تراجع اليورو مقابل الدولار الأمريكي في ختام تعاملات الاثنين متأثرًا بعناوين الأخبار التي نقلت إلى الأسواق تفاصيل عن أزمة سياسية محتملة في فرنسا، ثاني أكبر اقتصادات منطقة اليورو بعد إجراءات اتخذها رئيس وزراء البلاد تهدد حكومته بتصويت من قبل البرلمان على سحب الثقة من الحكومة. كما عانت العملة بعض الشيء من تصريحات خرجت من أروقة البنك المركزي الأوروبي.
تأتي هذه التطورات بعد أسابيع قليلة من أزمة سياسية في ألمانيا تخوض البلاد بسببها غمار انتخابات مبكرة بعد أن انهار الائتلاف الحكومي بقيادة المستشار الألماني أولاف شولتز ودخلت البلاد في دوامة سياسية أثناء اتجاهها إلى انتخابات عامة مبكرة وسط مخاوف من وصول اليمين المتشدد إلى السلطة.
وفعَّل رئيس الوزراء الفرنسي ميشيل بارنييه المادة 49.3 من الدستور لفرض إجراءات تتعلق بالموازنة العامة دون موافقة البرلمان ، مما أثار جدلًا واسع النطاق في الأوساط السياسية في فرنسا وأوروبا وأدى إلى تصاعد التوترات السياسية.
والمادة 49.3 هي أداة دستورية فرنسية تسمح للحكومة بإقرار إجراءات دون الرجوع إلى البرلمان، ويبدو أن الإدارة الفرنسية الحالية مصرة على المضي قُدُمًا في اتجاه خطة الموازنة بالصورة التي ترى أنها لصالح البلاد.
وأكدت المتحدثة باسم الحكومة، مود بريغيون، أن الحكومة “مستعدة للحوار”، مشيرة إلى أن مصلحة البلاد تقتضي إقرار الموازنة لتفادي الوقوع في فوضى مالية واقتصادية. وأضافت: “أنا قلقة للغاية بشأن ما سيحدث في الأيام والأشهر المقبلة… من الذي سيأتي إلى فرنسا لإنشاء أعمال أو مصانع في ظل هذه الحالة من عدم اليقين؟”
وامتدت تلك التوترات إلى أسواق المال الأوروبية والعالمية، مما أدى إلى تراجع اليورو مع ضغوط شديدة تعرضت لها السندات الحكومية الفرنسية.
حجب الثقة
تهديد حزب التجمع الوطني اليميني المتشدد بالإطاحة بالحكومة إذا لم يستجب رئيس الوزراء ميشال بارنييه لمطالبه بشأن مشروع الموازنة، وفقاً لما أعلنه رئيس الحزب، غوردان بارديللا. وقد أضافت هذه التطورات ضغوطاً جديدة على الوضع السياسي الهش في البلاد، مما زاد من حالة القلق وعدم اليقين.
وكان حزب التجمع الوطني قد منح رئيس الوزراء بارنييه مهلة حتى الاثنين للاستجابة لمطالبه التي تتضمن زيادة معاشات التقاعد، محذراً من أنه في حال عدم الاستجابة له سوف يدعم اقتراح بحجب الثقة عن الحكومة، وهو ما قد يؤدي إلى انهيار الحكومة الحالية.
ومن المتوقع أن يتم التصويت على حجب الثقة الأربعاء المقبل، وهو الإجراء الذي لم يؤد إلى إجبار أي رئيس حكومة على الاستقالة منذ عام 1962.
وكان خطة الموازنة الأصلية التي اقترحها بارنييه، والتي رحب بها المستثمرون، تتضمن خفض الإنفاق وزيادة الضرائب بحوالي 60 مليار يورو لخفض العجز إلى 5.00% من الناتج المحلي الإجمالي العام المقبل. لكن حزب مارين لوبان يطالب بتعديلات على ميزانية بارنييه، بما في ذلك خططه لرفع الضرائب على الكهرباء، فضلاً عن التدابير الرامية إلى الحد من الإنفاق على المعاشات التقاعدية والحد من تعويض الدولة للأدوية.
وهبط اليورو/ دولار إلى 1.0479 مقابل الإغلاق اليومي الماضي الذي سجل 1.0541. وارتفع الزوج إلى أعلى مستوى له في يوم التداول المنقضي عند 1.0568 مقابل أدنى المستويات الذي سجل 1.0460.
ولم تتأثر العملة الأوروبية الموحدة بالتطورات السياسية فقط، إذ قال مارتن كازاكس، عضو مجلس محافظي البنك المركزي الأوروبي، الاثنين إن السلطات النقدية يحتمل إلى حدٍ كبيرٍ أن تخفض الفائدة في اجتماع الأسبوع المقبل. وتضمتت تصريحاته أيضًا أن صناع السياسات في البنك المركزي يناقشون خفض أكبر للفائدة قد يكون بـ50 نقطة أساس.
وانهار الائتلاف الحاكم في ألمانيا بعد أن أقال المستشار أولاف شولتس وزير المالية كريستيان ليندنر بسبب خلافات عميقة حول التوجه الاقتصادي للحكومة، ما يمهد الطريق لإجراء انتخابات مبكرة وتشكيل حكومة جديدة.
حاء ذلك بعد قرار شولتز بإقالة وزير المالية الألماني في الرابع من نوفمبر الجاري، وهو ما أدى إلى انهيار الائتلاف بقيادة المستشار الحالي، مما يدفع بالبلاد إلى انتخابات مبكرة انطلقت حملاتها بالفعل وتُجرى أوائل العام المقبل، وهو ما يضع ألمانيا في اختبار حقيقي في حالة وصول اليمين المتشدد إلى سدة الحكم.
وتشير استطلاعات الرأي الحالية إلى أن اليمين المتشدد قد يكون ثاني أكبر تكتل سياسي بعد الحزب المسيحي الديمقراطي الذي يقوده المستشار الألماني أولاف شولتز.