تراجع الدولار الأمريكي في نهاية يوم التداول الأول من الأسبوع الجديد، وهو ما جاء نتيجة لإثارة خطاب تنصيب ترامب مخاوف حيال إمكانية عودة التوترات التجارية بين الولايات المتحدة ودول الاقتصادات الرئيسية، في مقدمتها الصين، لتتصدر المشهد بقوة. كما تأثرت العملة سلبًا بتراجع المعروض نتيجة لهبوط مستويات السيولة بسبب إغلاق أسواق سندات الخزانة الأمريكية في عطلة يوم مارتن لوثر كينج.
وأظهر خطاب ترامب إشارات أولية استقبلتها الأسواق، تضمنت بين رسائل أخرى، ما يرجح أن سياسات الإدارة الأمريكية الجديدة سوف تتبع طريقة ممنهجة لفرض تعريفات جمركية إضافية على الواردات التي تأتي من جميع أنحاء العالم، خاصة الصين، علاوة على التوسع المالي للولايات المتحدة عن طريق توفير مصادر مالية خارجية.
وقال الرئيس ترامب: “سوف نعيد رسم ملامح النظام التجاري، وسوف نجعل الدول الأخرى تدفع تعريفة جمركية وضرائب حتى نجعل المواطنين أثرياء”، وهو ما يرجح أن الرئيس لم يكن يهدد عندما بدأ في تناول ملف السياسات التجارية أثناء حملته الانتخابية العام الماضي.
وأضاف: “سوف تتدفق مبالغ طائلة من المال إلى خزانتنا من مصادر خارجية، وسوف نؤسس لخدمات إيرادات خارجية”، مؤكدًا أنه سوف يعلن حالة طوارئ وطنية لقطاع الطاقة.
السياسة النقدية والمالية
يأتي ذلك وسط حالة من ترقب لقرارات الفيدرالي، الذي أكد في اجتماعه الماضي على أن البيانات سوف تكون من أهم المعايير التي يستند إليها في اتخاذ قرار الفائدة، في اجتماع الذي من المقرر أن ينعقد في 26 و27 يناير الجاري.
وقطعت العملة الأمريكية طريقًا وعرًا بسبب خطاب تنصيب ترامب بسبب الكثير مما جاء في هذا الخطاب علاوة على ضعف السيولة في عطلة يوم مارتن لوثر كينج. وقد يتوقف أي تغيير في السياسة النقدية على المناقشات التي تشهدها واشنطن في الفترة المقبلة، إذ تشكل الإدارة الجديدة فريقًا يضطلع بمهمة دراسة فرض تعريفات جمركية إضافية على كندا والمكسيك والصين.
وسبق أن تطرق الفيدرالي، في بيان الفائدة الصادر عقب اجتماع ديسمبر الماضي، إلى السياسات الاقتصادية للرئيس الأمريكي دونالد ترامب، معربًا عن قلقه على الآثار التي قد تترتب عليها، خاصة السياسات التجارية. وتعتبر سياسات ترامب الاقتصادية سياسات تضخمية في المقام الأول.
وأعاد خطاب التنصيب مخاوف عودة التوترات التجارية إلى المشهد بقوة في الفترة المقبلة، خاصة وأنه أِشار إلى دول بعينها أثناء الحديث عن التعريفة الجمركية. وقال ترامب: “سنخفض أسعار الطاقة وسوف نتخلص من اتفاقية باريس للمناخ، ولن نسمح باستغلال قدراتنا من قبل الصين”.
وهبط مؤشر الدولار، الذي يقي أداء العملة الأمريكية مقابل سلة العملات الرئيسية الستة، إلى 108.22 نقطة مقابل الإغلاق اليومي الماضي الذي سجل 109.25 نقطة.
ويبدو أن تصريحات ترامب جاءت بما يفوق قدرة الأسواق على التحمل، إذ ذكر الرئيس الجديد أن التعريفة الجمركية الإضافية التي قد يفرضها على كندا قد تصل إلى 25%، إذ من الممكن أن تكون رسومًا بهذا الحجم مجرد بداية لسياسة تجارية حافلة بالقيود للولايات المتحدة من شأنها أن تقوض مبادئ التجارة الحرة عالميًا.
كما يتوقع أن تبدأ الولايات المتحدة فرض تعريفات جمركية على الصين بشكل تدريجي من 10% إلى 20% ثم إلى مستويات أعلى. وتراجع كل من الدولار الكندي واليوان الصيني بعد ظهور تلك التصريحات في عناوين الأخبار، لكن العملة الأمريكية لم تتمكن من الاستفادة من هذا الهبوط.
وألقت الساعات الأولى من ولاية ترامب الضوء على أنه قد يكون هناك الكثير من المفاجآت، أو بالأحرى أن تكون هناك مفاجآت من شأنها إحداث تغيرات في معنويات المستثمرين طوال الوقت تقريبًا.
لذلك ينبغي على المستثمرين في الأسواق أن يكونوا مستعدين للمفاجآت المحركة للأسواق طوال الوقت، إذ يتوقع على نطاق واسع أن يدفع ترامب إدارته بالسياسة الاقتصادية للولايات المتحدة في اتجاه المزيد من القيود التجارية وتوفير المزيد من الموارد المالية للبلاد، وهو ما من شأنه أن يزيد من معدلات تضخم الأسعار في البلاد.