وافقت المحكمة العليا الأمريكية الثلاثاء 9 سبتمبر على النظر في قانونية الرسوم الجمركية واسعة النطاق التي فرضها الرئيس دونالد ترامب على الواردات من مختلف دول العالم.
وتُعد هذه القضية اختبارًا مهمًا لصلاحيات السلطة التنفيذية، إذ تمثل الرسوم الجمركية أحد أبرز أدوات ترامب في تنفيذ أجندته الاقتصادية والتجارية.
جاء قرار المحكمة العليا بعد أن قدمت وزارة العدل الأمريكية استئنافًا ضد حكم صادر عن محكمة أدنى، اعتبرت فيه أن ترامب تجاوز صلاحياته القانونية عند فرض معظم هذه الرسوم بموجب قانون اتحادي يُستخدم عادةً في حالات الطوارئ.
وتحركت المحكمة بسرعة للنظر في القضية، التي قد تؤثر على تريليونات الدولارات من الرسوم الجمركية خلال العقد المقبل.
ومن المقرر أن تبدأ المحكمة العليا دورتها القضائية الجديدة في السادس من أكتوبر، وقد وضعت هذه القضية على المسار السريع، إذ حددت الأسبوع الأول من نوفمبر موعدًا للمرافعات الشفوية.
كما وافقت المحكمة على النظر في دعوى منفصلة قدمتها شركة ألعاب عائلية تُدعى “Learning Resources”، تطعن أيضًا في قانونية الرسوم.
وتتركز القضية الأساسية حول استخدام ترامب لقانون الطوارئ الاقتصادية الدولية لعام 1977، المعروف باسم “IEEPA”، لفرض رسوم جمركية على الواردات.
وقضت محكمة الاستئناف الفيدرالية في واشنطن في 29 أغسطس الماضي بأن الرئيس تجاوز صلاحياته باستخدام هذا القانون، الذي لم يُستخدم من قبل لفرض رسوم جمركية، بل كان يُستخدم تاريخيًا لتجميد أصول الدول المعادية أو فرض عقوبات اقتصادية.
ورغم هذا الحكم، لا تزال الرسوم الجمركية سارية المفعول حتى تبت المحكمة العليا في القضية. وتُعد هذه الرسوم جزءًا من حرب تجارية أطلقها ترامب منذ عودته إلى الرئاسة في يناير، وقد أدت إلى توتر العلاقات التجارية مع العديد من الدول، وزادت من تقلبات الأسواق المالية، وأثارت حالة من عدم اليقين الاقتصادي العالمي.
واستخدم ترامب الرسوم الجمركية كأداة رئيسية في سياسته الخارجية، بهدف إعادة التفاوض على الاتفاقيات التجارية، وانتزاع تنازلات من الدول الأخرى، وممارسة ضغوط سياسية. ففي أبريل الماضي، استند إلى قانون الطوارئ لفرض رسوم على واردات من دول معينة بهدف معالجة العجز التجاري، كما فرض رسومًا أخرى في فبراير على الصين وكندا والمكسيك للحد من تهريب الفنتانيل والمخدرات غير المشروعة إلى الولايات المتحدة.
ودافعت وزارة العدل الأمريكية عن موقف ترامب، مؤكدةً أن القانون يمنح الرئيس صلاحية “تنظيم” الواردات في حالات الطوارئ.
وجاء في مذكرة الوزارة: “الرهانات في هذه القضية لا يمكن أن تكون أعلى”، محذرةً من أن رفض صلاحيات ترامب في هذا المجال “سيعرض البلاد لردود تجارية انتقامية دون وسائل دفاع فعالة، وقد يدفع أمريكا إلى حافة كارثة اقتصادية”.
من جانبه، صرّح ترامب بأن خسارته في هذه القضية قد تجبر الولايات المتحدة على التراجع عن اتفاقيات تجارية، مما سيؤدي إلى “معاناة كبيرة” للاقتصاد الأمريكي.
وفي تقرير صدر عن مكتب الميزانية في الكونغرس الأمريكي في أغسطس، أُشير إلى أن الرسوم الجمركية المرتفعة قد تُساهم في تقليص العجز الوطني بمقدار 4 تريليونات دولار خلال السنوات العشر المقبلة.
وجاء الحكم الصادر عن محكمة الاستئناف نتيجة دعويين قضائيتين: الأولى قدمتها خمس شركات صغيرة تستورد بضائع، من بينها شركة لنبيذ ومشروبات روحية في نيويورك، ومتجر لمعدات الصيد في بنسلفانيا.
أما الدعوى الثانية، فرفعتها 12 ولاية أمريكية، معظمها تحت قيادة حكومات ديمقراطية، من بينها نيويورك وكاليفورنيا وإلينوي.
وتستند هذه الطعون إلى أن الدستور الأمريكي يمنح الكونغرس، وليس الرئيس، سلطة فرض الضرائب والرسوم الجمركية، وأن أي تفويض لهذه السلطة يجب أن يكون واضحًا ومحدودًا.
ووافقت محكمة الاستئناف على هذا الرأي، مشيرة إلى أنه “من غير المرجح أن يكون الكونغرس قد قصد، عند سن قانون IEEPA، منح الرئيس سلطة غير محدودة لفرض الرسوم الجمركية”.
كما اعتبرت المحكمة أن تفسير الإدارة الأمريكية الواسع لهذا القانون يتعارض مع مبدأ “الأسئلة الكبرى” الذي أقرته المحكمة العليا، والذي ينص على أن أي إجراء تنفيذي له آثار اقتصادية وسياسية واسعة يجب أن يكون مصرحًا به بوضوح من قبل الكونغرس.