نور تريندز / التقارير الاقتصادية / ماذا يحدث في اليابان، وكيف يؤثر المشهد السياسي في الاقتصاد؟

ماذا يحدث في اليابان، وكيف يؤثر المشهد السياسي في الاقتصاد؟

تشهد اليابان اضطرابات سياسية في الفترة الأخيرة، مما يجعل انعدام اليقين هو العنوان الرئيسي للأوضاع التي ينطوي عليها المشهد السياسي في البلاد بعد ظهور نتائج الانتخابات التي ألقت الضوء على فقد الحزب الحاكم الأغلبية في البرلمان، مما يضعه في موقف حرج.

ومن الطبيعي أن تتراجع قدرة الحزب الحاكم على الفعل والتأثير في المشهد السياسي والاقتصاد في البلاد على حدٍ سواءٍ نظرًا لفقده الذراع التشريعي الذي كان يستخدمه من أجل تمرير أجندته السياسية والتشريعية والاقتصادية في إدارة البلاد.

وتعرض الائتلاف الحاكم في اليابان بقيادة رئيس الوزراء شيجيرو إيشيبا في انتخابات مجلس الشيوخ الأخيرة لهزيمة ثقيلة، إذ فقد الأغلبية في غرفتي البرلمان للمرة الأولى منذ تأسيس الحزب الليبرالي الديمقراطي عام 1955.

وحصل الائتلاف الحاكم على 47 مقعدًا فقط من أصل 124 مقعدًا في البرلمان، وهو أقل من العدد المطلوب للاحتفاظ بالأغلبية.

وتحول الحزب الديمقراطي الليبرالي إلى أقلية في مجلسي النواب والشيوخ، مما يُضعف قدرته على تمرير التشريعات دون دعم المعارضة.

وقال رئيس الوزراء الياباني شيجيرو إيشيبا إن الأداء الضعيف للائتلاف في الانتخابات يرجع إلى أن إجراءات حكومته لمكافحة ارتفاع الأسعار لم تصل بعد إلى الكثير من الناس.

في المقابل، حقق حزب سانسيتو اليميني مكاسب كانت مفاجأة للجميع. وتعهد الحزب بسياسات أكثر تشددًا تجاه الهجرة والعولمة.

المعارضة تطالب بتخفيضات ضريبية وحزم إنفاق إضافية، مما يثير قلق وكالات التصنيف الائتماني بشأن العجز المالي

بنك اليابان يواجه تحديات في ضبط سياسته النقدية وسط ضغوط التضخم وتراجع قيمة العملة

الجمود التشريعي

وتعهد إيشيبا بالبقاء في منصبه لتجنب خلق فراغ سياسي في الوقت الذي تواجه فيه اليابان تحديات متزايدة، بما في ذلك تهديدات التعريفات الجمركية الأمريكية.

ومع ذلك، قد يواجه ضغوطًا من داخل حزبه للاستقالة أو البحث عن شريك جديد في الائتلاف.

وتكمن صعوبة استمرار إيشيبا في أداء مهام منصبة كرئيس لوزراء اليابان في أن فقدان الأغلبية يعقد تمرير الموازنات وخطط الإصلاح، ويزيد احتمالات دخول اقتصاد البلاد في معاناة أكبر مما هي عليه في الوقت الراهن.

لذلك، ظهرت تكهنات بإجراء انتخابات مبكرة إذا استقال إيشيبا أو فشل في تأمين دعم برلماني من خلال توفير شريك في ائتلاف حكومي جديد.

لكن هذه المهمة قد تنطوي على قدر كبير من الصعوبة، إذ أن هناك انقسام كبير في صفوف جماعات المعارضة الثمانية الرئيسية بحيث لم تتمكن من تشكيل برنامج مشترك كجبهة موحدة وكسب دعم الناخبين كبديل قابل للتطبيق.

خطر على الاقتصاد

تطالب المعارضة اليابانية بتوفير منح نقدية علاوة على المزيد من الخفض الضريبي للمواطنين، وهو ما من شأنه أن يضع المزيد من الأعباء المالية على الموازنة.

وقد يتطور الأمر إلى عجز مالي هائل من الممكن أن يدفع وكالات التصنيف الائتماني العالمية إلى خفض تصنيف اليابان، وهو الإجراء الذي قد يضعف مستويات الاستثمار ويقوض الثقة في الاقتصاد الياباني.

وأعربت وكالة موديز للتصنيف الائتماني عن قلقها إزاء ما تطالب به أحزاب المعارضة اليابانية – التي حققت فوزًا كبيرًا على حساب حزب إيشيبا في الانتخابات البرلمانية – من المزيد من الإعفاءات الضريبية للمواطنين.

وحذرت الوكالة من أن أي خفض للضريبة العامة على الاستهلاك – البالغة 10.00% و8.00% على المواد الغذائية – قد يؤثر على التصنيف الائتماني السيادي لليابان اعتمادًا على “نطاق وحجم واستمرارية هذا الخفض”.

ويأتي تحذير الوكالة بينما يبلغ حجم الدين الياباني 250% من الناتج المحلي الإجمالي، مما يجعلها الأعلى ديونًا بين دول الاقتصادات الرئيسية، ويزيد من احتمالات أن تلحق بالاقتصاد الياباني أضرارًا بالغةً حال تنفيذ مخططات الإنفاق والإعفاءات الضريبية.

وتأتي مطالبات المعارضة بالمزيد من هذه الحزم الاقتصادية وسط تحذيرات من قبل رئيس الوزراء شيجيرو إيشيبا من أن التوسع في مثل هذا النهج قد يقوض قدرة الدولة على تمويل قطاعات استراتيجية هامة مثل الرعاية الاجتماعية في دولة تتزايد فيها أعداد من هم في مرحلة الشيخوخة.

وتعاني اليابان من ارتفاع حاد في أسعار المواد الأساسية، خاصةً الأرز، وهو على الأرجح ما يقف وراء إضعاف شعبية الحكومة بشكل كبير. كما تشهد أسعار الطاقة تذبذبًا حادًا في اليابان في الفترة الأخيرة نتيجة التردد في السياسات الحكومية بين رفع الدعم عن فواتير الكهرباء والغاز ثم إعادة تقديمه بشكل جزئي، مما تسبب في اضطرابات في سوق الطاقة.

تحقق أيضا

Earning

لماذا تجاوزت أرباح القطاع المالي توقعات الأسواق؟

استفادت الأصول المتداولة في أسواق المال منذ بداية هذا العام من السياسات التجارية والعامة التي …