أبقى المركزي الأوروبي على أسعار الفائدة دون تغيير؟

لماذا أبقى المركزي الأوروبي على أسعار الفائدة دون تغيير؟

أعلن البنك المركزي الأوروبي يوم الخميس، 11 سبتمبر 2025، قراره بالإبقاء على أسعار الفائدة دون تغيير، في خطوة كانت متوقعة على نطاق واسع من قبل الأسواق، وذلك في ظل استمرار حالة انعدام اليقين الاقتصادي الناتجة عن السياسات التجارية الأمريكية الأخيرة.

وقبل صدور القرار، كانت الأسواق تثمن احتمالًا بنسبة 99% بأن يُبقي البنك المركزي الأوروبي على سعر الفائدة على الإيداع عند مستوى 2%، وهو نفس المستوى الذي تم تثبيته في الاجتماع السابق.

وكان البنك المركزي قد خفض معدل الفائدة في يونيو الماضي، بعد أن وصلت إلى مستوى قياسي بلغ 4.00% في العام السابق.

اقتصاد منطقة اليورو

رغم أن التضخم في منطقة اليورو استقر مؤخرًا حول هدف البنك البالغ 2.00%، لا تزال السلطات النقدية الأوروبية تواجه تحديات كبيرة، أبرزها تداعيات اتفاقية تجارية جديدة بين الاتحاد الأوروبي والولايات المتحدة، والتي تضمنت فرض رسوم جمركية بنسبة 15% على الصادرات الأوروبية إلى الولايات المتحدة.

ورغم أن الاتفاقية وفرت بعض الوضوح لقطاعات مثل الصناعات الدوائية، إلا أن قطاعات أخرى مثل النبيذ والمشروبات الروحية لا تزال تواجه غموضًا في بنودها.

وتصاعدت التوترات بعد أن فرض الاتحاد الأوروبي غرامة قدرها 3.45 مليار دولار على شركة  جوجل التابعة لشركة ألفابيت، مما دفع الرئيس الأمريكي دونالد ترامب إلى التهديد بإجراءات انتقامية تجارية ضد أوروبا. هذه التهديدات أثارت مخاوف من تأثير سلبي محتمل على النمو الاقتصادي في منطقة اليورو.

وأظهرت أحدث البيانات الاقتصادية نموًا ضعيفًا في منطقة اليورو، إذ سجل الناتج المحلي الإجمالي نموًا بنسبة 0.1% فقط في الربع الثاني من هذا العام مقارنة بـ 0.6% في الربع السابق.

وعزز تباطؤ النمو الذي عكسته البيانات الاقتصادية الحاصة بمنطقة اليورو القلق بشأن قدرة الاقتصاد الأوروبي على التعافي وسط التوترات التجارية العالمية.

ماذا قالت لاجارد؟

في مؤتمر صحفي عُقد في فرانكفورت الخميس، أعلنت رئيسة البنك المركزي الأوروبي كريستين لاجارد أن البنك المركزي قرر الإبقاء على الفائدة دون تغيير مع الحفاظ على معدل الإيداع عند 2.00%.

جاء هذا القرار وسط إشارات متزايدة إلى أن التضخم في منطقة اليورو بدأ يستقر بالقرب من الهدف المتوسط للبنك البالغ 2.00%.

وأكدت لاجارد أكدت أن “عملية خفض التضخم قد انتهت”، مشيرة إلى أن منطقة اليورو “في وضع جيد” بدعم من تحسن كبير في أوضاع سوق عمل، وتوقعات نمو إيجابية، واستقرار في مؤشرات التضخم.

مع ذلك، شددت على أن البنك “لا يسير وفق مسار محدد مسبقًا”، وأن أي تغييرات مستقبلية في السياسة النقدية سوف تعتمد على البيانات الاقتصادية.

وجاء قرار تثبيت الفائدة بإجماع أعضاء مجلس محافظي البنك المركزي، ويُعد ثالث اجتماع على التوالي يُبقي فيه البنك على سياسته دون تغيير منذ خفض الفائدة في يونيو الماضي، مما يشير إلى إمكانية انتهاء دورة التيسير الكمي التي بدأت في منتصف 2024.

ورغم التكهنات بأن دورة خفض الفائدة قد انتهت، رفضت لاجارد تأكيد ذلك، قائلة: “نحن نعتمد على البيانات، وسنقيّم كل اجتماع على حدة”.

وتُظهر توقعات البنك المركزي أن التضخم العام سيبلغ متوسط 2.1% في عام 2025، وينخفض إلى 1.7% في 2026، ثم يرتفع قليلًا إلى 1.9% في 2027.

أما التضخم باستثناء الغذاء والطاقة، فمن المتوقع أن ينخفض من 2.4% إلى 1.8% خلال نفس الفترة. كما تباطأ نمو الأجور، مما يدعم استقرار الأسعار على المدى الطويل.

رفع البنك توقعاته للنمو في منطقة اليورو لعام 2025 إلى 1.2%، مقارنة بـ 0.9% في يونيو الماضي. وأشارت لاجارد إلى أن الاستثمار والاستهلاك “أداءهما أفضل من المتوقع”، مدعومَيْن بارتفاع الدخل وتحسن ظروف التمويل. كما سجل معدل البطالة 6.2% في يوليو الماضي، ومن المتوقع أن ينخفض أكثر، مما يعزز الإنفاق الاستهلاكي.

ورغم التحسن في أوضاع سوق العمل، لا تزال التحديات الخارجية قائمة، مثل التوترات التجارية وارتفاع الرسوم الجمركية وقوة اليورو، والتي قد تؤثر سلبًا على الصادرات.

مع ذلك، عبّرت لاجارد عن ثقتها بأن هذه التأثيرات “ستتلاشى العام المقبل” بفضل الاتفاقيات التجارية الأخيرة.

وأكد البنك المركزي الأوروبي مجددًا التزامه بنهج “اجتماع تلو الآخر”، دون تقديم توجيهات مسبقة بشأن مسار الفائدة. وشددت لاجارد على أن “الخيارات مفتوحة”، وأن البنك مستعد للتدخل إذا انحرفت معدلات التضخم عن الهدف.

تحقق أيضا

الدولار الأمريكي

الدولار الأمريكي يتراجع أكثر بعد هبوط أسعار المستهلك

يتراجع الدولار الأمريكي منذ ظهور بيانات تضخم أسعار المستهلك في أغسطس الماضي، مما يعزز توقعات …