عانى النفط كثيرًا أثناء جلسة التداول الثلاثاء الماضي لتوافر الكثير من العوامل على أرض الواقع، سواءً في المشهد السياسي الدولي أو على صعيد التطورات في أسواق المال.
وتضمنت هذه العوامل الأثر السلبي لتهديدات الرئيس الأمريكي بفرض تعريفات جمركية مرتفعة على شركاء تجاريين مهمين للولايات المتحدة. كما يسهم ارتفاع الدولار الأمريكي، الذي يرتفع في الوقت الحالي ويتوقع أن يواصل الصعود في الفترة المقبلة، في إضافة المزيد من الضغوط في الاتجاه الهابط التي يواجهها النفط.
كما تأثرت أسواق النفط العالمي سلبًا بسياسات منظمة الدول المصدرة للنفط (أوبك) التي رصدت جهات معنية بمتابعة تلك السياسات أن درجة الالتزام بخفض الإنتاج الذي اتخذ القرار بشأنه في الاجتماع الماضي لأوبك+ لم يصل بعد إلى الحصص المحددة لكل دولة من دول المجموعة.
وجاءت تقارير المخزونات الأمريكية من النفط لتكمل الصورة بعد أن ألقت الضوء على ارتفاع كبير في المخزونات.
ولم يكن تهديد الرئيس الأمريكي دونالد ترامب بفرض المزيد من العقوبات على النفط الروسي – حال الفشل في التوصل إلى اتفاق سلام مع أوكرانيا – ضعيفًا لدرجة عدم التأثير في حركة السعر.
وختم النفط تعاملات الثلاثاء في الاتجاه الهابط متأثرًا بارتفاع التضخم الأمريكي الذي دفع بالعملة الأمريكية لأعلى، وهو ما أدى إلى تراجع الخام الأسود للعلاقة العكسية بينه وبين النفط.
تهديدات ترامب بتعريفة جمركية عالية
شهدت الأيام القليلة الماضية تصاعدًا في حدة، إذ وهدد ترامب بفرض تعريفة جمركية على الاتحاد الأوروبي والمكسيك بقيمة 30% تدخل حيز التنفيذ في الأول من أغسطس المقبل.
واستمر مسلسل فوضى الأسواق – الناتجة عن تصريحات وإجراءات الرئيس الأمريكي دونالد ترامب على صعيد السياسات التجارية لبلاده – على مدار الأسبوع الماضي، مما أدى إلى إثارة حالة من القلق الشديد في الأسواق إزاء مستقبل التجارية العالمية وحرية التجارة وآثار التعريفة الجمركية على أكبر اقتصادات العالم.
وأدت هذه التهديدات في مجملها إلى تصاعد توقعات بالمزيد من ارتفاع التضخم في الولايات المتحدة، وهو ما قد يثني الفيدرالي عن خفض الفائدة في المرحلة الحالية.
ولا تزال الأسواق في حالة من الرعب بسبب تهديدات الرئيس الأمريكي دونالد ترامب المستمرة بفرض تعريفة جمركية على شركاء تجاريين مهمين بالنسبة لبلاده، وهو ما ينذر بتباطؤ في أداء الاقتصاد، خاصة قطاع التصنيع، وينعكس سلبًا على الطلب العالمي للنفط.
الدولار القوي
مثله مثل أي سلعة مقومة بالدولار الأمريكي، تتراجع الأسعار العالمية للنفط مع كل ارتفاع للدولار الأمريكي.
ويتعافى الدولار الأمريكي منذ افتتاح التعاملات الثلاثاء بدفعة من عدة أمور توافرت على الأرض، من بينها البيانات الاقتصادية والتطورات على صعيد السياسات التجارية لإدارة ترامب، وتحركات عائدات السندات الأمريكية، علاوة على تقارير الأرباح.
وارتفع مؤشر الدولار إلى 98.56 نقطة مقابل الإغلاق اليومي الماضي الذي سجل 98.00 نقطة.
وهبط المؤشر إلى أدنى مستوى له في يوم التداول الجاري عند 97.93 مقابل أعلى المستويات الذي سجل 98.65 نقطة.
وألقت بيانات التضخم في أسعار المستهلك الأمريكي الضوء على ارتفاع المعدلات في يونيو الماضي بواقع 0.3% مقابل قراءة مايو الماضي التي سجلت 0.1%. وجاءت القراءة أدنى من توقعات الأسواق التي أشارت إلى 0.3%.
جاء ذلك بعد يوم واحد من استفادة العملة الأمريكية من تصاعد حدة تهديدات ترامب بتعريفات جمركية مرتفعة.
العقوبات على روسيا
هدد ترامب لفض عقوبات على صادرات النفط الروسي، ممهلًا الرئيس الروسي فلاديمير بوتين 50 يومًا حتى يتوصل إلى اتفاق سلام مع أوكرانيا.
وكان من شأن التهديد بهذه العقوبات أن ترتفع أسعار النفط، لكن ذلك لم يحدث لأن أغلب المستثمرين في القطاع رأوا أنه تهديد ليس له أنياب وأنه غير جدير بأن تعتد به الأسواق كونه بعيدًا عن إجراءات حقيقية تتخذ في هذا الشأن.
وهبطت العقود الآجلة للنفط الأمريكي إلى 66.64 دولار للبرميل مقابل الإغلاق اليومي الماضي الذي سجل 68.80 دولار للبرميل.
وارتفعت عقود الخام الأمريكي إلى أعلى مستوى لها في يوم التداول الخميس عند 67.10 دولار مقابل أدنى المستويات الذي سجل 66.25 دولار.
مخزونات النفط الأمريكية
سجلت مخزونات النفط الأمريكية ارتفاعًا كبيرًا مقارنة بالقراءة السابقة وتوقعات السوق، وفقًا للبيانات الصادرة الثلاثاء الماضي عن المعهد الأمريكي للدراسات النفطية.
وارتفعت مخزونات النفط الأمريكية إلى 19.1 مليون برميل مقابل القراءة السابقة التي سجلت ارتفاعًا بحوالي 7.1 ملين برميل.
ويدل الارتفاع الكبير في المخزونات الأمريكية على تراجع الطلب على النفط في أكبر اقتصادات العالم، وهو ما يُعد سلبيًا لأسعار النفط العالمية.
وتصدر الأربعاء تقارير المخزونات الحكومية الصادرة عن إدارة معلومات الطاقة، والتي ينبغي أن ننتظر حتى نرى ما إذا كانت ستؤيد بيانات المعهد الأمريكي أو ستأتي بجديد.
البيانات الأمريكية
يُعد ارتفاع التضخم من أهم العوامل التي تقف وراء تبني الفيدرالي، وغيره من البنوك المركزية الرئيسية، معدلات فائدة مرتفعة.
ومن المتعارف عليه أن ارتفاع الفائدة يزيد من صعوبة الحصول على الأموال اللازمة للتوسع في النشاط الاقتصادي عن طريق الإقراض، وهو ما من شأنه أن يسهم في تباطؤ النشاط، ومن ثم تباطؤ الطلب على النفط.
وألقت بيانات التضخم في أسعار المستهلك الأمريكي الضوء على ارتفاع المعدلات في يونيو الماضي بواقع 0.3% مقابل قراءة مايو الماضي التي سجلت 0.1%. وجاءت القراءة أدنى من توقعات الأسواق التي أشارت إلى 0.3%.
كما ارتفعت القراءة السنوية للمؤشر بـ2.7% في يونيو الماضي مقابل قراءة نفس الشهر من العام الماضي التي سجلت ارتفاعًا بـ2.4%، وهو ما جاء متوافقًا مع توقعات الأسواق.
وعلى صعيد القراءات الأكثر دقة التي تستثني المكونات للأكثر تذبذبًا بين أسعار المستهلك، ارتفعت قراءة المؤشر باستثناء أسعار الغذاء الطاقة إلى 0.2% مقابل القراءة السابقة التي سجلت 0.3%، وهو ما جاء أعلى من توقعات السوق التي أشارت إلى 0.1%.
كما ارتفعت القراءة السنوية للمؤشر بـ2.9% في يونيو الماضي مقابل القراءة السابقة التي أشارت إلى 2.8%، وهو ما جاء أدنى من توقعات السوق التي أشارت إلى 3.00%.