نور تريندز / التقارير الاقتصادية / إلى أين ينتهي مسار بنك اليابان نحو تطبيع السياسة النقدية؟
بنك اليابان

إلى أين ينتهي مسار بنك اليابان نحو تطبيع السياسة النقدية؟

يستعد بنك اليابان لرفع معدل الفائدة الرئيسي بشكل كبير، مما يشير إلى تحول حاسم في سياسته النقدية ويمثل خطوة مهمة نحو تطبيع السياسات الاقتصادية ويعكس هذا التحرك، الذي طال انتظاره من قبل الأسواق، الثقة المتزايدة في استدامة التضخم والتعافي الاقتصادي، ومن المتوقع أن يرفع أسعار الفائدة، إلى 0.5%، أعلى المستويات منذ عام 2007، ويوضح هذا القرار التزام البنك المركزي بالتراجع التدريجي عن موقفه النقدي شديد التيسير، وهو عصر سياسي استمر لسنوات.

ويُعزى هذا التحول في السياسة إلى مجموعة من العوامل. فقد أدى استمرار التضخم، الذي تجاوز هدف البنك المركزي البالغ 2% لمدة ثلاث سنوات تقريبًا، إلى ضرورة تشديد السياسات النقدية. علاوة على ذلك، فإن القوة التي أظهرها نمو الأجور عبر مختلف القطاعات يوفر أساسًا قويًا للتوسع الاقتصادي المستدام. وتعد ديناميكية الأجور الإيجابية هذه أمرًا بالغ الأهمية، حيث تسمح للشركات بنقل التكاليف الأعلى دون كبح جماح الطلب الاستهلاكي.

ومن المتوقع أن يرفع البنك المركزي تقديراته الاقتصادية بشكل أكبر، مع الاعتراف بارتفاعات نمو الأجور المتزايدة وآثارها الإيجابية على تحقيق هدف التضخم. ومن المرجح أن يؤكد محافظ البنك المركزي كازو أويدا ومجلسه على ضرورة استمرار رفع أسعار الفائدة لضمان مسار اقتصادي مستقر ومستدام.

وفي حين أن ينصب الاهتمام على قرار الفائدة المقبل، فمن المتوقع أن ينتقل اهتمام السوق بسرعة إلى توجيه البنك المركزي بشأن وتيرة وتوقيت الزيادات المستقبلية في أسعار الفائدة. ويتوقع على نطاق واسع أن تتخذ الفائدة مسارًا تصاعديًا تدريجيًا ولكن مطردًا لأسعار الفائدة، مع احتمال حدوث عدة زيادات أخرى على مدار العام.

ومن المتوقع أن يؤثر المناخ الاقتصادي العالمي، ولا سيما مسار أسعار الفائدة الفيدرالية وتطور سعر صرف الدولار مقابل الين، بشكل كبير على قرارات السياسة النقدية للبنك المركزي. وقد تلعب الاعتبارات السياسية الداخلية، مثل الانتخابات المقبلة لمجلس الشيوخ الأعلى، أيضًا دورًا في تحديد توقيت تعديلات أسعار الفائدة المستقبلية.

وتمثل هذه الفترة نقطة تحول مهمة للاقتصاد الياباني. ومن خلال تطبيع السياسة النقدية تدريجياً، يهدف البنك المركزي إلى تعزيز مسار نمو أكثر توازناً واستدامة، مع التخفيف من المخاطر المحتملة المرتبطة بالفترات الطويلة من أسعار الفائدة المنخفضة.

أويدا في الاجتماع الماضي

كان بنك اليابان قد أبقى على معدل الفائدة دون تغيير في آخر اجتماعات لجنة السياسة النقدية في 2024 بنتيجة تصويت على القرار ألقت الضوء على غياب الإجماع على تثبيت المعدلات الحالية، إذ صوت عضو اللجنة تامورا ضد القرار وأعلن دعمه لرفع الفائدة 25 نقطة أساس.  بذلك تظل الفائدة اليابانية عند 0.25%.

وقال بيان الفائدة اليابانية عقب قرار ديسمبر الماضي إن البنك المركزي لم يتمكن من رفع الفائدة هذا الاجتماع بسبب انعدام اليقين الذي يحيط بالمسار المستقبلي للاقتصاد ومستقبليات النظرة المستقبلية للأسعار. وجاء قرار تثبيت الفائدة متوافقًا مع توقعات الأسواق ليعكس حالة من الحذر تسود لجنة السياسة النقدية الذين فضل أغلبهم البقاء في الجانب الآمن حتى تتضح الأمو أكثر فيما يتعلق بالتضخم.

رغم ذلك، ألقى خطاب البنك المركزي الضوء على أن السلطات النقدية اليابانية لا تزال في طريقها إلى المزيد من التشديد الكمي في أوائل العام الجديد، وهو ما اتضح من خلال تصريحات كازو أويدا، محافظ بنك اليابان، في المؤتمر الصحفي الذي انعقد بعد إعلان قرار الفائدة صباح الخميس الماضي.

وقال أويدا: “نعلم أنه إذا تأخرنا في رفع الفائدة في الوقت الحالي، قد نضطر إلى رفعها بوتيرة أسرع إذا أردنا أن نصل إلى معدل الفائدة المحايد (هو معدل الفائدة الذي يُحسب في ضوء قراءات النمو والتضخم) ونتفهم ذلك تمامًا أثناء انخفاض قرارات السياسة النقدية. وعند الأخذ في الاعتبار استمرار الارتفاع المعتدل للتضخم، نرى أنه من الممكن أن نتقدم ببطء نحو رفع الفائدة”.

سياسات ترامب

قال محافظ بنك اليابان عقب تثبيت الفائدة الشهر الماضي: “بالطبع لن نتخلص تمامًا من انعدام اليقين، لكن بمرور الوقت سوف تتوافر لدينا معلومات يمكننا الاستناد إليها أثناء إعداد التقديرات الاقتصادية. كما نعلم أنه قد يكون هناك مخاطرة في أن نتأخر في رفع الفائدة، وهو ما ينبغي أيضًا أن نأخذه في الحسبان أثناء اتخاذ قرارات السياسة النقدية”.

وأضاف أن “لسنا في حاجة لأن نقول إن النظرة المستقبلية للأجور في اليابان والأثر الذي قد تخلفه سياسات ترامب يُعد من أهم العوامل التي قد تسبب في أن نستغرق وقتًا طويلًا حتى نتوصل إلى صورة كاملة لما قد تؤول إليه الأمور. وسوف نحتاج إلى أن نتخذ قراراتنا بناء على ما يتوافر لدينا من معلومات قبل كل اجتماع من اجتماعات السياسة النقدية”.

وشدد أويدا على أن السبب في أن البنك المركزي يرفع الفائدة ببطء هو أن “ارتفاع التضخم لا يزال معتدًلا”، مؤكدًا أن البيانات الاقتصادية التي ظهرت في الفترة الأخيرة تتخذ المسار المتوقع لها، وهو ما يرجح أن الاقتصاد الياباني يتحرك وفقًا لتوقعات البنك المركزي. لكنه أشار إلى أنه من الضروري أن تتوافر لدى السلطات النقدية المزيد من البيانات لضمان أن تكون الأوضاع الاقتصادية مناسبة لرفع تكلفة الاقتراض.

تحقق أيضا

لماذا تراجع الدولار الأمريكي في اليوم الأول من رئاسة ترامب؟

تراجع الدولار الأمريكي في نهاية يوم التداول الأول من الأسبوع الجديد، وهو ما جاء نتيجة …